العلاقة بين الشعبين الأردني والفلسطيني أخوة طاهرة
01-08-2024 01:06 AM
عمون - قال اللواء الركن المتقاعد الدكتور محمد خلف الرقاد مدير التوجيه المعنوي الأسبق وأستاذ العلوم السياسية : إن العلاقة بين الشعبين الأردني والفلسطيني علاقة أخوة طاهرة توثقت مع الزمن بدعم ورعاية من القيادة الهاشمية وإسناد شعبي أردني منذ زمن الثورة العربية الكبرى وحتى يومنا هذا.
جاء ذلك خلال تعقيبه على ندوة عقدت في المكتبة الوطنية امس بمناسبة إشهار كتاب : " العلاقة بين الأردن والضفة الغربية وقطاع غزة خلال الفترة من عام 1916 – 1989" لمؤلفة الأستاذ الدكتور عامر أبو جبلة استاذ التاريخ في جامعة مؤتة، والكتاب من منشورات جمعية المؤرخين الأردنيين ، حيث قال اللواء الدكتور الرقاد إني أوجه رسالة إلى جيل الشباب الصاعد الذين هم عدة وقادة المستقبل وأدعوهم للتمسك بقيم الأخوة بين الشعبين الأردني والفلسطيني ، وتوطيد أركان هذه العلاقات الأخوية النظيفة الشريفة ، وبخاصة في عهد ثورة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات حيث أصبح توظيف التزوير ممكناً ، وقلب الحقائق التاريخية أمراً ميسوراً وسهلاً ، وأدعوهم لاتخاذ المواقف المناسبة تجاه من يحاول أن يشوه العلاقات الأردنية الفلسطينية النقية .
وأضاف اللواء الدكتور الرقاد : نقدر للأستاذ الدكتور عامر ابو جبلة الذي جلّى بمنهجية علمية وبكل حيادية تاريخ هذه العلاقة المشرفة في دراسته العلمية ، فكان يؤرخ للحدث والموقف ، ويستشهد بالنص للقيادات الهاشمية المتواترة ، وللمواقف الشعبية الأردنية ومواقف القوات المسلحة الأردنية في الدفاع عن فلسطين .. منذ أن فجّر الشريف الحسين بن علي الرصاصة الأولى للثورة الكبرى في عام 1916 ... إلى لاءات جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين في آذار عام 2019 التي أكدت على عمق هذه العلاقة وقوتها، حيث قال جلالته : " كلا على القدس .... كلا على الوطن البديل ... كلا للتوطين ... والقدس خط أحمر"، وفي الحرب على أهلنا في غزة أكد جلالته على: لا للتهجير، ولا للحصار الإنساني ولا للعقاب الجماعي في غزة وضرورة وقف التصعيد .
وخلال التعقيب توقف اللواء الركن (م) الدكتور الرقاد في أربع محطات سياسية أردنية هاشمية منذ عام 1916 إلى 2024 .. المزيد من التفاصيل في الورقة المرفقة نص ( التعقيب على ما ورد في الكتاب وفي الندوة ).
وتاليا نص كلمة الرقاد:
تعقيب
اللواء الركن (م) الدكتور محمد خلف الرقاد
مدير التوجيه المعنوي الأسبق وأستاذ العلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي العربي الهاشمي الأمين ... وبعد
الأساتذة الأجلّاء ... الحضور الفضلاء ...
بداية أحييكم جميعاً ... وأحيي أخي وصديقي وجاري العزيز الأستاذ الدكتور عامر جادالله ابو جبلة صاحب المؤلف الموسوم بـــ : " علاقة الأردن مع الضفة العربية وقطاع غزة خلال الفترة (1916 – 1989) ...
سادتي ...
قد تكون شهادتي في الأستاذ الدكتور عامر ابو جبلة مجروحة ... ذلك لأنه الأخ والجار العزيز والصديق الوفي منذ ما يزيد على أكثر من أربعة عقود ... فهو الصديق المخلص لصداقته ولأصدقائه ... وصاحب الكلم الطيب ... الذوّاق في اختياراته ... وفي طرح أفكاره.. وفي انتقاء صداقاته والمتوازن في سلوكياته ... والمتميز في تواضعه الجمِّ مع الصغير والكبير ... أما وقد سقت بعضاً من صفاته ... ذلك لأنها إمارات تشير إلى حكمة العلم ... وتواضع العلماء ... ورشد الفكر... وسداد الرأي ... وسلامة الاتجاه والتوجه ... فهو مع الوطن دائماً ...
