من الآن، أعلن بكامل عنادي، أنني سأقيم فوق شجرة ملول، أو بلوط، أو سنديان، أو خروب، في حال تعرضت غابات برقش لإي هجوم بالجرافات ومناشير الجنزير المتسلسلة. سأقيم على شجرة يوماً أو يومين أو سنتين وأكثر، وقد يؤازرني أولادي وأخواني، وبعض أهلي، وصحبي، وقرائي، وكل المحبين للحياة، العاشقين الأخضر، المقدرين معنى الشجرة. سنتحدى بأجسادنا قطع غصن من غابة برقش. فهذه برقش، وما أدراك ما برقش؟!!.
برقش وما حولها بحرنا الأخضر الدافق. فمن رأس برقش يمكنك أن تتمد نظرك لتداعب لحية جبل الشيخ. أو تصغي للحساسين وغزلها، أو ترعى شغب العصافير آخر النهار. يمكنك أن تقتات على رائحة الزعتر، وفوح الياسمين العراقي (الياسمين البري). يمكنك في برقش أن ترى الشمس وهي تغافلنا وتضع قبلاتها الحمراء فوقها وقت الغروب. هي بركش وكفى.
البلدان التي تقدر الحياة، لا يهان فيها الشجر. فحتى الشوارع يغيرون مساراتها للإبقاء على شجرة. إلا نحن، فلدينا ثقافة غريبة عدائية. ولهذا ترانا ننقضُّ على كل شيء أخضر. ألا يوجد أراضي صليخ (عارية من الشجر) في عجلون أو الكورة، لتقيموا عليه الأكاديمية العسكرية. نحن لسنا ضد وجود أكاديمية في عجلون، ولكننا ضد اختيار هذا المكان تحديدا.
يخنقني القهر، فلو كانت برقش واشتفينا ودبين في بلد آخر، لذاع صيتها عالمياً، وليمم شطرها السواح من كل فج عميق. ولكننا وبكل إصرار نريد أن نحول ما بقي لنا من بحرنا الشجري في عجلون والكورة وجرش إلى غابة إسمنت!.
الغابات الحرجية لا تغطي إلا واحد بالمائة من مساحة الأردن، معظم هذه الواحد بالمائة في عجلون والكورة وجرش، وهو يتناقص بشكل سريع وخطير، جراء التقطيع الجائر من لدن تجار الحطب والفحم الشرفاء، وجراء الاجتياح الاسمنتي الشره. و صرخنا حتى تقطعت حبال صوتنا: الأردن مهدد بالقرع الكامل، في بضع سنين، أو أدنى.
أوجه نداء إلى كل المحبين للحياة، المحبين لأردن ينتج بعضاً من أكسجينه، أن يقفوا في وجه هذا المشروع في هذا المكان، فيوم أمس أطلقنا الشرارة الأولى لمقاومة المشروع، وسنعمد إلى التصعيد من وتيرة احتجاجنا. ولهذا أوجه نداء إلى كل الجمعيات التي تعني بالشأن البيئي، وما أكثرها في عمان، أن تقف معنا وتساندنا، وكذلك إلى كل الشخصيات الوطنية أن تؤازر مسعانا هذا.
أضحكني وأبكاني تصريح القائمين على المشروع من أن إقامة الكلية لن يتسبب إلا بقطع 300شجرة. (فعاقل يحكي ومجنون يسمع). فهل هذا كلام ينطلي على العقل، ونحن نعرف أن شارعا بسيطاً يأكل أضعاف هذا العدد. ثم لماذا نصرُّ على كلية عسكرية، وقبل أشهر أغلقنا الجناح العسكري لجامعة مؤتة؟؟!.
أنا مع تنمية محافظة عجلون ولواء الكورة وكافة أريافنا، ولكن التنمية التي تقام على حساب جمال هذا المناطق لا نريدها. بإمكانكم أن تستثمر الجمال، فهو مدر أكثر لو تعلمون!!.
سأقيم على شجرة (قيقب)، وسأفتح صدري للجرافة، وسأمد ذراعي للمنشار. إن اقتربتم من غصن في برقش. فابتعدوا، فهي من أواخر معاقلنا الخضراء .

ramzi972@hotmail.com