كل يوم يطل نتنياهو على العالم وقد تحصن بجرعة تطرف جديدة يمارس من خلالها جرائمه ضد الفلسطينيين وضد السلم العالمي راكلًا بقدمه كل المبادرات الدولية التي تطالبه بوقف الحرب على غزة وإيقاف القتل والتدمير والاعتراف بحقوق الفلسطينيين في الحياة، وقد استطاع جر المنطقة إلى نقطة الصفر في المواجهة العسكرية ، وجعل العالم يمشي على حبل مشدود قد ينقطع بأي لحظة.. ويضع يده على قلبه بانتظار لحظة الانفجار، حيث لم تعد المنطقة على صفيح ساخن بل تحولت إلى مرجل يغلي ويفور، وإذا انفجر أغرق العالم بالنار، وليس منطقتنا فقط، لقد تحول الرد الإسرائيلي على هجوم 7 أكتوبر إلى حرب إبادة للشعب الفلسطيني وسار نتنياهو ومن معه على طريق خطر عندما اعتبر أن المعركة مع الفلسطينيين صراع ديني، و يعلنون أنهم يقتلون الفلسطينيين تحت شعار "الأغيار" ويبيدونهم استجابة لأفكار تلمودهم!!
عندما يقول نتنياهو في الكونغرس أن ما يجري في فلسطين وفي غزة بالذات ليس صدام حضارات، بل صدام بين الحضارة والبرابرة، هذا يشير إلى الفكرة السوداء في عقله وعقل الحلف الذي يشكل حكومته منه، ويؤكد أن هؤلاء يخوضون ضد الفلسطينيين حرب دينية ، وكان وزير دفاعه جالنت قد قال في بداية الحرب أن "الفلسطينيين كالوحوش والحشرات لا يستحقون الحياة ".
الدولة العميقة في إسرائيل وفي الولايات المتحدة تدرك أن استمرار الحرب لا فائدة استراتيجية منه لإسرائيل وتدرك أن العالم بدأ يتغير إزاء الصراع وإن كان تغيرًا محدودًا، ويرفض استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، ويدين ويرفض عمليات القتل والإبادة خصوصا على مستوى الرأي العام في العالم ، وربما كان لفجور نتنياهو بالحرب ضد الأطفال والنساء وكل الحياة في غزة ، وعدم احترامه أي قانون دولي وإنساني "الفضل" جعل قضية فلسطين من جديد أولوية العالم ، وهذا ما يؤكده اعتراف ما يقارب مئة وخمسين دولة بفلسطين كدولة، وإن كان هذا الإعتراف مغموسًا بالدم.
يدرك نتنياهو أنه بسياسية الاغتيالات لقيادات المقاومة الفلسطينية وآخرها الشهيد اسماعيل هنية لن يقدم أو يؤخر في المعركة ولن يجعله يحقق نصرا، لكنه يحاول شراء الوقت قبل أن ينزل على القانون الدولي ليواجه حقيقة أنه مجرم حرب ،وقبل أن يحاكمه مواطنوه على جرائمة القديمة والجديدة في مقدمتها جعل الجيش الإسرائيلي يغرق في رمال وبحر غزة ..
الصراع شهد مئات عمليات اغتيال عبر العقود الماضية، ولم يؤثر ذلك على عناد الفلسطينيين وإصرارهم على المقاومة من أجل تحرير أرضهم وإنهاء الاحتلال.
ربما لم يعد الإسناد العربي للقضية الفلسطينية كما كان نتيجة عوامل كثيرة، أهمها القطرية التي تتحكم بجانب كبير من العرب، والمشاكل والصعوبات التى تلف دول عربية عديدة ، وشكل الإنقسام الفلسطيني حالة ملل لدى العرب وعزوف وربما يأس، حيث طالب الجميع الفلسطينيين بأن ينزلوا على مصلحة الشعب الفلسطيني بالتوحد ليكون للفلسطينيين شوكة في الصراع ، لكن بعض أطراف فلسطينية ظلت متمسكة ومتمترسة بمواقفها لأسباب متعددة كالضغوطات من قبل دول عديدة وإسرائيل بالذات لإفشال أي محاولة لتوحيد الجسم السياسي الفلسطيني حتى تبقى القضية الفلسطينية تدور في دائرة الدوامة التي لا نهاية لها لمصلحة إسرائيل.
في النهاية
العالم بدأ يتغير اتجاه حقوق الشعب الفلسطيني، وكل ما يقوم به نتياهو ومن معه من قتل وتدمير لإنهاء القضية الفلسطينة ،سيعود على إسرائيل بفقدان الأمن لمواطنيها وتعميق الانقسام فيها وتهديد كبير لوجودها وفي المجمل مهما طال الزمن فإن الشعب الفلسطيني سيحصل على حقوقه ، لأنه لا يوجد في التاريخ احتلال يدوم