في الوقت الذي تملأ صيحات التحديث كل فضاءات الأردن، حيث يتسابق أناس مجهولون، وشبه معروفين، وبعض معروفين على خدمته عن طريق الترشح والانتخابات، يضيع التعليم بين مصطلحات وممارسات تخلت عنها دول عديدة كنا نحن أكثرَ تفوقًا منها، فطفت على السطح أفكار، ومعانٍ، وسلوكات تعكس كم نحن غير جادّين في الإصلاح التربوي على الأقل، فما بالك بالإصلاح الحزبي، والانتخابي، والسياسي، والإداري؟!!
انتهينا من امتحان التوجيهي قبل أيام، بمطبّاته الهوائية، والقبلية، بانتظار ما ستسفر عنه مطبّات قادمة لا ريب فيها! انتهى التوجيهي بعد أن منعوا ألفي طالب وطالبة من التقدم للامتحان؛ بذريعة قانون الدوام المدرسي! وحرمان ألف آخرَ بذريعة الغش والفساد! ولا ندري كم مراقبًا عوقب بتهمة عدم التشدد الرقابي! وانتهينا قبلها من الشكوى والتذمر من تدني مستويات الطلبة؛ بذريعة عدم وجود قوانين تسمح بترسيبهم، أو إبعادهم وطردهم!! نعم، هذا حصل فعلًا؛ إنهم يريدون قوانين لترسيب الطلبة الذين فشلوا في تعليمهم، كتلك القوانين التي سمحت لهم بحرمانهم من التوجيهي! ففي أي عصر تربويّ نحن؟!!
(01)
جامعة من أجل التشغيل
على الرغم من أن أهداف التربية العالمية في القرن الحادي والعشرين هي:
تعلَّمْ لتكون.
تعلَّمْ للعيش معًا.
تعلَّمْ لتعمل.
تعلَّمْ لتعرف.
وعلى الرغم من أن الجامعات ليست شركات توظيف، يصرّ كثيرون على ربط التعليم الجامعي بسوق العمل، ويتحدث مسؤولون عن تخصصات راكدة، وأخرى غير راكدة، تطالعنا جامعة اليوم بأن شعارها: التعليم من أجل التشغيل، بل وتفتخر بهذا الشعار!
علمًا بأن أهداف التعليم هي الحياة، وإدارة الذات، والتخطيط للحاضر والمستقبل، والمشاركة في تحسين نوع الحياة، والعيش في عالم متغير. سبق أن نوقشت هزالة ربط التعليم بسوق عمل متغير، وغير معروف، وأن كثيرًا منا يعمل في غير اختصاص؛ فالوزير الطبيب جيء به مربّيا، والتربوي ثقافة، والعسكري تنظيما اجتماعيّا، والسياسي شبابًا!! عدا عن ذلك ما يعكسه المديرون من اختلاط التخصصات والأنساب! وما زالوا يقولون: الجامعات للتشغيل، متجاوزين تنوع أهداف الحياة!!
فأيّ تلوّث هذا؟!!
(02)
الإدارات التربوية
من المألوف أن نرى مديرًا للامتحانات العامة لا صلة لتخصصه بها! أو مديرًا للتدريب، أو للتخطيط، أو لأي إدارة تربوية منبتّة! فالمدير التربوي قائد، والقائد هو شخص:
- يمتلك فكرًا تربويّا، ورؤية تربوية.
- يمتلك فلسفة اجتماعية، وعمقًا اجتماعيّا.
- يمتلك وعيًا ديموغرافيّا، يمكّنه من فهم قيم الجغرافيا الوطنية، والتاريخ! ومشكلات المجتمع، وتطلعاته وحاجاته. ولذلك لا يستقيم أن نعيّن قائدًا تربويّا من دون هذه الأمور!
هل يستقيم مثلًا أن نعين مديرًا للامتحانات لا يعرف حاجات الجغرافيا الاجتماعية؟ أو مديرًا للمناهج لا يعرف قيم المجتمع؟!!
• كيف نتحدث عن إصلاح إداري، أو تربوي ونحن غارقون في شللية معرفية، أو زبائنية!
• كيف نتحدث عن إصلاح التعليم من دون بناء مجالس التعليم؟
• وكيف نتقدم ونحن في عمى الشللية، وضيق الأفق!
• كم مرة تغير وزير التربية؟
• كم مرة تغيرت جماعة التدريب!
• أما المناهج، فقصّة أخرى!!
(03)
في الزبائنية والفساد
رخّصت سيارتي، وبعد أن وصلت الشباك المعنيّ، قال لي أحدهم: أنت قرايب المدير! لازم الرخصة "تيجيك عالبيت! مش أنت تيجي" عليها!
فهمت عليَّ جنابك!!