خبراء: إصلاح التعليم يبدأ من رياض الأطفال لا التوجيهي
05-08-2024 12:50 PM
* بدران: التغييرات الشكلية لا تعالج نهائيًا، إذا لم يتم الإصلاح بشكل جذري
* دعاس: التوجيهي الجديد أقر دون أن يأخذ حقه من النقاش وفي ظل ضبابية كبيرة في تفاصيله
* عبيدات: وزارة التربية اتخذت قرارًا بتطوير التوجيهي دون التعليم
عمون - عقدت الحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة "ذبحتونا" ملتقى وطنيًا تحت عنوان: "التوجيهي الجديد: نقلة نوعية أم قفزة في الهواء؟!" شارك فيه مجموعة من الباحثين والمختصين.
وفي بداية الملتقى رحب الدكتور فاخر الدعاس منسق الحملة بالحضور، وأكد على أن هذا الملتقى يأتي لتسليط الضوء على ملف يعني مئات آلاف الطلبة والمواطنين. مشيرًا إلى أن نظام التوجيهي الجديد تم إقراره دون أن يأخذ حقه من النقاش وفي ظل ضبابية كبيرة في تفاصيله، حيث لم تقم الوزارة حتى اللحظة بإصدار تعليمات رسمية بكافة تفاصيله، علمًا بأننا نتحدث عن مرحلة مفصلية في حياة الطالب.
ولفت إلى أن التوجيهي الأردني بصيغته الحالية يحظى بسمعة محلية وعربية ودولية، ومعترف به في معظم دول العالم، وهو من المنظومات المحدودة في الأردن التي لم ينخرها الفساد أو الواسطة والمحسوبية. مبديًا استغرابه من قيام وزراء التربية المتعاقبين باستسهال "إصلاح" التوجيهي، علما أن الأولوية يجب أن تكون لإصلاح العملية التعليمية كمنظومة متكاملة.
من جهته أكد الدكتور إبراهيم بدران وزير التربية الأسبق على أن أي تغيير يجب أن يتم بالجوهر لا الشكل، مشيرًا إلى أن التركيز على المسائل الجوهرية هو الذي يحدث الفرق، أما التغيير الشكلي فهو كثير وبلا قيمة حقيقية. ولفت إلى ضرورة أن نحدد المشكلة التي نريد حلًا لها.
وأشار بدران إلى أن المطلوب زيادة الانفاق على التعليم. حيث تشير الأرقام إلى أن كلفة الإنفاق الحكومي على الطالب الأردني لا تتجاوز الـ 600 دينار، فيما تنفق الحكومة الأمريكية على الطالب الأمريكي -على سبيل المثال 7000 آلاف دولار للتعليم الاساسي. إذن المطالبة بزيادة الإنفاق على التعليم أمر لا جدال فيه.
ولفت إلى تراجع المدارس الحكومية وانتشار كبير للمدارس الخاصة في الآونة الأخيرة، وإلى أن القبول الجامعي يجب أن يكون محكومًا بالمقاعد وليس بالمعدل. منوهًا إلى أن التركيز اليوم -للأسف- هو على القبول الجامعي وليس اصلاح التعليم. وختم حديثه بالتأكيد على أن التغييرات الشكلية لا تعالج نهائيًا، إذا لم يتم الإصلاح بشكل جذري.
من جهته تساءل الخبير التربوي الدكتور ذوقان عبيدات عن العلاقة بين تطوير التعليم والتوجيهي؟! مشيرًا إلى أن الوزارة اتخذت قرارًا بتطوير التوجيهي دون التعليم. وأشار إلى أن أي تعديل على امتحان التوجيهي يجب أن يحقق شرطين: العدالة وتخفيف التوتر، متسائلًا إن كان التوجيهي الجديد يخفف التوتر او يراعي الفروقات؟!
كما أبدى عبيدات استغرابه من التأخر بإصدار التعليمات المتعلقة بالحقول، مشيرًا إلى أن طلبة الحقل الطبي وفق تصريحات الوزارة لا يحق لهم دراسة الهندسة -على سبيل المثال-!! كما نوه عبيدات إلى أن تجربة تدريس مواد لا تدخل في امتحان التوجيهي وتتطلب فقط النجاح المدرسي أثبتت فشلها وبالتالي فإن التوسع بها أمر مستغرب.
وتحدث الدكتور صالح نصيرات نائب مدير المركز الوطني للمناهج سابقًا، حيث أشار إلى استغرابه من إعطاء طالب البرامج الدولية ميزة إضافية على طلبة البرنامج الوطني، كون خريج البرامج الدولية يستطيع التقدم لمعظم التخصصات فيما تنحصر خيارات طالب التوجيهي الوطني بتخصصات محدودة.
ولفت إلى أن الوزارة كانت مشدودة لتطوير التعليم من زاوية المناهج فقط لا غير، فيما تم تغييب كافة الجوانب الأخرى وخاصة ما يتعلق بالبنية التحتية والخدمات اللوجستية وتأهيل المعلمين. وأكد على أن أي تعديل على المناهج أو التوجيهي أو المنظومة التعليمية برمتها يجب أن يكون وفق رؤية أردنية وطنية خالصة ومتكاملة.
وقدم الأستاذ مالك ابو الهيجا كلمة حملة ذبحتونا، حيث أكد على أن نظام التوجيهي الجديد لن يستطيع الصمود في ظل الثغرات الكبيرة في داخله، وخاصة ما يتعلق بربطه بأسس القبول الجامعي.
