facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




اقتصاد التكافل لمواجهة الفقر


وفاء عوني الخضراء
30-07-2024 06:19 PM

يتعين على الأردن تبني نموذج اقتصادي مبتكر يمكن المجتمعات المحلية من مواجهة تحديات الفقر والموارد المحدودة في ظل التطور التكنولوجي والمعرفي السريع. لتحقيق ذلك، يجب تحويل فكرة "الاقتصاد من القاعدة إلى القمة" إلى واقع ملموس، من خلال تحويل الموارد الطبيعية والمادية المتاحة في المجتمعات الفقيرة إلى فرص للإبداع بدلاً من اعتبارها تحديات. يتطلب هذا الانتقال إلى اقتصاد الرعاية والتكافل، الذي أصبح ضرورة وليس خياراً لمواجهة المستقبل. عبر تمكين الفقراء، تعليم الشباب، وتشجيع الإنتاج المحلي، يمكننا بناء اقتصاد مستدام يعزز العدالة الاجتماعية ويؤمن مستقبلاً أفضل للجميع. يجب أن نتحرك الآن لضمان جاهزية الاقتصاد الأردني ومرونته لمواجهة التحديات المقبلة، وخلق بيئة اقتصادية تركز على الإنتاجية والابتكار بدلاً من الاستهلاك المفرط.



كيف نقوم بذلك بشكل مبتكر؟

أولاً: يجب إعادة تصور استراتيجيات التنمية الاجتماعية نحو اقتصاد التكافل والتمكين، مع التركيز على تعزيز قدرات المجتمعات المحلية وتحويلها إلى قوى إنتاجية. على سبيل المثال، يمكن إنشاء "مراكز التمكين المجتمعي" في القرى النائية، حيث توفر برامج تدريبية متقدمة في تكنولوجيا المعلومات والزراعة المستدامة، بالإضافة إلى تأسيس مختبرات ابتكار محلية لتحويل الموارد المتاحة إلى منتجات ذات قيمة. ينبغي أيضًا تطوير أسواق محلية في المملكة وأسواق رقمية لعرض وبيع هذه المنتجات، وتقديم دعم اجتماعي شامل يتضمن استشارات فردية، وتمويل مشروعات صغيرة، وبناء ثقافة مالية قوية.


ثانيًا: يجب إعادة تصميم استراتيجياتنا التعلمية والتدريبية بطرق مبتكرة لضمان مرونة مؤسساتنا في بناء المهارات والكفاءات المستقبلية. نحتاج إلى تطوير منظومة تعلمية مستقبلية تعتمد على التحول الرقمي لتلبية احتياجات سوق العمل المتغير. على سبيل المثال لا الحصر، يمكننا إطلاق مبادرة "الجامعات الرقمية الميدانية"، حيث تتعاون الشركات الرائدة مع الجامعات لتقديم برامج تدريبية متقدمة في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، الطاقة المتجددة، والمشاريع الذكية,الخ وعبر منصات تعلمية تفاعلية. باستخدام تقنيات الواقع المعيش والمحاكاة المتقدمة، يمكن توفير تجارب تعلمية جوهرية للشباب في المناطق النائية، مما يتيح لهم المشاركة في جلسات تدريبية مباشرة. من خلال هذه المنظومة، نضمن وصول المعرفة المتطورة إلى كل زاوية من الوطن، مما يمكّن الشباب من اكتساب المهارات اللازمة للتفوق في سوق العمل العالمي، ويخلق مجتمعًا تعلميًا نابضًا بالإبداع والفرص. يتطلب هذا التحدي تحديث المناهج الدراسية بشكل مستمر وتبني تقنيات تعلمية حديثة.
ثالثًا: يجب إعادة تصميم استراتيجيات إدارة المشاريع الريادية ضمن إطار اقتصاد التكافل، مع التركيز على استثمار الموارد الطبيعية والمادية المتاحة في المجتمعات المحلية التي تعاني من الفقر. هذه المجتمعات، التي تعاني من صعوبة في الوصول إلى الفرص، تمتلك إمكانيات بشرية هائلة لم تُكتشف ولم تحقق ذاتها. من خلال دعم هذه المجتمعات في تحويل أفكارها المبتكرة إلى حلول عملية للاستفادة من الموارد وتأسيس خطوط إنتاج محلية، يمكن تحقيق التنمية المستدامة. التعاون ما بين جميع القطاعات لتوفير التوجيه والدعم اللازمين خلال رحلة الإنتاج، سيمكّن المجتمع المحلي من تسويق منتجاته بفعالية. نحتاج إلى اقتصاد تضامني يمكّن الأفراد المحتاجين من أن يصبحوا منتجين ومساهمين فعّالين في الاقتصاد، مما يعزز العدالة الاجتماعية والاستدامة الاقتصادية.

رابعًا: لإحداث نقلة نوعية في الاقتصاد المحلي، يجب تبني "اقتصاد الموارد الذكية" الذي يركز على اكتشاف وتوظيف الموارد الطبيعية والمادية بشكل مبتكر. بدلاً من اعتبار هذه الموارد عائقًا، يمكننا تحويلها إلى فرص من خلال "مبادرات الإبداع البيئي"، التي تشجع رواد الأعمال المحليين على تصميم منتجات جديدة من المواد المهدورة.

تصور إنشاء "مختبرات ابتكار محلية" لتطوير تقنيات متقدمة في إعادة تدوير المواد وتحويلها إلى منتجات ذات قيمة مضافة. على سبيل المثال، يمكن استخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد لإعادة تدوير البلاستيك وتحويله إلى منتجات جديدة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن إطلاق "أسواق الإبداع المجتمعية" التي تدعم الإنتاج المحلي وتشجع الفلاحين والحرفيين على تقديم منتجاتهم مباشرة إلى السوق.


الانتقال إلى اقتصاد قائم على الرعاية والتضامن يتطلب التعاون الاستراتيجي من جميع الأطراف المعنية، من الحكومة إلى المؤسسات الأكاديمية والمجتمع المحلي والبنوك والطبقة الثرية، لبناء اقتصاد يستند إلى تمكين وتفعيل قدرات المجتمع المحلي.


الفقر ليس مجرد مشكلة اقتصادية، بل هو مؤشر على غياب التضامن فيما بيننا، أو على نظام تعليمي لم يلبي احتياجات بعض الناس. كما يمكن أن يكون نتيجة لعدم وجود سياسات حكومية كفوءة لمكافحة الفقر، أو تعثر في نماذج اقتصادية لم تعد فاعلة. في نهاية المطاف، يعكس الفقر حاجتنا كمجتمع إلى تقديم الدعم الاجتماعي الضروري، مما يجعل معالجته مسؤولية جماعية نتحملها جميعاً.







  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :