هيكلة الرواتب والعدالة المطلوبة
سلامه الدرعاوي
03-05-2011 03:40 AM
حجم الدمار الذي لحق بالقطاع العام خلال السنوات القليلة الماضية كان كبيرا لا يصدق, فالتشتت لم يكن فقط موجها في خلق مؤسسات وهيئات مستقلة بقوانين وانظمة خاصة توازي الوزارات التي اسست وفق احكام الدستور, بل طال العاملين في جهاز الخدمة المدنية الذي اصاب معظمه الاحباط بسبب السياسات التي افقدت الموظفين العدالة المنشودة.
الترهل والبيروقراطية التي عادة ما يتهم القطاع العام بهما وانهما اعاقا الاستثمار هما جزء من حملة تضليل قادها زمرة من المسؤولين المستشرقين او الفهلويين الذين سيطروا على ادارة الدولة في السنوات الاخيرة ونجحوا ببراعة بقلب المفاهيم الادارية وتأسيس شبكة من العملاء داخل جسم الدولة وفق ما سمي بنظام العقود.
في السنوات الماضية كانت العقود في القطاع العام مقتصرة على جلب الخبراء الاجانب الذين يتم استقدامهم للبت في قضايا فنية عالية الدقة نتيجة ندرة تحصصهم, اما اليوم فقد حدث امر عجيب بين موظفي الدولة.
الحكومات السابقة التي قسمت الموظفين ما بين موظف عقد وزميل له على نفس المكتب على نظام الخدمة المدنية تتحمل مسؤولية هذا الانقسام الذي افقد العدالة بين العاملين وابعد روح التنافسية عن الاداء العام, فقد تفنن السياسيون القائمون على اعادة تنظيم القطاع العام في خلق الازدواجية بين نفس الطبقة الوظيفية مستغلين الموارد والمساعدات التي تم تفصيل جزء كبير منها نحو مشاريع وهمية وبسطوا ادارتهم على تلك الموارد وسخروا لها عاملين من داخل رحم الدولة لكن بامتيازات خاصة, فاصبح هناك موظف خدمة مدنية يتقاضى راتبا من الموازنة يبلغ 300 دينار وزميل له اخر بنفس الوصف الوظيفي يتقاضى اربعة اضعاف ما يتقاضاه زميله, لكن الاول يعمل وفق ما يسمى بنظام العقود.
اليوم هناك مشروع اعادة هيكلة لرواتب في الدولة الاردنية وهو جزء من تطوير شامل للموارد البشرية في الدولة, الهدف منه تحسين رواتب معظم العاملين في الجهاز المدني من خلال احقاق مبدأ المساواة بينهم والغاء التشوهات, والواضح ان هناك سبعة الاف موظف وفق العقود يتقاضون رواتب قياسية لا تليق باعمالهم اولا, ولا تتناسب مع اعمال زملائهم ثانيا, وتضاهي رواتبهم مجمل الحوافز والعلاوات التي يحصل عليها جزء كبير جدا من موظفي الخدمة المدنية.
لا شك ان هذه الفئة من موظفي العقود سيقاومون اي مشروع اصلاحي لاعادة هيكلة رواتبهم لانهم سيخسرون ما حصلوا عليه في السنوات الماضية عن طريق الواسطة والمحسوبية, مقابل عشرات الاف من الموظفين الذين ينتظرون احقاق العدالة المفقودة. واجب الحكومة مقاومة الضغوطات التي سيمارسها اصحاب النفوذ والمتغولين في الدولة والذين لا ينظرون الى عملية الاصلاح الا وفق مصلحتهم الشخصية.
salamah.darawi@gmail.com
(العرب اليوم)