قبل أيام كان العالم يترقب تصريح رئيس مجلس الاحتياطي الأمريكي بشأن سياسة سعر الفائدة وسبق ذلك أن ظهر مؤشر عدد الوظائف في الاقتصاد الأمريكي، حيث ارتفع معدل البطالة إلى 4.3%، وهو ما يزيد على التوقعات التي كانت تشير إلى 4.1%.
وهكذا أضاف الاقتصاد الأمريكي 114 ألف وظيفة في شهر يوليو الماضي، وهو ما يقل عن التوقعات التي كانت تشير إلى 176 ألف وظيفة. ويمثل هذا أعلى معدل بطالة في الولايات المتحدة منذ شهر نوفمبر 2021 بمعنى أنه قد بدأ سوق العمل في التدهور.
أدى الارتفاع في معدل البطالة إلى الاستعانة بقاعدة Sahm من أجل التحقق من حدوث ركود اقتصادي، والتي تقول إن الاقتصاد الأمريكي يكون في حالة ركود عندما يرتفع متوسط معدل البطالة المتحرك لمدة ثلاثة أشهر بنسبة 0.5% من أدنى مستوى له في 12 شهراً، وهو الأمر الحادث حالياً، بحسب موقع Business Insider.
وتعد القاعدة مؤشراً للركود طورته خبيرة الاقتصاد السابقة في الفيدرالي الأمريكي «كلوديا ساهم»، ومؤشراً مثالياً لقياس حدوث ركود خلال آخر تسع حالات على الأقل.
تاريخياً من المرجح أن يحدث ركود اقتصادي إذا ارتفع معدل البطالة (متوسط 3 أشهر) بنسبة 0.5% من أدنى مستوياته وفي الواقع فإنه متوسط معدل البطالة على مدى ثلاثة أشهر هو 4.1%، وهو أعلى بمقدار 50 نقطة أساس من أدنى مستوياته على مدى 12 شهراً»
ومن الجدير بالذكر أنه قد تم تفعيل القاعدة في كل ركود اقتصادي في الولايات المتحدة منذ عام 1970، مع وجود حالتين إيجابيتين كاذبتين فقط (1959 و1969) كانتا سابقتين لأوانهما ببضعة أشهر. ومع الزيادة الأخيرة في معدل البطالة، فقد تم تفعيلها للتوّ.
وهنا أصبح لدينا الآن - منحنى عائد سندات مقلوب لمدة 25 شهراً، على قدم المساواة مع الفترة 2007-2008 و- اقتصاد متباطئ مع انخفاض خلق الوظائف في القطاع الخاص.
وعند الحديث عن آخر التوقعات بشأن أسعار الفائدة فقد أصدر محللو «جيه بي مورجان» توقعات مماثلة ل «سيتي جروب»، قال الخبير الاقتصادي لدى البنك «مايكل فيرولي» إن هناك «حالة قوية» للتحرك الآن وعدم الانتظار للاجتماع القادم في 18 سبتمبر. حذر «فيرولي»، من أن رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول قد لا يرغب في إضافة المزيد من الضوضاء إلى ما كان بالفعل صيفًا ممتلئاً بالأحداث، مضيفاً أنه كان ينبغي للفيدرالي خفض الفائدة الأسبوع الماضي.
وطالب البعض بأنه حتى ألا يتأخر جيروم باول عن الاجتماع القادم للمجلس الاحتياطي لتخفيض سعر الفائدة وإنما أن يقطع إجازته ليخفض هذا السعر.
هذا التأخر هو كل ما يخشاه المستثمرون بالفعل، والآن في ظل نتائج الأعمال المتباينة لشركات التكنولوجيا، واحتمال الركود الاقتصادي الحاد، ومع التوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط، قد يكون التراجع عميقاً في الأسواق الأمريكية والعالمية إذا ظل الفيدرالي غائباً عن المشهد وهذا ما حصل الأسبوع الماضي.
ومع كل ما جاء أعلاه فإن ما قاله رئيس الفيدرالي الأمريكي من أنه «إذا تراجع التضخم بسرعة وبقي النمو الاقتصاد قوياً نوعاً ما وسوق الوظائف مستقرة كما هي الآن قد يكون خفض سعر الفائدة على طاولة اجتماعنا في سبتمبر» حسب ما ذكر بأول.
وبالتالي فإن الخفض في سعر الفائدة ليس حتمياً في سبتمبر وهو ما نتوقعه أيضاً أن تبقى أسعار الفائدة كما هي الآن مع بدء تخفيضها مع نهاية العام 2024 مع انتخاب الرئيس الأمريكي الجديد والله أعلم.
* د. رامي كمال النسور/ مستشار الأسواق المالية والاستدامة.
"صحيفة الخليج الاماراتية"