ناصر أبو رمّان: المساءلة الطبية لا تقيّد السياحة العلاجية بل تعزّزها
31-07-2024 01:46 PM
عمون - حاوره: محمد جميل خضر - يرى المحامي والباحث د. ناصر أبو رمّان أن الأردن قطع شوطًا مهمًا على صعيد المساءلة القانونية، وأن ردم بعض الثغرات في السياسة التشريعية سيضعنا في مقدمة دول المنطقة، وربما دول العالم، حول قضايا المساءلة القانونية وتفرعاتها.
وهو يربط عادة بين تلك المساءلة، وبين تطوير قطاع السياحة العلاجية، ذاهبًا إلى أن الأردن قادر من خلال قوننة أدوات تطوير هذا القطاع، إلى جعله رافدًا حيويًا للاقتصاد الوطني، ومصدر فرص عمل وازدهار، ورافعًا من الروافع الفاعلة لآفاق التنمية المستدامة.
أبو رمّان هو محاضر قانوني متخصص في القانون الطبي. حصل على شهادة الدكتوراه من جامعة القاهرة في مجال المسؤولية الطبية عن أفعال المساعدين. نشر حديثًا كتابًا بعنوان "مسؤولية الطبيب عن أفعال المساعدين" صادر عن زين الحقوقية في بيروت، يتناول فيه التحديات القانونية المرتبطة بالأخطاء الطبية ودور الكوادر الصحية في تقليل المخاطر وتحسين الرعاية الصحية. وهو منذ عام 2021، عضو لدى MPL مديكال برفوشنال لايبلتي في ولاية فرجينيا الأميركية، حيث يمثّل دول منطقة الشرق الأوسط وغرب آسيا. وأبو رمّان، إلى ذلك، مؤسس ورئيس تنفيذي لِشركة غرب آسيا للمسؤولية الطبية (WACML) التي مقرّها اسطنبول، وهي شركة تختص في مجال المسؤلية الطبية، وتقدم العديد من الخدمات مثل؛ نشر الوعي بالمسؤولية الطبية بغية رفع سلامة المرضى وتقليل الاخطاء الطبية.
ومن مجالات عمل الشركة: التعليم والتدريب، خدمات التحكيم، التقاضي، الأبحاث القانونية الطبية، إقامة المؤتمرات المختصة وتنظيم المعارض الدولية لربط ورفع مستوى الخدمات الصحية والسياحه العلاجية إضافة إلى باقي الخدمات التنظيمية الأخرى .
وهو بصدد إقامة مؤتمر في الأردن لمعظم دول غرب آسيا حول المسؤولية الطبية الدولية، وتنظيم معرض (WACML) للسياحة العلاجية.
حول حقل تخصصه، ورؤاه الكفيلة بتعزيز المساءلة الطبية، وتطوير السياحة العلاجية، كان لـ"عمّون" مع د. ناصر أبو رمّان هذا الحوار.
* كم قطع الأردن في مسألة تكييف قوانين المسؤولية المدنية وتشريعاتها وصولًا إلى البت بقضية التفويض والمسؤوليات الناجمة عن أفعال الغير؟
هذا السؤال ينقسم حقيقة إلى ثلاثة أجزاء هي:
1. تكييف قانون المسؤولية الطبية.
2. قضية التفويض الطبي.
3. المسؤولية عن أفعال الغير.
حيث يتطلب تكييف القوانين والتشريعات المحلية فهمًا دقيقًا للقوانين الأردنية التي تنظم المسؤولية الطبية، وقد تختلف في التفاصيل والتطبيق عن قوانين دول أخرى.
أما بخصوص تحديد المسؤولية، فينبغي هنا التفريق بين التفويض وبين المسؤولية عن فعل الغير؛ فالمسؤولية في التفويض تقع على عاتق الشخص المفوِّض، الذي فوَّض عملًا من أعماله إلى الآخرين من أجل القيام بها، وتبقى تحت إشرافه ومسؤوليته. أما المسؤولية عن فعل الغير، فتحكمها بالأساس أحكام القانون المدني، وتحديدًا مسؤولية التابع عن أفعال التابعين.
