سأتطرق في هذه العجالة لبعض الكواليس في السباق نحو قبة البرلمان.. ولست حكما لاقول انها إيجابية ام سلبية.. او انها مشروعة ام غير مشروعة.. فكلُ ينظر لها بمنظوره.. ومن زاويته.. ولكم الحكم على من تعرفون.. والشواهد واضحة..

ففي المشهد السياسي الأردني.. يظل السباق نحو مقاعد البرلمان يحمل في طياته أبعاداً أعمق مما يظهر على السطح.. فبالرغم من أن قدرة النواب على تغيير القوانين محدودة.. وهامش الرقابة ليس واسع.. وهناك من يحاول المناورة بأقصى مساحة.. إلا أن الطموح للوصول إلى البرلمان يعكس العديد من الاعتبارات الخفية..

من بين الاعتبارات الأساسية.. يأتي النفوذ الاجتماعي والاقتصادي في المقدمة.. فالفوز بمقعد نيابي.. يعزز المكانة الاجتماعية للشخص المنتخب.. ويفتح له أبواباً نحو بناء شبكة علاقات مع النخب السياسية والاقتصادية.. هذه العلاقات تعزز من نفوذه الشخصي.. وتزيد من قدرته على التأثير في القرارات التي تُتخذ خلف الأبواب المغلقة..

من الجانب المالي.. وعلى الرغم من أن بعض المرشحين قد لا يكونوا مدعومين من رجال الأعمال.. فإن الحملات الانتخابية تتطلب تمويلاً كبيراً. والدعم المالي يُعتبر استثماراً في علاقات طويلة الأمد.. حيث تُمكنهم من تحقيق مصالح شخصية عبر القنوات الرسمية.. والمرشحون الذين يمتلكون او يحظون بدعم مالي قوي.. يمتلكون أفضلية واضحة في هذه المنافسة.
وفي ذات السياق.. علينا ألا ننسى ان عدداً لا يستاهن به من النواب.. سجلوا صفرا كبيرا من المداخلات والاستجوابات في المجالس السابقة.. وهذا مؤشر ليس ببسيط لما يرنوا اليه البعض..

علينا ان نعي.. بأن البرلمان يشكل أيضاً منصة للاعتراف الاجتماعي.. وتعزيز الهوية السياسية..
ففي المجتمع الأردني.. حيث يلعب الانتماء القبلي والجهوي دوراً بارزاً.. نجد أن الفوز بمقعد نيابي.. يُعد انتصاراً للقبيلة/العشيرة أو المنطقة.. هذا يعزز من وحدة الصف الداخلي.. ويزيد من وزن القبيلة أو المنطقة في المشهد السياسي.. والنفوذ..

بالإضافة إلى ذلك.. المقاعد البرلمانية تُعد خطوة نحو مناصب حكومية عليا ومواقع صنع القرار.. فالعديد من النواب يرون في البرلمان مرحلة أولى.. نحو مناصب وزارية.. أو مواقع مؤثرة في الحكومة.. حيث يمكنهم تحقيق تأثير أكبر.. وتوسيع نطاق نفوذهم بشكل مباشر..

إن فهم هذه الديناميكيات الخفية.. يمنحنا نظرة أعمق وأكثر شمولية للواقع السياسي والاجتماعي في الأردن.. السياسة ليست فقط ما نراه على السطح.. بل هي شبكة معقدة من المصالح والعلاقات المتداخلة.. والتي تُصاغ خلف الكواليس..

والوصول إلى البرلمان.. هو أكثر من مجرد الحصول على مقعد.. واستلام بعض المستحقات الشهرية.. إنه جزء من لعبة أكبر.. تتعلق بالنفوذ والتأثير والتحكم في مجريات الأمور في البلاد..