الكرامة الإيرانية الجريحة
المحامي محمد الصبيحي
31-07-2024 12:35 PM
إذا كان ضيف المرشد الإيراني الأعلى غير آمن على حياته في مقر الضيافة المحروس أمنيا فهل المرشد الأعلى نفسه بمنأى عن اليد الإسرائيلية؟؟
ربما يكون هذا أول التساؤلات التي يطرحها اغتيال المجاهد اسماعيل هنية في قلب طهران، ضمن سلسلة من التساؤلات قد يصل بعضها إلى اتهام جهات إيرانية بالتواطؤ وتمرير معلومات مفصلة عن مقر إقامة هنية وساعة وصوله وتأكيد تواجده في المكان، ناهيك عن السؤال الكبير: كيف لغارة جوية أن تصل قلب طهران دون أن تكشفها الرادارات ووسائل الدفاع الجوي؟؟. اذا صحت الانباء أن الاغتيال تم من الجو؟
ما حدث رسالة خطيرة متعددة الاتجاهات فهي طعنة قاسية لهيبة النظام الإيراني عسكريا وسياسيا وشرعيا فاغتيال ضيف جريمة عار في التقاليد الشرقية والدينية، وهو رسالة إسرائيلية إلى القيادة الإيرانية بأنكم لستم في مأمن من قواتنا حتى في عقر داركم، ورسالة مماثلة إلى كل عربي في أي موقع سياسي، وهو رسالة تحذير إلى الرئيس التركي رجب أردوغان بعد التعليق التحذيري الذي أطلقه وزير الخارجية الاسرائيلي مذكرا أردوغان بمصير صدام حسين.
وكل تلك الرسائل في كافة الاتجاهات تفسر لماذا اختارت اسرائيل اغتيال هنية في طهران المشددة حراستها امنيا وليس في الدوحة؟؟ فلو تم الاغتيال في الدوحة لما كان لكل تلك الرسائل معنى سوى رسالة واحدة أن الطعنة موجهة للولايات المتحدة الأمريكية.
اغتيال هنية يعني انتهاء مفاوضات وقف اطلاق النار، فاسرائيل التي قتلت المفاوض المقابل ستجلس وحدها على طاولة المفاوضات بجانب وليام بيرنز لشرب الشاي بلون الدم.
نتنياهو أغلق ملف الأسرى الاسرائيليين لدى حماس وتخلص كما يعتقد من ضغوط واحتجاجات عائلاتهم كما ارضى بن غفير وعصابته وحافظ على استمرار حكومته والتهرب من محاكمته. ولكنه بالمقابل قد يعجل في انجاز المصالحة والوحدة الوطنية الفلسطينية.
اغتيال هنية وضع إيران في زاوية حرجة جدا ووضع المنطقة على شفير حرب طاحنة يسعى نتنياهو إلى جر أمريكا إليها ومن جانب اخر دق المسمار الأخير في نعش أي حل سياسي للقضية الفلسطينية وأكد قناعة وموقف الراديكاليين أن المنطقة لن ترى الأمن والسلام إلا بالتخلص من السرطان الذي زرعه بلفور والغرب في جسد الأمة العربية.
الأنظار الآن تتجه إلى إيران والكرامة الإيرانية الجريحة والى حزب الله المكلوم مرتين خلال ٤٨ ساعة.
وفي الوجه الأخر لتفسير ما جرى يقول قائل رب ضارة نافعة فقد أشعل نتنياهو النار في أطراف ثوبه وسيزهو قليلا ثم يبكي كثيرا.