بما يتعلّق بالإجراءات القانونية المتبعة: تطبيق القوانين والتشريعات في المحاكم الأردنية، والخطوات التي تُتَّخَذ للبت بقضايا المسؤولية المدنية، فكلتا المسؤوليتين تحكمها قواعد المسؤولية العقدية.
في هذا السياق فإن بإمكان أي شخص بِمقتضى التفويض في القانون الأردني، تفويض صلاحياته لآخرين للقيام بأعمال نيابة عنه.
ما يجري هنا أن المسؤولية المدنية تقع على الشخص الذي يُفَوَّض له (الوكيل) في حال حدوث أي أضرار ناتجة عن أفعاله، شريطة أن تكون تلك الأفعال ضمن نطاق الصلاحيات التي منحها الشخص الذي فوّض. وكمثال عن أعمال التفويض الطبي قيام أحد الأطباء الأخصائيين، على سبيل المثال، بتفويض الطبيب المساعد له أو الطبيب المقيم بالقيام بإحدى المداخلات الخاضعة لاختصاصه كطبيب مختص، وفي حال قام الوكيل بأفعال تتعارض مع التعليمات أو تجاوز الصلاحيات الممنوحة، فقد يتحمل المسؤولية المدنية الطبيب المفوّض عن الأضرار التي تسبب فيها المفوض له، أما في حال وجود خلافات متعلقة بالمسؤولية ناحية الأطراف المتضررة أو المتهم بالتسبب في الضرر، فيمكن اللجوء إلى المحاكم للحصول على حكم قضائي يحدد المسؤولية والتعويضات المناسبة.
على وجه العموم، وفي حدود نطاق التفويض، فيجب أن تكون صلاحيات المفوّض ضمن نطاق التفويض الممنوح له، وإذا تجاوز الوكيل هذه الصلاحيات، وارتكب أفعالًا تخرج عن نطاق التفويض، فإن المُفوض (الشخص الذي فوّض) قد يتحمل المسؤولية المدنية عن الأضرار التي نتجت عن تلك الأفعال.
* في حالة وجود ثغرات وغياب سياسة تشريعية محددة حول المسؤولية الطبية في الأردن وعموم دول غرب آسيا، فهل للأمر علاقة بالمشرّع أم بالظروف المحيطة، أم بضعف القدرة على التكيّف والتكييف؟
_ هذا الأمر يمكن أن يكون نتيجة لمزيج من العوامل التي ذكرتها،
أولًا: التشريع، إذ يلاحظ وجود غياب سياسات تشريعية واضحة حول المسؤولية الطبية في دول غرب آسيا، وهو غياب يتمظهر بِتأخّر التشريع، وفي نقص التعاطي الجدّي مع هذه القضايا من السلطات التشريعية، علمًا أن التأخّر في تبني القوانين والسياسات اللازمة لتحديد وتنظيم المسؤولية الطبية، من شأنه أن يؤدي إلى فراغ قانوني أو عدم وضوح في الحقوق والالتزامات.
ثانياً: الظروف المحيطة، الاجتماعية والاقتصادية والثقافية في هذه الدول التي قد تؤثر في قدرة النظام القانوني على التكيّف والتطوّر. على سبيل المثال، الثقافة المجتمعية قد تلعب دورًا في كيفية تعامل الناس مع المسائل القانونية والمسؤولية الشخصية.
ثالثاً: ضعف القدرة على التكيف والتكييف عندما يكون النظام القانوني نفسه ضعيفًا في التكيف مع التحديات الجديدة أو التطورات في المجتمع. في بعض الأحيان قد تكون هناك صعوبات في تطبيق القوانين بشكل فعّال، أو قد يكون هناك نقص في القضاة والمحامين المدربين على مثل هذه القضايا، مما يؤدي إلى عدم تنفيذ القوانين بشكل صحيح أو موحد.
