علاقات أردنية صينية استراتيجية ممتدة منذ عهود
السفير الدكتور موفق العجلوني
09-08-2024 11:55 AM
في لقاء حصري قبل يومين مع قناة رؤيا الأردنية اكد سعادة السفير الصيني تشن تشوان دونغ على عمق العلاقات الأردنية الصينية والتي تمتد عدة عقود ، حيث أضاف سعادته ان علينا ان ننظر الى هذه العلاقات من خلال الصورة الأكبر والاشمل ، و خاصة ان العالم الان يمر بالكثير من التغيرات الجذرية والعميقة ، و للأسف فمنطقة الشرق الأوسط منطقة مضطربة جداً و تعاني باستمرار من الصراعات ، لذا كلما كانت الأوضاع اصعب ، كلما كان علينا ان نعمل اكثر على تعزيز التعاون المستوحى من مبادرة الحزام والطريق حتي نتمكن من تعزيز تطورنا وتأمين الاستقرار. واستغلال الفرص الاقتصادية لشعوبنا من خلال الترابط وتنمية شراكاتنا الاستراتيجية بعمق. وأيضاً من حيث نطاق المبادرة التوجيهية لمبادرة الحزام والطريق التي تربطنا معاً والاستفادة ايضاً معاً.
هذه هي المبادئ التي تحتفظ بها الصين باعتبارها مستعدة للعمل مع الحكومة الاردنية والمزيد من الشراكات لاستكشاف المزيد من امكانيات التعاون. لدينا العديد من المجالات التي اعتقد انها واعدة مثل : التصنيع ، الأردن لديه أعلى نسبة من المهندسين في العالم، وإذ يقابل كل فرد أردني مهندسين اثنين. لذا نعتقد ان الأردن لديه المزيد المزيد من مجالات تطوير الاعمال التصنيعية. هناك ايضاً الطاقة المتجددة، الذكاء الاصطناعي، حيث في كل مكان اذهب اليه يتحدث الناس عن الذكاء الاصطناعي.
حديث سعادة السفير تشن تشوان دونغ يذكرني بحديث صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين حول العلاقات الأردنية الصينية حيث قال جلالته:
"نحن نثمّن ونحترم الصين باعتبارها أنموذجاً للتنمية، ونقدر دور الصين المهم قوة عالمية على المستويين السياسي والاقتصادي. وأعتقد أن لدينا اليوم فرصة جديدة للبناء عليها للوصول إلى علاقة أكثر شمولية بين الصين والأردن ضمن الأهداف المُشْتركة التي تشمل الطاقة، وقضايا التنمية، وتوسيع الروابط التجارية، وتبادل المعرفة. إن الصين بلد يحظى بالكثير من الاحترام في العالم العربي، كما أننا ننظر للصين على أنها نموذج للتنمية الاقتصادية الناجحة. وكل هذه العوامل يمكن أن تشكّل أساساً لعلاقة استراتيجيّة تؤمّن لشعبينا صوتاً مسموعاً على المسرح العالمي وفرصاً جديدة لبناء مستقبل أبنائها. ونحن نتطلع إلى استمرار الصين في دورها القيادي. فلدى الصين مخزون عظيم من المصداقية في المنطقة، وآمل أن نتمكن، من خلال العمل معاً، من الاستفادة من ذلك لبناء علاقة أوسع بين الصين والشرق الأوسط."
وأضاف جلالته تمتاز" العلاقات الأردنية الصينية بالعمق والمتانة بين البلدين الصديقين، وعلى المستويات كافة وخاصة بما يتعلق بالقضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك، وكما هو معروف، فجلالة الملك عبد الله الثاني يولي اهتماما كبيراً بالعلاقات الاردنية الصينية وتطويرها على كافة الاصعدة وفي كافة المجالات.
من هنا فحديث سعادة السفير تشن تشوان دونغ يصب في نفس الرؤيا الملكية لجلالة الملك، والتي يسعى على تحقيقها سعادة السفير منذ ان حطت رحاله في المملكة، وقد شاهدت بأم عيني وعن قرب الجهود التي يبذلها سعادة السفير واللقاءات التي يقوم بها مع الوزراء والمسؤولين في القطاعين العام والخاص على الصعيد السياسي والاقتصادي والثقافي بهدف تعزيز وتطوير العلاقات بين الأردن والصين. وكذلك حضور المؤتمرات المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي.
يضيف سعادة السفير، نعم هناك القلق، ولكن بنفس الوقت هناك الامل. ذهبت الى مؤتمر حول الجامعات وتكنولوجيا المعلومات، والثورة الصناعية الرابعة والذكاء الاصطناعي، وجرى مناقشات رائعة حول كيفية المضي قدماً التعاون بين الجامعات الصينية والاردنية والعربية لاستخدامها بطريقة جيدة. وبالطبع لدينا السياحة والتي تعد ركيزة من ركائز الاقتصاد الأردني. أجريت محادثات جيدة مع معالي وزير السياحة مكرم القيسي. وحددنا العديد من مجالات التعاون ليس فقط جلب السياح من الصين للادن، ولكن التعاون الفني في البحوث الاثرية وترميم الاثار.
وفي نظرة تحليلية للقاء السفير الصيني تشن تشوان دونغ مع قناة رؤيا حول العلاقات الأردنية الصينية، لا بد من التوقف عند المعطيات التالية:
أشار السفير إلى أهمية الأردن كمشارك فعال في التعاون الصيني العربي. حيث يتمتع الأردن بدور بارز في هذا التعاون من خلال تنظيم القمة الصينية العربية المقبلة. هذه القمة، التي ستعقد برئاسة مشتركة بين الصين والأردن، وتبرز الالتزام العميق للدولتين نحو تعزيز الشراكة الاستراتيجية وتطوير العلاقات الثنائية.
دعا السفير إلى تكثيف الجهود لبناء مجتمع صيني-عربي ذي مستقبل مشترك، وأن هذا التعاون يجب أن يساهم في التقدم البشري. وهذه اللقاءات هي فرصة لتعزيز التعاون الاستراتيجي وتوسيع نطاق التفاهم المتبادل بين الجانبين.
أشار السفير إلى أن العلاقات العربية الصينية أصبحت أكثر ثباتًا وقوة، على الرغم من اختلاف الأنظمة والثقافات. وتتم عملية تعزيز الاستقرار والتنمية من خلال التعاون المشترك.
سلط الضوء على أن الصين تعتبر أكبر شريك تجاري للدول العربية، مع زيادة حجم التجارة من ٢٠٠ مليار دولار إلى ٣٣٠ مليار دولار خلال العقد الماضي. يعكس ذلك قوة الشراكة الاقتصادية والتعاون في مجالات الطاقة والبنية التحتية.
يمثل النفط الخام العربي جزءًا كبيرًا من واردات الصين، وأن هناك اتفاقيات هامة في مجال الغاز الطبيعي. كما يبرز التطور في التعاون الصيني العربي في مجالات التكنولوجيا الرقمية، مثل تقنية الجيل الخامس، واستكشاف الفضاء، والطاقة الكهروضوئية.
تتم عملية تعزيز التبادل الثقافي من خلال إرسال الطلاب إلى الصين وبالعكس، وكذلك الاهتمام المتزايد بتعليم اللغة الصينية واللغة العربية. يعكس ذلك التزام الجانبين بتحسين التفاهم المتبادل عبر الثقافة والتعليم.
التزام الصين بالدعم المستمر للقضية الفلسطينية ودعم الصين للشعوب العربية منذ تأسيسها. ودعم حقوق الشعب الفلسطيني واقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية وعدم مقايضة حقوقهم بمصالح سياسية.
يعكس حديث سعادة السفير الصيني تشن تشوان دونغ تواصلاً قوياً والتزاماً متزايداً بتعزيز العلاقات بين الصين والأردن والدول العربية، مع التركيز على التعاون الاقتصادي والتبادل الثقافي والدعم السياسي المشترك، خاصةً في القضايا الإقليمية الهامة مثل القضية الفلسطينية.
بنفس الوقت يقدر الأردن عالياً جهود جمهورية الصين الشعبية لدعمها الدائم للأردن في مختلف المجالات خصوصًا دعمها المستمر لمشاريع البنية التحتية والمشاريع في قطاعات الصحة والتعليم ومشاريع التنمية المحلية. و لا ننسى الدور الكبير لسعادة السفير تشين تشوان دونغ و كافة زملائه أصحاب السعادة السفراء السابقين و الذين تربطني بهم علاقة صداقة و تقدير واحترام وخاصة منذ ان تشرفت بترأس وفد الأردن لمنتدى التعاون العربي الصيني الذي عقد في بكين عام ٢٠٠٩، في اخذ العلاقة بين المملكة الأردنية الهاشمية و جمهورية الصين الشعبية و بتوجيه القيادتين الحكيمتين بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين و فخامة الرئيس الصيني شي حين بينغ الى معارج التقدم و الرقي و النجاح و في كافة المجالات .
* السفير الدكتور موفق العجلوني/ المدير العام مركز فرح الدولي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية .
muwaffaq@ajlouni.me