عمون - موسى الصبيحي - وقف مهندس الكهروميكانيكا مذهولاً أمام حالة تعطل جزئي لأسانسير العمارة التي أقطن فيها، وعندما سألته عما إذا كان الأسانسير سيبقى في حالة تعطل أم أن من الممكن عودته إلى ما كان عليه صالحاً للإستعمال البشري الآمن.. ضحك ضحكة مجلجلة أدهشتني، وقال: عذراً.. هل كنت حقاً تستخدم الأسانسير في صعودك إلى شقتك..!!؟ أجبت مستغرباً سؤآله: بالطبع.. فأنا لا أستطيع الصعود كل مرة إلى شقتي في الدور الرابع ماشياً وقد تجاوزت السادسة والأربعين..!!

قال: ولكن كيف..!!؟ كيف تستخدمون أسانسيراً غير صالح تماماً للعمل، فثمّة عطل رئيسي فيه، حتى لو رأيتموه يتحرك صعوداً ونزولاً فمن المحتمل أن يتوقف في أي لحظة..!!

قلت: ولكننا على هذه الحالة منذ أمد.. ولم يحدث ما قلت..!

قال: مغامرة..!! قد يكون ذلك صحيحاً من الناحية العملية، ولكن من الناحية العلمية مستحيل أن أصدّق أنه لم يتعطل تماماً في لحظة ما من صعود أو هبوط..! ولما بدأتُ أدرك ما يقوله مهندس الصيانة تذكرت أمراً ما وقلت متسائلاً: إن غالبية سكان العمارة يشعرون بنوع من الدوار "الدوخة البسيطة" أثناء استخدامهم للأسانسير.. فبمَ يمكن تفسير ذلك.. ؟! قال: لا أستطيع أن أجيبك، يمكن توجيه السؤآل إلى طبيب.. ولكن ما يحصل في مثل هذه الحالة أن سعة الأسانسير غير المكانية تتغير، وبصورة متناقضة تماماً زيادة أو نقصاً.. الأمر الذي يفسّر شعوراً بالضيق في حالة الزيادة أو شعوراً بفقدان الوزن في حالة النقص.. وفي كلا الحالين يبدأ الشعور بالدوار..!! وأردف متلفتاً حوله: ولكن أين بقية سكان العمارة.. لماذا لا يطالبون مثلك بإصلاح أسانسيرهم، ألا يستخدمونه.. ألا يعنيهم الأمر..!؟ قلت: بلى وهم يعانون مرّ المعاناة، وبعضهم من كبار السن، ولكنهم يائسون..!! قال: ولماذا اليأس إذا كان بالإمكان إصلاحه وصيانته.. قلت: ليس الأمر بهذه البساطة، فقد جرّبنا إصلاحات كثيرة ولكنها لم تكن مجدية، فحالة الدوار لم تتوقف تماماً فقد يستمر الوضع جيداً لأسبوع أو شهر ثم لا يلبث أن يخرب وتعود "الدوخة".. المهندسون كُثُر وفنيو الصيانة كُثُر، ولكن المشكلة لم تُحَلّْ..!!
أما القراءة النهائية فتقول: ثمّة خليط تاريخي عجيب في إصلاح الأسانسير، ولهذا قمت بإبلاغ سكان العمارة بأمر مهندس الكهروميكانيكا، وبقدراته الفنية على الإصلاح، لمجرد قناعة عابرة بأنه سيفعل ما لم يفعله مهندسون وفنيون كُثُر تناوبوا على إصلاحه عقداً من الزمن..!! وعندما اجتمعنا في ساحة العمارة للتباحث في الأمر، وأطْلعتهم على حقيقة أن الأسانسير الذي نستخدمه ليس صالحاً تماماً للعمل، وأنه عرضة للتوقف فجأة دون احتياطات أمنية كافية بسبب اهتراءات بفعل الزمن وتدخلات واستخدامات متكررة خاطئة.. بدأ السكان حراكاً تاريخياً غير معهود، وهتفوا معاً: السكان يريدون إسقاط الأسانسير..!!
عندها التفت إلى مهندس الصيانة وقلت له: اهرب فثمّة اهتزاز في العمارة.. ولا داعي لإصلاح الأسانسير..!!

Subaihi_99@yahoo.com