ولا ننسى وجود نقص في الوعي القانوني حول أهمية تنظيم المسؤولية الطبية وتأثيرها في المجتمع والممارسين في القطاع الطبي، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى قلة الضغط العام لإصدار قوانين صارمة وفعالة.
كل هذا وغيره، سيؤدي، بالضرورة، إلى ضعف القدرة على التكيّف، في ظل وجود نقصٍ في البنية التحتية القانونية، أو في التدريب اللازم للقضاة والمحامين على التعامل مع القضايا المعقدة للمسؤولية الطبية، وهو ما سوف يسهم بإيجاد تحديات في التطبيق الفعّال للقوانين، ويؤدي إلى استمرارية الفجوات في حماية حقوق المرضى وتحديد المسؤولية.
* بصراحة ووضوح، ما هي تحفظاتك على قانون المساءلة الطبية رقم 25 لعام 2018، علمًا أنك صرّحت في أكثر من مقابلة، وعبر عدة منابر، أن الأردن بسنّه لهذا القانون قد اتخذ خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح، معتبرًا أن بلدنا واحد من ست دول في غرب آسيا من مجموع 16 دولة، قنّنت المساءلة الطبية عبر التشريعات أو من خلال تأسيس صناديق تكافل؟
_ تحفّظي الأول هو حول آليات تنفيذ القانون وفعاليته، فالقانون هو من حيث المبدأ جيد، وهو يشكّل خطوة إيجابية نحو تعزيز المساءلة في الرعاية الصحية، ولكن التحدي يكمن في كيفية تنفيذه وفعاليته الفعلية على أرض الواقع. وبشكلٍ عام نحن نحكم على أي قانون من خلال ما ينتج عنه من تحسّن ملموس في مستوى المساءلة والجودة في الرعاية الصحية، وهو ما لم يتحقق، بوضوح، حتى يومنا هذا.
أما تحفّظي الثاني فيتعلّق بعدم توافر الموارد والبنية التحتية، إذ نلحظ وجود نقص في الموارد البشرية والمالية الكافية، ووجود ضعف في البنية التحتية الضرورية لدعم عمليات المساءلة.
تحفّظي الثالث يستهدف غياب الشفافية والإفصاح، وعلى القانون أن يشجّع على الشفافية والإفصاح في نظام الرعاية الصحية، مما يسهل التحقيق والمساءلة.
بشكل عام، أرى أن القانون هو خطوة إيجابية للأمام في تعزيز المساءلة الطبية في الأردن، ولكن التحديات الفعلية تكمن في كيفية تنفيذه بشكل فعال لضمان تحقيق الأهداف المنشودة دون المساس بحقوق الأطباء والممرضين والمرضى والعاملين في القطاع الصحي بشكل عام، وفي تجاوزه التعقيدات في الإجراءات القانونية والإدارية المتعلّقة بآليات تقديم الشكاوى، وآليات متابعة القضايا المتعلقة بالمساءلة الطبية. والأصل أن يكون النظام مفهومًا وسلسًا بما يكفل الوصول العادل والفعال للمساءلة دون تعقيدات غير ضرورية.
ومن ملاحظاتي وتحفظاتي عدم وجود لجان كافية للنظر والبتّ في القضايا المعروضة عليها، ما يؤدي إلى تأخّر البت في القضايا المعروضة على اللجان لتحديد ما إذا كان هناك خطأ طبي أم لا.
لديّ تحفّظ آخر يتعلّق بوجود ثقافة سائدة عند بعض الأطباء والممارسين الصحيين ترفض التغيير وترى في المساءلة تهديدًا لممارساتهم التقليدية.
