مهما بلغت خبرات وكفاءات المدير "القائد"، فإنه لا يستطيع تحقيق النجاح المستدام والتميز بمفرده؛ فالعمل من خلال فريق عمل متكامل يعد مفتاح النجاح الحقيقي. فمهما كانت قدرات المدير، فإنه لا يستطيع الإلمام بجميع المعارف، ولا الاطلاع على كافة التفاصيل، كما لن يكون قادراً على تحليل القضايا من جميع الزوايا "360 درجة". لذا، فإن الحاجة إلى تشكيل فريق متنوع الكفاءات والخبرات تصبح ضرورة ملحة ليعمل معه جنباً إلى جنب، وليساعده في رؤية آفاق جديدة قد لا يراها بمفرده. ففي فرق العمل، 1+1 لا تساوي 2 فقط، بل أكثر من ذلك بكثير، حيث تنصهر كافة الخبرات في بوتقة واحدة، لتصدر قرارات استراتيجية تقود المؤسسة نحو تحقيق رؤيتها.
فريق العمل الجيد يحمل مديره "قائده" إلى أعلى مراتب النجاح من خلال تعزيز المشاركة، التمكين، والتعاون، مع قبول الآراء المختلفة مهما كانت تبدو غريبة أو معارضة للفكر السائد، وان تشكيل فرق العمل يساعد أيضاً في تسليط الضوء على الطاقات الكامنة في أعماق الموظفين، مما يحفزهم على العمل والابتكار. بالإضافة إلى ذلك، يستمد فريق العمل قوته من قوة القائد، والعكس صحيح. فالقائد الفعّال هو الذي يرسم رؤية واضحة للجميع، ويضع خارطة طريق للوصول إلى الهدف، مع توقع التحديات والعقبات المحتملة وتوضيحها للفريق.
المدير "القائد" الملهم هو من يصنع فريق عمل متميزاً. هو الذي يوضح الرؤى والأهداف، ويوفر بيئة عمل مؤسسية محفزة على الإبداع والابتكار، تشجع على العمل ضمن فرق متناغمة تتشارك الأفكار وتتواصل بفعالية، وتكون قادرة على تحقيق الأهداف المرجوة ومواجهة التحديات. حيث يعد فريق العمل المحور الأساسي لتحقيق التميز المؤسسي، ويشكل كل موظف جزءاً مهماً من الهدف الكلي للمؤسسة. القائد هو الذي يقود المؤسسة نحو التغيير والتطوير، يشرك فريق العمل في طرح الأفكار والمبادرات والحلول المبتكرة للتحديات التي تواجه المؤسسة، ويرفع مستوى الوعي والثقافة التنظيمية نحو الإبداع والابتكار، كما يمكن الأفراد بالتدريب والتوجيه، ويمنحهم الثقة اللازمة لتحفيزهم على العمل بحماس وسعادة.
يقول سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: "لا تحلق وحيداً ولا تصفق وحيداً. اصنع فريقك، ليحملون أهدافك لآفاق جديدة، تنازل عن صلاحياتك لهم، أرشدهم وعلمهم ومكنهم وارفع السقف أمامهم، وأخرج المارد الذي بداخلهم، وأبرز إنجازاتهم، لأن الفريق العظيم سيحملك إلى أماكن عظيمة".
في الأساليب الإدارية الحديثة، لا مكان للنمط الدكتاتوري الذي ينفرد فيه القائد بسلطة اتخاذ القرارات دون مشاركة من الآخرين. هذا النمط يؤدي إلى محدودية التفكير والنتائج غير المرضية. على النقيض، فإن النمط الديمقراطي يهدف إلى المشاركة الجماعية والاعتراف بقدرات الأفراد، مما يعزز الولاء والانتماء للمؤسسة، ويجعل الموظفين يشعرون بأنهم جزء من القيادة واتخاذ القرارات.
** الكاتب خبير التدريب والتطوير بكلية محمد بن راشد للادارة الحكومية