لا يبدو أن ايران تريد حربا حقيقية، فتقول طهران في قرارة نفسها " هل أضحّي بمفاعلات نوويّة و منشآت متطورة متقدمة سوف تقصف حال وقوع حرب ، من أجل أي طرف "؟.
عنصر المفاجأة الذي من الواضح لم يعد موجودا ضمن حسابات طهران ، يدلّ بشكل كبير على عدم رغبتها أو سعيها لحرب اقليمية ، فعلى عكس ما تقوم به اسرائيل من انتهاكات و اغتيالات هنا و هناك ، لا زالت تعوّل و تعتمد بشكل كبير على هذا العنصر ، فالعالم يُصدم كما الاطراف التي تستهدفها تل ابيب ، فنسمع منها تصريحات استباقية فضفاضة لكنّها لا تُعطي جداول زمنية.
اسرائيل التي لم تأبه للقانون الدولي أو تحترم مواثيق الامم المتحدة و حقوق الانسان يوما ، هي من تسعى للحرب على عكس البقية ، و كأنّها ترى نفسها دخلت مستنقعا ، الانتهاء منه أقرب من الخروج منه ، و معادلاتها الحسابية نحو النهاية موجبة النتيجة على عكس سلبية الرجوع للبداية ، لذلك تحاول أن تشعل الحرب لتفتح جبهة واحدة تُنهي بها حسب رأيها كل المعوّقات.
يسأل رجل الشارع البسيط ، كيف لايران تحرير فلسطين ما دامت تحدّد موعد ضربتها أو استهدافها؟.
هذا السؤال من ابجديات الحروب ، فمن يستهدف طرفا مستعدا يختلف عن استهدافه طرفا ليس بحالة الجهوزية ، فعنصر المباغتة ومنذ أن اصطنع البشر الحروب، كانت له الافضلية بانهاء حروب أو معارك و تغيير بوصلة المنتصر و الخاسر.
اذن، هل تتعمّد طهران الاعلان عن ردّها لشرعنة الرد بحد ذاته؟.
قد ترى ايران أن الاعلان قبل الاستهداف يشرعن الرد عالميا ، حيث ترى الدول أن هذا الرد شرعي لها بوجه الاستهداف و الاختراق الاسرائيلي المتكرر لها إما عبر اذرعها في لبنان و سوريا و العراق و اليمن أو عبر الاستهداف الخطير لها في عقر دارها ، و على الجانب الآخر تريد حصرا للخسائر يضع تل أبيب في حالة رد هادئ لا انتقام جامح اثر خسائر فادحة.
تل أبيب اليوم ترى بأنّها بدأت مهمة قبل عدة أشهر و تريد استكمالها ، و للأسف تقف الدول الغربية معها بشكل غريب ، فعلى عكس الشعوب التي ترى ضرورة انهاء الاعتداء على غزة ، ترى الانظمة الغربية بأنّ تل أبيب لها الحق في انهاء حماس ، بينما على ارض الواقع من يتم استهدافهم يوما بعد يوم هم المستضعفون في غزة !
حماس والمفاجأة...
منذ السابع من اكتوبر، اعتمدت حماس بشكل كبير على عنصر المفاجأة ، بيد أن قدراتها تزداد وطأة بالاعتماد على هذا العنصر ، فعندما قامت بعملية طوفان الاقصى، كانت العملية صادمة بقدر مفاجأتها و مباغتة بقدر ذهول الطرف الاسرائيلي منها ، و على مدار عشرة اشهر ، كان ردود حماس المصوّرة و التي تبثها كل يوم تعتمد على مباغتة الاسرائيلي و استهدافها بشكل فجائي ، هذه الفجوى بين نهج حماس و نهج ايران درستها طهران و استنتجت أن الاعلان يخفّف "ردّ الفعل".