وعلى القانون، أن يتضمّن، إلى ذلك، استراتيجيات شاملة للتعامل مع الأخطاء الطبية، بما في ذلك الحد من الأخطاء المتكررة، والتحسين المستمر في جودة الرعاية الصحية. وأن يضمن، بوضوح، المساءلة الشاملة لِجميع أطراف الرعاية الصحية، بما في ذلك الأطباء والممرضين والمؤسسات الصحية، بشكل شامل وعادل. وأن يحتوي على تدابير وقائية لِتعزيز الجودة، ومنها التدابير الكفيلة بتعزيز التدريب المستمر للممارسين الصحيين، وتحسين الإجراءات الإدارية لتقليل حدوث الأخطاء الطبية. وعلى القانون أن يفضي إلى تعزيز جودة الرعاية الصحية بشكل عام. كما عليه أن يعزّز الثقافة الصحية والوعي القانوني بين المرضى والممارسين الصحيين على حد سواء، وهو ما يمكن تحقيقه من خلال توفير التدريب والتوعية المستمرة حول حقوق المرضى والالتزامات القانونية للممارسين الصحيين.
مما سبق نستنتج أن تنفيذ قانون المساءلة الطبية في الأردن يشكّل تحديًا متعدد الأبعاد، وهو ما يتطلب النظر في مختلف هذه الجوانب لضمان أن يكون له تأثير إيجابي ومستدام على نظام الرعاية الصحية ومجتمع الصحة بشكل عام.
* ألا تحد القوانين الصارمة، برأيك، من الاستثمار في السياحة العلاجية؟ أم أن العكس هو الصحيح؟
_ العكس هو الصحيح، إذ أن القوانين الصارمة في مجال الرعاية الصحية والسياحة الطبية تسهم في توفير بيئة موثوقة وجودة عالية للرعاية الصحية للمرضى الدوليين. على سبيل المثال، قد تضمن القوانين المشددة المعايير الطبية العالية والتدابير الأمنية، مما يعزز الثقة لدى المسافرين الباحثين عن العلاج في الخارج. وهي قد تشكّل عائقًا فقط إذا كانت معقدة جدًا أو تفرض تكاليف عالية على مقدمي الخدمات الصحية أو السياحة. من ناحية ثانية قد تكون الإجراءات البيروقراطية الكثيفة أو القيود المالية سببًا في تقليل الجاذبية الاستثمارية، مثل وضع قيود على القادمين من الخارج كالموافقات الأمنية وغيرها.
وعلى وجه العموم، تؤثر القوانين الصارمة على استثمارات السياحة العلاجية من حيث:
1. جودة الرعاية الصحية: من خلال فرضها معايير عالية على مقدمي الخدمات الصحية. هذا يعني أن المرافق والمؤسسات التي تقدم خدمات السياحة العلاجية يجب أن تلتزم بمعايير صحية صارمة، مثل الاعتمادات الدولية، مما يزيد من جاذبية الوجهات الصحية بشكل عام.
2. الثقة والمصداقية بين المرضى ومقدمي الخدمات الصحية، فعندما يعلم المريض أن الوجهة التي يفكّر في اختيارها للعلاج تتبع معايير صحية دولية معترف بها، فإن ذلك يزيد من احتمالية سفره إليها.
3. من شأن القوانين الصارمة أن تحفّز على الابتكار والتنوع في الخدمات الصحية المقدّمة للسياح الطبيين. فعلى سبيل المثال، يمكن أن تشجع السياسات على استخدام أحدث التقنيات الطبية أو تطوير برامج علاجية متقدمة، مما يعزّز التنوّع والتميّز في العرض.
تشمل القوانين الصارمة متطلبات إضافية مثل الترجمة الطبية والتواصل الثقافي، التي يجب على مقدّمي الخدمات التأقلم معها لضمان تجربة سلسة للمرضى الدوليين. باختصار، القوانين الصارمة لها دور مهم في تعزيز الثقة والجودة في السياحة العلاجية، ولكن يجب أن تكون متوازنة بحيث لا تعيق الابتكار والنمو الاقتصادي في هذا القطاع الحيوي.