ولفت إلى أن هذا النظام هو نظام قبول جامعي أكثر منه نظام توجيهي، مشيرًا إلى أن السواد الأعظم من النظام بشكله الجديد هو من صلاحيات وزارة التعليم العالي ووحدة القبول الموحد وليس وزارة التربية.
ونوه أبو الهيجا إلى أن أخطر ما في هذا النظام هو تقسيم الفرع الأكاديمي إلى حقول، وطريقة تقسيم هذه الحقول. هذا التقسيم لن يصمد كثيرًا على أرض الواقع وسيواجه إشكاليات كبيرة تؤدي إلى عدم قدرته على الاستمرار. ما سيؤدي إلى التراجع عن هذا النظام في غضون عامين أو ثلاثة كحد أقصى!!
خطورة هذا التقسيم لا تتوقف عند القبول في الجامعات الأردنية، بل إن خريج التوجيهي الأردني وفق الحقول التي تم إقرارها سيجد نفسه غير قادر على الالتحاق في معظم الجامعات العربية والدولية، حيث تعتمد هذه الجامعات دراسة مواد الرياضيات والفيزياء والكيمياء والأحياء بشكل أساسي كشرط للقبول في التخصصات الطبية والهندسية.
وتساءل أبو الهيجا: كيف يتم إلغاء مادة الرياضيات والفيزياء لطلبة الحقل الصحي؟!! ألا تعلم الوزارة أن هذا سيؤدي إلى عدم اعتراف مئات الجامعات العربية والعالمية بشهادة التوجيهي للحقل الصحي؟!
وقدم الخبير التربوي الدكتور مصطفى النوباني كلمة لفت فيها إلى تصريحات وزير التربية بوجود أمية في طلبة الصف العاشر (لا يقرأ ولا يكتب)، الأمر الذي يؤكد على أن أي إصلاح في العملية اتلعليمية يجب أن يبدأ من الصفوف الأولى.
وتساءل النوباني: كيف نلوم الطالب على تحصيله العلمي وغياباته المتكررة وهو يدرس في غرفة صفية بها 65 طالب؟! كيف يستطيع المعلم والطالب التحصيل العلمي في ظل هذا العدد من الطلبة في الغرفة الصفية؟ المشكلة إذن في وزارة التربية وليس في اطالب أو المعلم.
من جهته، رحب الخبير التربوي الأستاذ نعيم دحبور بالنظام الجديد للتوجيهي كخطوط عريضة، إلا أنه لا يزال غامضًا من ناحية التفاصيل كآلية احتساب المعدل أو دمج الحقول، أو مدى إمكانية عقد الامتحان أربع مرات في السنة كما ذكر الوزير.
ولفت دحبور إلى أن خلق المشكلة النفسية بالتوجيهي تتحملها الوزارة نفسها بتعقيد الامتحان. مشيرًا إلى أن اسئلة التوجيهي تخضع لمزاج واضع الأسئلة، منوهًا إلى أن وزارة التربية لا تستشير الميدان، كما أشار إلى غياب التنسيق بين الوزارة والمركز الوطني للمناهج في اعتماد المناهج مثال (اللغة العربية).
وفي المداخلة التي قدمها الناشط النقابي والمشرف التربوي الأستاذ علاء أبو طربوش أكد أن أصحاب القرار لا يستمعون للأصوات الشعبية أو مؤسسات المجتمع المدني. وتساءل: هل قرار التطوير هو قرار مستقل لوزارة التربية؟! مشيرًا إلأى أن الامتحان الوطني اليوم ليس له بديل وهو امتحان موضوعي رغم ما به من ثغرات.
ونوه أبو طربوش إلى أن تغيير نظام امتحان التوجيهي هو دليل على تخبط الوزارة، وتنفيذأ لإملاءات من البنك الدولي، كما كان إنشاء المركز الوطني للمناهج، مؤكدًا على أن غياب نقابة المعلمين لعب دورًا كبيرًا في تسهيل مرور نظام التوجيهي الجديد.
من جهته أشاد المشرف التربوي الأستاذ محمد الفقها بنظامالتوجيهي الجديد واعتبر أن المناهج الجديدة وخاصة منهاج اللغة الإنجليزية هي مناهج متطورة وتواكب العصر. مشيرًا إلى أنه يمكن وضع حصص إضافية لمادة اللغة الإنجليزية
كما لفت إلى أن الهجوم على المدارس الحكومية يأتي بهدف تغييب دورها الاجتماعي، مشيرًأ إلى وجود مدارس حكومية تضاهي بل تتفوق على العديد من المدارس الخاصة.
وفي ختام الملتقى أكد المشاركون على النقاط الآتية:
1_ أي إصلاح حقيقي في العملية التعليمية والنهوض بها يجب أن يبدأ من رياض الأطفال صعودًا إلى التوجيهي وليس العكس كما تقوم الوزارة منذ أكثر من عشر سنوات.
2_ لا يستقيم أن يتم الحديث عن تطوير التعليم في ظل خفض ميزانية وزارة التربية، وتقليص أعداد المعلمين، والتوسع في تعيين المعلمين على "الإضافي" دون تثبيت، ورفع نصاب المعلم، إضافة إلى ضعف البنية التحتية والخدمات اللوجستية والاستمرار بنظام الفترتين
3_ المطالبة بزيادة ميزانية وزارة التربية بما يتناسب مع عدد الطلبة، وتقديم بنية تحتية وخدمات لوجستية قادرة على مواكبة التطور الكبير في العلم والتعليم على المستوى العالمي.
4_ توفير العدد الكافي من المعلمين بما يتناسب مع عدد الطلبة، وزيادة رواتبهم وتأهيلهم عبر دورات مكثفة تسهم بالارتقاء بهم.