ولا نقول - بإذن الله - إلا بما علمنا ... وبما شاهدنا ورأينا بأم أعيننا ... وبما سمعنا وما لمسنا .. ورغم هذا يا أخي دكتور عامر ما زلت أحس وأشعر بأني لم أفيك حقك ... وأبارك لك هذا الجهد العلمي الذي يؤرخ بمنهجية علمية لعلاقةٍ ما بين الشعبين الأردني والفلسطيني.. تفوقت على الزمن ... وبُنيتْ على وحدة الدم والمصير المشترك.. وعلى روابط الرحم والقربى والنسب والمصاهرة ، فكانت علاقة أخوّة طاهرة تعود إلى ما قبل الحربين العالميتين الأولى والثانية... وتوثقت مع الزمن ... لتصبح المواقفُ مبدئيةً .. ورجولية.. يدعم الأردنيون من شتى الأصول والمنابت الأخوة الأشقاء الفلسطينيين .. استناداً إلى أن الشعبين شركاء في الدم والمصير ... فإذا ما أصاب الأهل في فلسطين جرحٌ ... جدّ بالتذكار جرح...
فكانت مواقف الأردن والأردنيين بقيادتهم الهاشمية ... مواقفاً تستند إلى مبادئ تم رسمها منذ أن فجّر الشريف الحسين بن علي رصاصة الثورة العربية الكبرى في عام 1916 ... إلى عهد تأسيس إمارة الشرق العربي في عام 1921 ... وإلى إعلان استقلالها تحت مسمّى إمارة شرق الأردن في عام 1923... وعلى مدى الزمن كانت مواقف الأردن والأردنيين ومواقف جلالة الملك المؤسس (الأمير آنذاك) تركز على إسناد الأهل في فلسطين .. واستمر ذلك إلى عهد ما بعد الاستقلال في عام 1946 ، حيث حلّ مسمّى المملكة الأردنية الهاشمية محل إمارة شرق الأردن ... ويبقى الدعم والإسناد الأردني للأهل في فلسطين في خط صاعد .. وبخاصة وقوف الجيش العربي الأردني في الدفاع عن الأرض الفلسطينية التي كانت على المدى مواقف شرف وبطولة ... حيث سالت دماء شهداء الجيش العربي في معارك اللطرون وباب الواد والشيخ جراح واللد والرملة وفي مبنى النوتردام في عام 1948 ... وتمكن الجيش العربي من المحافظة على القدس عربية...
العلماء الأجلّاء...
إن من يمعن قليلاً في قراءة وتحليل ما أورده أخي المؤرخ الرصين الاستاذ الدكتور عامر أبو جبلة جدير بأن يُغاص بين سطوره وأن يُدقق في صفحاته ... أعرف أنكم كلكم تحفظون تاريخ الأردن عن ظهر قلب ... ولكن رسالتي ليست لكم ... واعتقد أنني وانتم قد أدينا رسالتنا ... وما زلنا .. لكن رسالتي إلى جيل الشباب الصاعد ... قادة المستقبل ... حيث يسودني اعتقاد جازم أنّ كتاب ( العلاقة بين الأردن والضفة الغربية وقطاع غزة) يشكل معيناً لا ينضُب للتاريخ الأردني الفلسطيني المتشابك والمتداخل ... شئنا أم أبينا.. ولتاريخ العلاقة النظيفة الشريفة بين الشعبين الأردني والفلسطيني في عصر ثورة المعلومات والاتصالات .. وفي عصر سهولة تزوير الحقائق التاريخية ومحاولات البعض لتشويه هذه العلاقات ... ليأتي أستاذنا الفاضل ومؤرخنا الموقر الأستاذ الدكتور عامر ابو جبلة ليجلّي هذه العلاقة بدراسة علمية وتأريخ وتوثيق محايدين ... فيؤرخ للحدث ... ويستشهد بالنص ... ليدلل على سلامة وشرف الموقف ...