وفي سبيل توضيح ذلك نشير إلى أن:
1. القوانين الصارمة غالباً ما تفرض معايير دقيقة على الرعاية الصحية وسلامة المرضى. هذا يشمل معايير المؤسسات الطبية، التي يجب أن تكون مجهزة بتقنيات حديثة وتلتزم بإجراءات نظافة وسلامة صارمة ما يزيد من مصداقية الوجهات الطبية ويجذب المرضى الدوليين الذين يبحثون عن رعاية عالية الجودة.
2. قد تتطلب القوانين الصارمة تراخيص صحية ومالية معقدة لمقدمي الخدمات الصحية، مما يمكن أن يكون عائقًا للشركات الصغيرة أو الجديدة في دخول سوق السياحة العلاجية.
3. قد تشترط القوانين الصارمة مستويات عالية من التأمين والتغطية للمرضى الدوليين، مما يحميهم من المخاطر المحتملة ويعزز الثقة في النظام الصحي المحلي.
4. يجب أن تلتزم الوجهات الطبية بالقوانين والتشريعات المحلية والدولية في التسويق لخدماتها، مما يمكن أن يكون تحديًا في بناء حملات تسويقية فعّالة وجاذبة للسوق الدولي.
وأخيراً، فإن الجهات التي تتبنى القوانين الصارمة بطريقة تعزز من الجودة والسلامة قد تكون في موقع أفضل لمنافسة الأسواق العالمية. هذا يساعد على جذب مزيد من المرضى الدوليين وتعزيز سمعة الوجهة كوجهة رائدة في السياحة الطبية.
* تسجل مدوّنة مسيرتك إنجازات لافتة، وتنقلًا مهمًّا بين أكثر من حقل قانونيّ وحقوقيّ. فهل من دوافع محدّدة، أو خاصة، أخذتك نحو حقل المسؤولية الطبية والمساءلة القانونية والمدنية المرتبطة بها؟
_ في الحقيقة، أنا حائز على درجة الماجستير في المسؤولية الطبية ودرجة الدكتوراه أيضاً من جامعة القاهرة في مسؤولية الطبيب عن أخطاء المساعدين. بالإضافة إلى ذلك، لدي خبرة عملية واسعة في مجال الرعاية الصحية، حيث أعمل كباحث في مجال المسؤولية الطبية منذ عام 2000، مما يعني أنني أمارس هذا المجال منذ 25 عامًا حتى الآن. كما أنني أشكل الآن منصة غرب آسيا والشرق الأوسط في اتحاد المسؤولية الطبية المهنية في الولايات المتحدة الأمريكية، وأعمل كشريك بكوني Defense Affiliate Partner في هذا المجال منذ عام 2021 وحتى الآن.
* ما تحققه على الصعيد الإقليمي يعد إنجازًا فذًّا ومسؤولًا، يحق للوطن كله بأبنائه وقيادته أن يفخر به، خصوصًا كونك الرئيس التنفيذي لمنظمة غرب أسيا للاستشارات والأبحاث الطبية ومقرّها اسطنبول. هل لك أن تطلعنا على مفردات هذا الإنجاز، ودلالات اللحظة الفارقة التي قررت بها الإبحار نحوه؟
_ بالطبع، يسعدني أن أشاركك الحديث عن إنجازات منظمة غرب آسيا للاستشارات والأبحاث الطبية والمحطة الفارقة التي دفعتني للانضمام إليها كرئيس تنفيذي ومؤسس. منظمة غرب آسيا تعد منارة في مجال البحث الطبي والاستشارات في المنطقة، وتمتاز بالتفاني والتفرد في تقديم الخدمات الطبية والتعليمية. الإنجازات التي تحققت على الصعيد الإقليمي تشمل:
1. الريادة في الأبحاث الطبية: حققت المنظمة إسهامات بارزة في البحوث الطبية.
