مثير للانتباه اعتراف وزارة السياحة أن البترا "تئن" تحت وطأة تراجع السياحة.
ومثير للانتباه أكثر تصريحات الوزارة دفاعا عن دور السياح العرب والأردنيين المقيمين في الخارج في دفع عجلة السياحة.
نقول ذلك لأنه منذ بدء "أنين" البترا، وبدء تحول تركيبة السياح نحو الجنسيات العربية والأردنية، لم نرصد كمراقبين أي تحرك جدي لمعالجة التحدي أو التأقلم مع التوزيع الجديد لجنسيات الزوار.
في عام 2023، بلغت موازنة ترويج السياحة الداخلية (برنامج أردننا جنة) 2.7 مليون دينار، مقارنة بأكثر من 60 مليون دينار تم إنفاقها على حملات الترويج السياحي ودعم الطيران العارض لاستقطاب السياحة الأجنبية.
ربما كان الأجدى ضمن الظروف القائمة أن تفكر الحكومة بإعادة تزويع هذا الإنفاق نحو السياح الأردنيين والمغتربين إلى جانب الزوار العرب عام 2024.
فالترويج للسياحة خارج المنطقة فقد فعاليته إلى حد كبير بفعل المخاوف والاعتبارات الأمنية المرتبطة بظروف الإقليم.
وهذا يعني أن المردود المرتفع لحملات الترويج بات يميل لصالح السياحة الداخلية والعربية الأقل حساسية لظروف المنطقة.
القصد هنا بالترويج ليس فقط الاستقطاب، إنما أيضا البرامج الموجهة لدعم إقامة الزوار وتشجيع إنفاقهم في المناطق السياحية الأكثر تضررا مثل البترا.
طالما أن وزارة السياحة تؤكد بأن الانفاق السياحي للأردنيين المغتربين والأشقاء العرب في المملكة مرتفع، لماذا لم يتم تصميم برامج خاصة للمغتربين، أو برامج دعم للطيران الاقتصادي القادم من دول الخليج، إلى جانب أسعار تفضيلية لطيرانهم الداخلي للعقبة، وليالي إقامة المغتربين والعرب في البترا.
الملفت أنه ورغم وجود تركز كثيف للجنسية الروسية والجنسيات الأوروبية في دول المنطقة، ورغم كون إقامات هؤلاء تتيح لهم دخول المملكة دون تأشيرة، ورغم كون حساسيتهم لأحداث المنطقة أقل، تبحث وزارة السياحة مع الملكية الأردنية مؤخرا دعم خط طيران مباشر بين عمان وموسكو، بدلا من دعم رحلات ذات الجنسيات من دول المنطقة، بقيمة أقل ومردود أكبر.
لا يملك أحد الانتقاص من إنجاز تسجيل المنسف وأم الجمال في قوائم اليونيسكو.
ولكن الأهم من ذلك حاليا التركيز على البترا، عبر استضافة الفعاليات واستهداف المغتربين والعرب والأجانب من سكان المنطقة ضمن برامج الترويج ودعم الطيران. وربما أيضا تحويل جميع المؤتمرات والفعاليات الحكومية إلى المدينة الوردية. ولماذا لا يتم حتى تخصيص 10 ملايين دينار لدعم السياحة في البترا هذا العام؟
إغلاق ثلث فنادق البترا، المسجلة في قوائم اليونيسكو منذ ثمانينيات القرن الماضي، كاف لبدء التحرك بهذا الاتجاه.