رسالتي لجيل الشباب ... فهذا كتاب يجب أن يقتنيه كل شاب أردني و فلسطيني ... ويبحر بين سطوره ... ويدقق في تفاصيل صفحاته ... ويحلل النصوص الدالة على المواقف ... ويطَّلع على أراء الأردنيين قيادة وشعباً... والفلسطينيين قيادة وشعباً ... ويرى كيف ينظرون إلى أهمية هذه العلاقة على مدى الزمن الماضي ... وكيف يقرأون مستقبلها
سادتي الفضلاء ... العلماء النجباء ...
إن العلاقة متينة .. وحافلة بالمواقف الشهمة والمبدئة ... ولكنني باختصار سأتوقف معكم في بعض المحطات التي تدلل على متانة هذه العلاقة – حتى وإن شابها بعض التشوهات والتقلبات في فترات – فأشير إلى حكمة القيادة الهاشمية ... وإلى حماس ووطنية أبناء الشعب الأردني ... وتفهم الأخوة الأشقاء في الضفة الغربية وقطاع غزة لمواقف الأردن الرسمية والشعبية إزاء الأهل في الضفة الغربية وفي غزة هاشم.... وسيكون التوقف سريعاً ومختصراً في أهم المحطات السياسية والعسكرية الرسمية والشعبية ، وسأترك الكثير من التفاصيل والحقائق لمن أراد فهي موجودة في الكتاب
المحطة الأولى . موقف الشريف الحسين بن علي .
- رفض الشريف الحسين بن على عام 1920 التوقيع على معاهدة سيفر .
- رفض التوقيع على معاهدة فرساي ... لأنها تمنح فلسطين لليهود ، وطلب التعديل عليها.
- خطب في الحجيج عام 1923 فقال : " كونوا على ثقة أنني أنظر إلى أهل فلسطين نظري إلى أولادي " وكان يريد إدخال تعديلات على المعاهدة تخول الفلسطينيين إدارة بلادهم .
- أعلن رفضه لوعد بلفور .. وقال : " لا أتنازل عن حق واحد من حقوق البلاد ... لا أقبل إلا أن تكون فلسطين لأهلها العرب ... لا أقبل بالتجزئة ... ولا أقبل بالانتداب ... ولا أسكت وفي عروقي دم عربي عن مطالبة بريطانيا بالعهود التي قطعتها للعرب... فإذا كانت بريطانيا رفضت التعديل الذي أطلبه ... فإني أرفض المعاهدة كلها ... ولا أقبل بسوء يحل بالفلسطينيين " .
- كانت أول تأكيداته في الوقوف مع الأشقاء الفلسطينيين هو الإعمار الهاشمي الأول .
المحطة الثانية . عهد جلالة الملك المؤسس ( الأمير آنذاك) .
- وقف مع الفلسطينيين في ثورة البراق عام 1929.
- على الصعيد الشعبي وقف الأردنيون مع الثورة ... وكانوا يستعدون للزحف إلى فلسطين لمناصرة شعبها في هذه الثورة .
- عقد زعماء الأردن في عام 1936 مؤتمراً في قرية أم العمد ... أعلنوا فيه استعدادهم للجهاد من أجل فلسطين .. وكان للأردنيين حضورٌ في المظاهرات التي عمّت مدينة يافا ، وفي ذات الوقت عمّت المظاهرات مدينة عمان على مدى أربعة أيام ... وقام الكثير من المتطوعين من أبناء شرق الأـردن بعبور النهر وانضموا للأشقاء في فلسطين في قتالهم ضد الإنجليز.
- أما دور الجيش العربي فقد أسهب الكتّابُ والمؤلفون في شرحه ... وإبراز ما قدمه الجيش العربي من خدمات عظيمة للأهل في فلسطين .. فكان يدربهم .. ويزودهم بالأسلحة .
- وعلى الصعيد الشعبي تدفقت مجموعات المناضلين من الأردنيين من كل القبائل والعشائر الأردنية والقرى والبلدات الأردنية للمشاركة في الجهاد في فلسطين ... وكان لكل عشيرة فصيل يتراوح بين (30 – 50) رجلاً يقوده أحد شيوخ العشيرة ... وقد ساعد الجيش العربي في تنظيم دخول هؤلاء المجاهدين .
