البخيت عندما يحذر عباس من التنازلات
نبيل غيشان
05-05-2011 05:05 AM
أعاد رئيس الوزراء الدكتور معروف البخيت تموضع السياسة الاردنية تجاه القضية الفلسطينية وفي مقدمتها قضية عودة اللاجئين والقدس بعد ان اكد في محاضرته بنادي الملك حسين ان الاردن لن يقبل باقامة دولة فلسطينية لا تضمن حق العودة للاجئين وعودة القدس.
والجديد في الكلام ان البخيت تجرأ ووجه رسائل تحذير للسلطة الفلسطينية ودولة الاحتلال والولايات المتحدة مهددا بعدم الاعتراف بالدولة الوليدة اذا مست حقوق الاردنيين (اللاجئين) ووصل الكلام ذروته عندما حذر من "احتكار تمثيل اللاجئين وعدم السماح بباب تنازلات على حساب الحقوق التاريخية للمواطنين الاردنيين من اللاجئين".
انه موقف حكومي جرىء وجديد على السياسة الاردنية اظهر "العين الحمرا" لكل المتهافتين على السعي لاعتراف دولي شكلي بالدولة الفلسطينية في ايلول المقبل عبر هيئة الامم المتحدة, فالمطلوب اردنيا وفلسطينيا ليس اعترافا ورقيا بالدولة يعني علما وسجادا احمر وحرس شرف ونشيدا وطنيا, بل ان الاعتراف له شروطه ومكملاته من حدود وقضيتي القدس واللاجئين, وبدونهما ستعود القضية الفلسطينية لتضيع بين الطاولات في تفسير الكلمات ومقاصدها.
هذا الكلام عندما يقوله البخيت وهو اهم خبير اردني في قضية اللاجئين, سيفاجئ كثيرين لان الاطراف المعنية لم تسمعه منذ زمن طويل ,فقد حشرت الدولة الاردنية نفسها في نفق ضيق عندما روجت لمقولة "نقبل ما يقبل به الاشقاء الفلسطينيون" وهي مقولة ساذجة تريد ان ترمي الحمل عن كتفها وتضعه على كتف الطرف الفلسطيني الضعيف, كما سبق للدولة وان روجت لمقولة " بعد اقامة الدولة الفلسطينية يقرر اللاجئون (المواطنون الاردنيون) موقفهم النهائي من البقاء او العودة" وكأنه موقف شخصي لا علاقة للدولة به.
ان كلام رئيس الوزراء نقل الموقف الاردني الى حالة قومية جدية متقدمة ستضع القيادة الفلسطينية امام مسؤولياتها التاريخية, والتي يجب ان تفهم ان الاردن ليس محطة سفر, بل هو شريك اساسي في التخطيط والتنفيذ ويجب اطلاعه على كل تطورات القضية الفلسطينية وان تكون المواقف واضحة ولا تحمل وجهين.
سيهدر الكثير من الكلام في السر والعلن للرد على تصريحات البخيت وسيقال انه تسجيل مواقف متأخرة وسيتهم بانه يحاول ان يكون "لعيب او خريب" لكن المطلوب من الدولة الاردنية ان تحول كلام البخيت الى خيار استراتيجي رسمي معلن في التعامل مع الاحتلال الاسرائيلي يتبعه مواقف على الارض تدعم حق العودة وكل المنظمات التي تطالب به, وموقف اردني يشجيع اللاجئين على التمسك بحقوقهم لا التفريط فيها, والاستعداد لممارستها كلما لاحت فرصة.
وعلى الدولة ان تعرف ان بناء مصداقيتها او شعبيتها في الشارع لا يمر الا عبر الصوت الجريء والمرتفع ضد الاحتلال الاسرائيلي وضد التواطؤ الامريكي والدولي.
ان حق العودة للاجئين, ليس موقفا شخصيا, بل مسار قومي وهو ليس صك ملكية قابلا للبيع او المبادلة, فالحقوق اذا لم تمارس تسقط.
nghishano@yahoo.com
(العرب اليوم)