لم تستطع إسرائيل على مدار عشرة شهور رغم الذي اقترفته من مذابح بحق الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية وممارسة سياسة الاغتيالات للقادة الفليطينيين وكان اخرها إغتيال الشهيد اسماعيل هنية ، أن تسجل نصرا مهما كان صغيرا بل على العكس ، فهي تشهد انقسامات أفقية وعامودية على الجانب السياسي والاجتماعي وإرباك عسكري كبير ، وتسجل خسائر ضخمة على المستوى الاقتصادي ، وتزداد عزلتها كل يوم على المستوى الدولي ، في المقابل ورغم شلال الدم يسجل الشعب الفلسطيني مكتسبات على المستوى الدولي نحو حقه في الحياة كباقي البشر ، ذلك حينما اعترفت معظم دول العالم بدولته وكسبه تضامن حقيقي عالمي على المستوى الرسمي والشعبي ، في الوقت الذي لا زالت مقاومته حتى اللحظة ثابتة وفعالة في المعركة .
إسرائيل جرت العالم إلى حالة الصدام التي نعيشها اليوم في منطقتنا وتحولت إلى ساحة حرب مفتوحة ، من غير الوارد التنبؤ بنتائجها وامتداداتها ، مع كل هذا لا زالت حكومة الإرهابيين في تل أبيب تصر على التعنت والاستمرار في مدبحة الفلسطينيين ، وتتسبب في خلق جبهات جديدة متعددة متأهبة للحرب ، الحال الذي جعل العالم يترقب ويرصد بتوتر شديد لحظة الإنفجار .
المعضلة الكبرى في هذا الوضع أن الضغوطات الدولية لم تتحول حتى اللحظة من محاولات الإقناع إلى الضغط الحقيقي على نتنياهو لنزع فتيل الحرب التي إن توسعت وفلت زمامها ستصل نيرانها إلى مساحات كبيرة في العالم ، والمخجل أن بعض الدول خارج حدود المنطقة لا زالت تردد العبارة المشؤومة أن من حق إسرائيل أن تدافع عن نفسها متجاهلة أفعال إسرائيل ضد المدنيين في فلسطين وغائب عنها السؤال الكبير أمام من تدافع دولة الاحتلال عن نفسها ، فهل الأطفال والنساء يهددون أمنها لتقتلهم بدم بارد .
إسرائيل دولة محتلة لأرض غيرها ، ومن حق الشعب الفلسطيني أن يقاومها على طريق تحرير أرضه بكل السبل التي أقرها القانون الدولي والمقاومة في مقدمتها ، ولا يجوز الوقوف إلى جانب الجلاد على حساب الضحية ، في وقت يدعي به العالم أنه في زمن العدالة وحماية حقوق الإنسان ورفض أي نوع من الاحتلال لأرض الغير .
من مكتسبات الفلسطينيين لهذه الحرب أن وجه إسرائيل البشع ظهر على حقيقته لكثيرين في العالم الذين كانوا يعتبرون أن إسرائيل جزيرة الحضارة والديمقراطية واحترام الإنسان في بحر متخلف لا يعرف الديمقراطيه ولا قيمة لحياة البشر ، وتبين لهم أنها بؤرة للشر والقتل وهذا ما يعكسه خروج الملايين في العالم مطالبة إسرائيل بوقف المذبحة والتوقف عن دعمها ومنع تزويدها بالسلاح الذي تقتل بواسطته أطفال فلسطين ونسائها .
إسرائيل اليوم تعيش أتعس أيامها لأن الدم الذي تسفكه في فلسطين لابد أن يكون له ثمنا باهظا ولن تستطيع أن تفلت من لعنته ولن يستطيع نتنياهو والإرهابيون الذين معه أن يستمروا في جريمتهم ، فالعالم اليوم أصبح أكثر وعيا لما يحدث في فلسطين وربما يشعر بالذنب على تواطئه في استمرار الاحتلال وحرمان الفلسطينيين من حقوقهم ما يقارب القرن من الزمان ، فمن كان يظن قبل السابع من أكتوبر من العام الماضي أن تمثل إسرائيل أمام المحاكم الدولية لإدانتها بجرائم حرب وتلوح باصدار مذكرت اعتقال لقادتها، وأن تقضي هذه المحاكم بعدم شرعية احتلالها لفلسطين ، ومن كان يخطر على باله للحظة أن مسؤولين غربيين كبار يقومون بإدانة إسرائيل والمطالبة بمعاقبتها واعتبارها دولة إجرام بعد أن كانت الطفل المدلل في العالم الذي لا يرفض له طلب .
إذن الحرب التي تشنها إسرائيل على الفلسطينيبن انقلبت عليها وتحولت إلى لعنة وسيذكرها التاريخ كما يذكر جرائم المغول والتتار .
الخطورة فيما يحدث اليوم ان الارهابيين الذين يحكمون اسرائيل اليوم أمثال نتياهو وسمورتيج وبن غفير وغيرهما استطاعوا أن يحولوا مساحات كبيرة من المجتمع الإسرائيلي إلى الكراهية والحقد وحشده خلفهم وهذا ما تثبته استطلاعات الرأي الأمر الذي يعطي هولاء حصانة شعبية للاستمرار في جرائمهم ..لكن هذا في النهاية سيعود بالخسارة على إسرائيل ولن تسطيع ان تخرج من الهوة التى اسقطها هؤلاء بها...