آخر الاستطلاعات أن 62 % من الأميركيين يعتقدون أن الذكاء الاصطناعي سيؤثر بشكل كبير على العمل وأصحاب الوظائف على مدار العشرين عامًا القادمة، لكن 28 % فقط يعتقدون أن التكنولوجيا ستؤثر عليهم شخصيًا، وبأن التعلم العميق سيؤدي في نهاية المطاف إلى إلغاء العديد من الوظائف وإعادة هيكلة العديد من الوظائف الأخرى، مما يستوجب تشخيصاً ذاتياً لكل فرد في المجتمع.

ستزداد العمليات تسارعاً بعد ان تتخلص الأدوات الحالية التي هي قيد التطوير من الهلوسة او اختلاق الأشياء حيث لا يمكن استخدامها دون تدقيق للتأكد من صحتها، علاوة على ذلك يمتلك حالياً المستخدمون معرفة إضافية لا يمتلكها الذكاء الاصطناعي.
مبدئياً استطاع هذا الذكاء المتقدم اتمتة العديد من المهام الروتينية مثل تدوين الملاحظات، وتلخيص المستندات، وصياغة رسائل العملاء الشخصية. ومن شأن ذلك التركيز على الأنشطة ذات القيمة المضافة، بمعنى داخلياً تحسين الكفاءة التشغيلية، وخارجياً التوسع في نطاق وحجم منتجات الشركات مما يخلق فرص عمل جديدة.
هناك جوانب مشرقة ولنتذكر ان ظهور الآلة الحاسبة لم يجعل الرياضيات أقل أهمية، ولكنه غير المهارات الرياضية التي أصبحت هي المهمة، لذلك القلق الحقيقي الذي ينبغي أن يساور الناس هو ما إذا كان سيتم استبدالهم بأولئك الذين لديهم عقلية رقمية أم لا، لأن المستقبل سترسمه البيانات والخوارزميات والذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي.
امثلة صارخة مؤخراً منها ان تغييرًا جذريًا حدث في طبيعة التداول في وول ستريت بأن أصبح الذكاء الاصطناعي يحدد درجات الائتمان للعملاء الحاليين والمحتملين، كما اصبحت أنظمة الذكاء الاصطناعي تساعد في إنتاج تنبؤات مبيعات دقيقة للغاية، والتي عادةً ما تستغرق المديرين أيامًا وأسابيع للتنسيق معًا، مما يمنح مديري المبيعات وممثلي المبيعات الوقت للتركيز على بناء العلاقات والتسويق وخدمات ما بعد البيع.
أردنياً الوظائف الجامعية ليست هي المهددة فقط، بل المهن التي اعتدنا العمل بها دون مؤهلات علمية وتقنية، فالتسريح الجماعي قادم، مما يتطلب معالجة شمولية لكافة نواحي الحياة بحيث يتم الربط ما بين خطط الكليات التقنية ومعاهد التدريب والجامعات بهدف استبدال التخصصات الراكدة بتلك التي تتطلبها الحداثة، وخاصة ذات العلاقة بالتقنية الحديثة.
الموضوع ليس ترفاً ولا هو في بعيد الايام، بل في قريبها، لذلك هو لا يعني الاحفاد، بل الابناء، فها هي الحافلات ذاتية القيادة تجوب الشوارع، وهو ما سيقلب قطاع النقل رأساً على عقب، فالكثير من المهن ذات العلاقة ستصبح عبارة عن تطبيق على التلفون وقس على ذلك.
مهنة الاستشارات القانونية -وليس المحاماة- مهددة فهناك برنامج الكتروني يقدم لك الاستشارات القانونية بدقة اعلى بـ90 %، وجهاز يفحصك ذاتياً دون طبيب بعد تزويده بالعينات ليعطيك ما يزيد على 50 نتيجة تتنبأ بحالتك الصحية. الحياة ستصبح أسهل وأهنأ.
ستتقدم مهن الطاقة البديلة من شمس ورياح وهيدروجين وستكون الكهرباء أرخص، مما يساعد في ازدهار المهن الصناعية ذات العلاقة، وفي توفير المياه المحلاة من البحر، والقطاع الصحي سيزدهر تقنياً والذي وبفضل التكنولوجيا الذكية سيرتفع متوسط الاعمار. أما في الزراعة ستظهر في الاسواق الروبوتات رخيصة السعر التي تساعد المزارعين في اعمالهم.
هناك امثلة عن مهن مهددة مثل وكلاء السفر ومدققي الحسابات وفي التعليم فإن المدرسين مهددون كذلك، لكن بشكل يصب في صالح الطلاب، لأن التطبيقات الإلكترونية ستوفر المستجدات العلمية اولاً بأول، بينما لا أمان وظيفي للمدرسين الذين يقدمون تدريساً كلاسيكياً وفق المناهج المقررة وهي في اغلب الاحيان متقادمة، وللحديث بقية.

الغد