- رد فوزي القاوقجي قائد جيش الإنقاذ بقوله : " إن الغيرة والحماس في الأردن يشكل دعماً للحركات في فلسطين بكل الوسائل" .... منوهاً إلى أنه : " بدون الموقف الذي وقفه الشعب الأردني إلى جانب فلسطين يصعب تحقيق ما حققه الفلسطينيون من انتصارات"..
- ومن أبرز المحطات المهمة في عهد جلالة الملك المؤسس : إنجاز وحدة الضفتين حيث صدر قرار الحكومة الأردنية بالموافقة في 24 نيسان 1950 والتي وثق الكتاب لها بشكل ممتاز.
المحطة الثالثة . عهد جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال .
- أبرز ما قاله جلالته طيب الله ثراه : " إن وحدة الضفتين كانت أنموذجاً حياً لوحدة أكبر كان يتطلع إليها كل العرب في ذلك الوقت ... فهذه الوحدة جاءت نتيجة رغبة ممثلي الشعب الفلسطيني في عام 1950" .
- على الصعيد العسكري ... ودور الجيش العربي في الدفاع عن فلسطين ، قال جلالة الملك الحسين رحمه الله : " في اللطرون وباب الواد وعلى أسوار القدس امتزجت دماء جنود الجيش العربي وضباطه بالتراب المقدس على خط الفداء والنار ... ووقف الجيش العربي صامداً ساهراً قوياً واثقاً يحمي ما أُنْقذَ من فلسطين.. ويدافع عن أمته العربية بأسرها" .
- ومن مواقفه تجاه حرية الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره ما ترجمته أقواله : " ولا زلنا عند كلمتنا .. عندما تعود الأرض العربية .. وينقذ الأهل فيها ... نترك لهم المجال لاختيار ما يريدون ... ليقرر الشعب الفلسطيني مصيره بكل حرية ... وهذه كلمتي في هذا المجال بالذات" ..
- كما قال جلالته : " لست أرى أن من الحق أن نفرض على أهل الضفة الغربية وضعاً لا يكونون فيه أصحاب الرأي وأصحاب القول ... ولا ندّعي فرض أنفسنا عليهم"
- وظل التعاون والتنسيق بين الأردن ومنظمة التحرير الفلسطينية بصفتها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني قائماً لتحقيق المصالح الفلسطينية... إلى أن اتخذ جلالة الملك الحسين قراراً بوقف التنسيق مع منظمة التحرير الفلسطينية .
- ومن ابرز المحطات في عهد جلالة الملك الحسين اتخاذ جلالته قراراً بفك الارتباط الإداري والقانوني مع الضفة الغربية المحتلة في 31 تموز 1988... وذلك لإبراز الهوية الفلسطينية ... وتمكين الأشقاء الفلسطينيين من العمل بحرية تامة لتحقيق مصالحهم...واعترف الأردن بالدولة الفلسطينية .
المحطة الرابعة . عهد جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين .
لقد غطّى الكتاب العلاقة بين الأردن والضفة الغربية وقطاع غزة خلال الفترة من 1916 – 1989 ، وقد رأيت من المفيد جداً استكمال إبراز الدور الأردني في دعم وإسناد هذه العلاقة خلال العهد الهاشمي الرابع عهد جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين ...
وأرجو أن ألخص موقف الأردن في هذا الصدد بما جاء على لسان جلالته في شهر آذار عام 2019 ، حيث قال : " كلا على القدس .... كلا على الوطن البديل ... كلا للتوطين ... والقدس خط أحمر" " ، وفي الحرب على أهلنا في غزة أكد جلالته على أن : " لا للتهجير، ولا للحصار الإنساني ولا للعقاب الجماعي في غزة وضرورة وقف التصعيد" .
- أكد جلالته على أنه لن يكون استقرار في منطقة الشرق الوسط ... ولن يكون هناك أمن وأمان ... دون منح الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة وفي مقدمتها حق إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من حزيران 1967.
- أكد جلالته في أكثر من حديث وخطاب سياسي ومقابلات صحفية مشيراً إلى أن العلاقة الأردنية الفلسطينية قوية ومتينة ، مؤكداً على أن الأردن هي الأردن وفلسطين هي فلسطين .
شكراً لإصغائكم ... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته