خطوة تحتاج إلى ضوابط صارمة
سلامة الدرعاوي
30-07-2024 12:30 AM
السماح لموظفي القطاع العام بالعمل خارج أوقات الدوام الرسمي هو قرار يستدعي نقاشاً حاداً حول تأثيراته المحتملة على الإنتاجية والولاء الوظيفي.
كثيرون من برّروا هذا التعديل في نظام الخدمة المدنية بأسباب موجبة تدعي فيها تحقيق التوازن بين الحياة المهنية والخاصة للموظفين، وزيادة الدخل الفردي بما يعزز من استقرارهم الاقتصادي، ومع ذلك، فإن هذه الخطوة تحتاج إلى ضوابط صارمة لضمان عدم تفاقم المشاكل التي يعانيها القطاع العام بالفعل.
أولاً، يجب النظر بجدية إلى قضية الولاء الإنتاجي للموظفين الحكوميين، حيث إن كثيرين يرون أن الوظيفة الحكومية أصبحت مجرد روتين يومي خالٍ من الحافز، وذلك بسبب غياب نظام العقاب والثواب الفعال، فهذا الوضع أدى إلى تدني نسبة الإنتاجية في القطاع العام، وهو أمر لا يمكن تجاهله.
والسماح للموظفين بالعمل خارج أوقات الدوام دون ضوابط صارمة قد يزيد هذه المشكلة، إذ قد يتجه الموظف إلى استثمار جهده في عمله الثاني على حساب وظيفته الأساسية. من جهة أخرى، لا يمكن تجاهل الظاهرة المتنامية لحصول موظفي القطاع العام على إجازات بدون راتب للعمل في الخارج، فهذا الواقع يعكس بوضوح ضعف الولاء الوظيفي وانخفاض الحافز للإنتاجية داخل البلاد، والسماح بالعمل الخارجي قد يفتح الباب لمزيد من الموظفين للبحث عن فرص خارجية، مما يزيد نزيف الكفاءات المحلية، ويؤثر سلباً على جودة الخدمات الحكومية.
ولضمان نجاح هذا التعديل، لا بد من وضع ضوابط حازمة تمنع توسع الاستثناءات التي كانت سبباً في فشل خطط إعادة الهيكلة السابقة، لذلك يجب أن تضمن هذه الضوابط عدم تأثير العمل الخارجي على إنتاجية الموظف الحكومي وعدم وجود تضارب مصالح يضر بالوظيفة الأساسية، كذلك، يجب أن تكون عملية منح الإذن بالعمل الإضافي محايدة وخالية من أي تلاعب أو محسوبية. تشجيع هذه الخطوة يجب أن يكون مقروناً بضوابط صارمة تضمن الحفاظ على الإنتاجية والولاء الوظيفي، فالحكومة عليها مسؤولية كبيرة في التأكد من أن هذا القرار لا يتحول إلى منفذ جديد للتهرب من الواجبات الوظيفية الأساسية، وأن يظل الهدف الرئيسي هو تحسين الأوضاع الاقتصادية للموظفين دون الإضرار بالصالح العام.
ختاماً، يجب أن تكون هناك متابعة دقيقة وتقييم مستمر لهذا القرار لضمان تحقيق الأهداف المرجوة دون الإضرار بالإنتاجية والولاء الوظيفي في القطاع العام، فالاستثمار في العنصر البشري هو الضمانة الحقيقية لتحسين الأداء الحكومي وتعزيز ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة.
الغد