2. الاستشارات الاستراتيجية: تقديم استشارات متميزة في مجال الرعاية الصحية.
3. التعليم والتدريب: تنظيم برامج تدريبية متخصصة للعاملين في المجال الطبي.
4. الشراكات الدولية: تعزيز التعاون مع منظمات دولية ومراكز بحثية عالمية، مما أدى إلى تبادل المعرفة والتقنيات الطبية المتقدمة.
اللحظة الفارقة التي دفعتني لاتخاذ قرار تأسيس منظمة غرب آسيا جاءت من رؤيتها المستقبلية والالتزام بتقديم خدمات طبية متميزة وتحسين الرعاية الصحية على مستوى الإقليم. كرئيس تنفيذي، أرى أن لدي فرصة فريدة للمساهمة في النهوض بمجال البحث الطبي والرعاية الصحية في دول غرب آسيا، مما يجعلني فخوراً بهذا الدور وبالفريق الذي يعمل بجدية وشغف لتحقيق هذه الأهداف. كما نسعى إلى "تعزيز التعاون الإقليمي"، "تطوير البنية التحتية الطبية"، "المساهمة في التقدم الصحي"، و"دعم الابتكار والبحث العلمي" وتطوير السياسات الصحية المستدامة التي تخدم مصالح الدول الأعضاء.
كما نسعى في غرب آسيا إلى إقامة شراكات استراتيجية مع مراكز البحث والجامعات والمستشفيات في المنطقة من أجل تطوير السياسات الصحية مما يسهم في تحسين الرعاية الصحية وتعزيز الصحة العامة في المنطقة.
* خيار التأمين بوصفه حلًّا لكلف التعويضات في حالة حدوث ضرر ما، يملك مختلف روافع النجاعة، ولكن ألا تعتقد أن الموروث الثقافي والديني والقيمي، قد يقلل من فرص الذهاب إلى هذا الخيار/ الحل المنطقي، بل الأكثر منطقية؟
_ التأمين كحل للتعويضات في حالة الضرر هو حل منطقي وفعّال من الناحية الاقتصادية والمالية، إلا أن هناك عوامل ثقافية ودينية وقيمية قد تؤثر على قرار الأفراد في اختيار هذا الحل، منها: الموروث الثقافي والديني، ففي بعض الثقافات والأديان، قد يكون الاعتماد على التأمين مرتبطاً بآراء معينة تجاه المال أو التكافل الاجتماعي. بعض الأفراد قد يعتبرون التأمين تحميلاً مالياً زائداً أو قد يرونه يتعارض مع مفاهيم الاعتماد على الله أو القدر الإلهي.
لكن هناك بدائل مثل صناديق التكافل كما هو الحال في المملكة العربية السعودية، حيث تشجع القيم الاجتماعية على الاعتماد على التكافل والدعم الاجتماعي بدلاً من الاعتماد على خدمات التأمين التجارية. كما أن البلدان ذات الاقتصادات المتقدمة، قد يكون الاعتماد فيها على التأمين أكثر شيوعاً وقبولاً، بينما في البلدان ذات الاقتصادات الناشئة، قد يكون الوضع مختلفاً بسبب التحديات الاقتصادية والثقافية.
بشكل عام، يجب على شركات التأمين والمجتمعات الاهتمام بالتفاعل بين هذه العوامل وكيفية تأثيرها على اتخاذ القرارات المالية. إدراك هذه العوامل يمكن أن يساعد في تطوير منتجات تأمين أكثر تناسباً للاحتياجات والتوقعات الثقافية والدينية للأفراد والمجتمعات على حد سواء.
