بحسب التقديرات الرسمية فقد تابع مليارا شخص من 180 دولة الزفاف الملكي الأسطوري للأمير ويليام حفيد ملكة بريطانيا.
وقد شدني الفضول فدرت بين المحطات التلفزيونية بحثاً عن أفضل لقطات العرس الانجليزي، حيث التقطت الكاميرات فرحاً وغناءً واحتفالات في كل الشوارع الانجليزية ، مليون شخص احتشدوا في لندن وحدها من الصباح إلى المساء للاحتفال مع الجموع بالعرس، وغيرهم من افترش الساحة الكبيرة أمام قصر باكنجهام منذ الليلة السابقة لحجز أقرب مكان للمشاهدة.
الناس في شوارع لندن بدت متناغمة ومتشاركة في البهجة إلى حد بعيد وبدا أن الجميع تحضر منذ زمن لهذا الحدث باللباس الأنيق والورود والقبعات الملونة التي زينت شعر النساء والفتيات.
كانت الصورة جميلة وباذخة، لكنّ الواقع أن مسافة بعيدة تفصلنا عن تفاصيلها مع أننا شعوب تعيش على ذات الكوكب، لكنهم يمتلكون القدرة على الفرح ويسرعون بكامل سعادتهم وأناقتهم للخروج إلى الشارع للمشاركة في حفل رسمي لن يتمكنوا فيه بعد طول انتظار سوى من التقاط لمحة خاطفة لعروسين لا يعرفونهما سوى في الصور الرسمية. انها المبادرة نحو السعادة من أجل السعادة ، فوق ذلك كله هذا الكم من الانضباط واحترام النظام دون حاجة للتدافع وخرق القانون أومحاولات إثارة البلبلة.
بماذا يختلفون عنا؟ .. إنها المفارقة العجيبة بين جموع تتقاسم الفرح مع الغرباء في الشارع بانضباط وسلاسة يثيران الإعجاب ، و جموع ذابت حناجرها صراخاً للحرية والكرامة وأبسط أساسيات العيش.
الفرق واسع وشاسع بين الحالة النفسية المرهقة للمواطن العربي الذي يعيش أزمات خانقة وبين شعوب اطمأنت ورغدت. انهم فرحون وقادرون على استحضار الفرح في أزين صوره، فهم أمّة كما قال المنفلوطي انتهت من الاشتغال بالأساسيات فاستطاعت أن تتفرغ للكماليات.
لماذا تسمرنا لمشاهدة عرس لا يخصّنا؟ لقد بدا المشهد ملوناً ومترفاً ومتناغماً ومريحاً للعين والنفس. إنها الحاجة إلى فسحة نفتقدها من البهجة.
تذكرت ماقيل عن الفيلسوف الاغريقي ديوجين أنه كان يمشي بالنهار حاملاً فانوساً ومتلفتاً كمن يبحث عن شيء ضائع، فعندما سئل عن السبب قال أنه يبحث عن صديق. لعلنا لم يبق أمامنا سوى أن نستعير مصباح ديوجين لنبحث لنا عن فرصة للفرح. ألهذا السبب لاحقنا العرس الملكي عبر الفضائيات؟.