في قرية صغيرة بين جبال الأردن الشامخة.. عاش رجل يدعى خليل.. كان طيب القلب ويحب مشاركة إنجازاته مع أصدقائه.. وفي يوم من الأيام وبعد جهد طويل.. قرر خليل شراء سيارة جديدة.. كان فخوراً بهذا الإنجاز.. ودعا صديقه المقرب سعيد لرؤيتها.. عندما وصل سعيد.. ورأى السيارة.. لم يستطع إلا أن يسأل خليل عن ثمنها.. فأجاب خليل بكل صدق.. "لقد كلفتني عشرة آلاف دينار".. وبمجرد أن سمع سعيد الرقم.. قال بتعجب.. "ليش ما حكبتلي؟!.. لو طلبت مساعدتي.. كان جبتلك أحسن منها وبسعر أقل"..

ابتسم خليل ولم يعلق.. لكنه شعر ببعض الإحباط.. هذا السيناريو تكرر في عدة مواقف.. عندما بنى خليل بيتاً جديداً.. وعندما اشترى اثاث.. وعندما أرسل ابنه للدراسة في الخارج.. دائماً كان هناك تعليق من أحد الأصدقاء أو الأقارب.. بأنه كان يمكنه الحصول على صفقة أفضل.. لو أنه فقط استشارهم..
متى نعلم ان النصيحة غالباً ما تكون قبل الفعل.. وأما بعد الفعل.. فيكون التشجيع والمباركة.. أو المساعدة على تقليل الأضرار إذا ما تم الطلب لذلك..

هذا النوع من المواقف.. يعكس ثقافة متجذرة عند الكثيرين في المجتمع الأردني.. حيث يجد الناس.. أنه من الضروري إبداء الرأي والتعليق على كل خطوة يقوم بها الآخرون.. ومن هنا ينبع درس مهم.. ليس فقط لخليل.. بل لكل من يقرأ هذه القصة.. قد يكون الرأي والنصيحة بنية حسنة.. ولكن يجب أن نفكر في تأثير كلماتنا على الآخرين..

في الحياة.. كل منا له تجاربه وقراراته.. من السهل أن نقدم النصيحة بعد وقوع الفعل.. ولكن الأصعب هو تقدير الجهد والتعب الذي بذله الشخص للوصول إلى ما هو عليه.. لذلك.. يجب أن نتعلم كيف ندعم بعضنا البعض.. بدلاً من تقديم النصائح النقدية التي قد تزعج الآخرين..

ومن هنا.. تتضح عبرة مهمة.. الدعم والتشجيع.. أفضل بكثير من النقد المتكرر.. لنكن متفهمين لتجارب الآخرين.. ولنشجعهم على إنجازاتهم.. بدلاً من البحث عن الأخطاء.. التي ربما لم تكن موجودة إلا في أذهاننا..

بهذا.. يمكننا بناء مجتمع أكثر ترابطاً وتماسكاً.. حيث يكون الدعم والمساندة هما الأساس في التعامل بين الناس.. وقصة خليل ليست إلا واحدة من بين العديد من القصص التي قد تكون تجري في حياتنا اليومية.. وهي تذكرنا بأهمية أن نكون أكثر تفهماً ودعماً لبعضنا البعض..

محمود الدباس - ابو الليث