* بعيدًا عن المسؤولية القانونية ومختلف دهاليزها، إلى أي مدى يمكن نقل السياحة العلاجية في الأردن من منطقة الرؤيا إلى آفاق الرؤية؟
_ يمكن تحقيق ذلك من خلال الترويج والتسويق واستهداف الأسواق الدولية والمحلية بحملات ترويجية فعالة لجذب المزيد من السياح العلاجيين. ومن خلال التعاون مع القطاع الخاص الذي عليه أن يلعب دوراً حيوياً في تطوير البنية التحتية الصحية. ولا ننسى أن الحكومات يمكن أن تلعب دورًا مهمًا في تسهيل الإجراءات الإدارية والتنظيمية، مما يسهل على السياح العلاجيين الوصول إلى الخدمات الطبية والسياحية، وبالتالي لا بد من التنسيق معها.
كما ينبغي أن نتيح خيارات متنوّعة للعلاجات والخدمات الصحية المتاحة، بما يناسب احتياجات السياح من مختلف البلدان. وأن نراعي الجودة والموثوقية في الخدمات الصحية والسياحية كونهما عنصرين أساسيين في نقل السياحة العلاجية إلى مستوى يلبي توقعات السياح. وأن نتبنى شراكات مع مؤسسات أكاديمية ومهنية عريقة في هذا المجال، مثل جونز هوبكنز وكليفلاند كلينك وغيرها. وأن نتعاون مع كبرى شركات التأمين لتغطية الأخطاء الناتجة عن العلاج وتوفير التأمين المناسب للسياح العلاجيين. في سياق متصل، فمن المعروف أن الأردن يملك سمعة جيدة في تقديم الخدمات الطبية عالية الجودة، ويعد مركزًا حيويًا للعلاجات المتقدمة مثل طب الأورام، جراحة القلب، علاجات العيون، وغيرها من التخصصات، وعليه أن يحافظ على هذا التميز الطبي من خلال جذب المزيد من الخبراء والمتخصصين لتقديم العلاجات الفريدة والمتطورة. كما عليه أن يواصل تطوير البنية التحتية الصحية بما في ذلك المستشفيات والمراكز الطبية، ويزوّدها بأحدث التقنيات الطبية والأجهزة لضمان تقديم رعاية طبية فعالة وآمنة للسياح العلاجيين.
من روافع نقل السياحة العلاجية من حقل الرؤيا إلى حقل الرؤية، الاستثمار في المرافق الفندقية، وفي تطوير المستشفيات والعيادات الطبية لتحسين جودة الخدمات الطبية المقدمة. كما ينبغي تحسين البنية التحتية لتكون أكثر جاذبية للمرضى الأجانب من خلال تطوير وتحديث الفنادق لتلبية احتياجات السياح العلاجيين، مع توفير مرافق مثل (السْبا) والمراكز الصحية في المواقع السياحية الشهيرة.
ولا بد في سياق السعي إلى تعزيز مكانتنا على خارطة السياحة العلاجية في العالم، من وضع برامج تدريبية وورش عمل للكوادر الطبية والعاملين في قطاع السياحة لتحسين مهاراتهم في خدمة السياح العلاجيين، ومن تعزيز التعليم الطبي والتعليم الطبي المستمر والبحث العلمي في التخصصات الطبية المتقدمة فهذا كلّه يسهم في جذب المزيد من الخبراء الطبيين والباحثين إلى الأردن. كما أن تبسيط الإجراءات القانونية والإدارية ومنح التأشيرات للسياح العلاجيين، وتوفير التسهيلات المالية والضريبية للشركات والمؤسسات العاملة في قطاع السياحة العلاجية، من عوامل تطوير هذا القطاع الحيوية.
أخيرًا وليس آخرًا، فإن تنفيذ هذه الإجراءات، والتركيز على تطوير البنية التحتية، وجودة الخدمات، يمكّن الأردن من تحقيق تحولٍ كبيرٍ في قطاع السياحة العلاجية، ويعزز فرص جذب السياح، ويساهم في تعزيز الاقتصاد المحلي، وتعزيز مكانتنا الدولية كمركز طبي متميز.