من يتفوق الجغرافيا الاردنية أم دبلوماسيتها من الحرب الايرانية الإسرائيلية المتوقعة؟
د. آمال جبور
06-08-2024 09:56 PM
سلسلة من الاتصالات الدبلوماسية رفيعة المستوى تقوم بها عمان عشية الحرب الاسرائيلية الايرانية المتوقعة خلال الساعات القادمة، تؤكد من خلالها على سيادتها ومصالحها الخاصة في الساحتين الاقليمية والدولية.
الحرب الاسرائلية الايرانية المتوقعة خلال الساعات القليلة القادمة تضع الاردن في موقف سياسي واسترتيجي حرج من اطراف النزاع المختلفة نتيجة انزلاق الجغرافية الاردنية مرة اخرى نحو دائرة الصراعات الجيوسياسية التي يحاول الاردن تاريخيا ان ينأى بنفسه عن ملفات ساخنة محيطة تستدعيه في كل انعطاف مزيدا من الحراك السياسي والدبلوماسي لتفادي الكلفة الامنية على حدوده وانعكاساتها صوب مواقفه وثوابته نحو القضايا الوطنية والقومية من جهة ومصالحه السياسية في الساحتين الاقليمية والدولية من جهة اخرى.
فقد شهدت الساعات القليلة الماضية محاولات نشطة وسريعة للدبلوماسية الاردنية عبر التواصل مع اطراف اقليمية ودولية لتوضيح موقفها نحو الحرب المتوقعة بين اسرائيل وايران والتي بدأ الوعيد باشعالها واشعال المنطقة برمتها كرد على اغتيال اسرائيل لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية خلال زيارته لايران لحضورحفل تنصيب الرئيس الايراني الجديد.
هذه الاتصالات بدأتها عمان مع الايرانيين بزيارة غير متوقع لوزير الخارجية الاردني ايمن الصفدي كخطوة مباشرة وغير متوقعة في كسر الجمود في العلاقات التاريخية بين البلدين، اكد من خلالها موقف الاردن الواضح والمحايد تجاه الحرب المتوقعة القادمة وشرح اولوياتها السيادية والامنية التي تفرضها الجغرافية الاردنية.
وفي خطوة اخرى فان اتصالا مطولا قام به الملك عبدالله الثاني مع الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون امس لصالح العمل على تهدئة شاملة لكي لا تدخل المنطقة برمتها بحرب لها امتدادات في الساحة الاقليمية، ما ينذر لحالة من الفوضى على الحدود الاردنية المحاطة اصلا بملفات وازمات متراكمة ومركبة ضاعفتها أحداث 7 اوكتوبر وبالتالي شن اسرائيل حربها على غزة.
ومع تسارع الأحداث واتخاذها مسارات متوترة لتصريحات التهديد والوعيد لاطراف النزاع المختلفة، فقد استقبل الملك عبدالله الثاني اتصالا من الرئيس الامريكي جو بايدن ناقشا الجهود المبذولة لتهدئة التوترات في المنطقة، لتعزيز السلام والأمن الإقليميين، تزامنا مع اعلان البيت الابيض لنشر " قدرات عسكرية" اضافية في الشرق الاوسط كاجراء دفاعي بهدف تهدئة التوتر في المنطقة، وان دل ذلك، فان الحرب بين اسرائيل وايران قادمة لا محال، وان الحراك الدبلوماسي الاردني في اعلى مستوياته يحاول طرق ابواب الدبلوماسية الدولية والاقليمية للتهدئة او لتخفيف حدة النزاع بين الأطراف من جهة، ولرسم موقف الاردن المحايد واتخاذ سياسة النأي بالنفس لعزل الجغرافية الاردنية عن اي تبعات امنية وسياسية تطول المصالح الاردنية الوطنية وعلاقاتها مع الاطراف المختلفة. ولكن هل تستطيع الدبلوماسية ان تتفوق على الجغرافيا في الحالةالاردنية؟
هذه الجغرافيا التي تحيطها من الجهة الشرقية الحشد الشيعي العراقي الذي يتأهب منذ اندلاع الحرب الاسرائيلية على غزة، والمليشيات السورية ومجموعات التهريب من الشمال والحوثيون من الجنوب، فيما ابتليت الجغرافيا الاردنية على جهتها الغربية بالكيان الصهيوني بؤرة الصراع العربي الاسرائيلي ومصدر استفزاز للمنطقة والاردن بشكل خاص، فرضت جميعها تسارعا نشطا للدبوماسية الاردنية مع أطراف النزاع محاولة نشر رسائل التهدئة من جهة وتقديم موقفها من الحرب المتوقعة في عنوانها العريض" سياسة النأي بالنفس" شارحة اولوياتها الامنية والسيادية، وموضحة موقف الاردن بانه لن يحسب عملياتيا مع اي طرف في النزاع، لتَحيّد الجغرافيا الاردنية عن تبعات اندلاع الحرب المتوقعة بين اسرائيل وايران، وشركاء الثانية المتمركزين على الحدود الاردنية، وشركاء الاولى وقواعدهم العسكرية التي لا تخلو اي بلد عربي منها كما هو معلوم للجميع، بالاضافة للقواعد المتمركزة في البحر الاحمر بطبيعة الحال.
الجغرافيا الاردنية والدبلوماسية الاردنية تناضلان في الساعات القادمة من اجل التهدئة وعدم سحب المنطقة لحرب موسعة، وعدم استخدام الاجواء والاراضي الاردنية لاي طرف في النزاع، فمن سيتفوق في قادم الساعات الدبلوماسية الاردنية ام جغرافيتها التي اجبرت الاخيرة القرار السيادي الاردني في شهر ابريل الماضي2024 للرد على اختراق الاجواء الاردنية من قبل ايران بعد استفزاز اسرائيلي، كحق سيادي اردني، كما اعلن وقتها وزير الخارجية ايمن الصفدي؟