من رجالات الأردن .. معالي نصوح المجالي
د. محمد المناصير
28-07-2024 03:09 PM
* وزير الاعلام الاسبق وأول مدير عام للاذاعة والتلفزيون
وزير الاعلام الاسبق معالي الاستاذ نصوح سالم سليمان المجالي ) أبو ذاكر) .. ولد في اربد فقد كان والده يعمل في الامن العام وقد خدم قائدا لمخفر وادي السير سابقا كما اخبرني والدي .. ويحمل معالي نصوح المجالي شهادة الليسانس في الادب الانحليزي من الجامعة اللبنانية عام 1964م .. وقد تولى العديد من المناصب ففي خلال الفترة 1964-1965 عمل استاذا في الكلية العسكرية وعمل في دائرة المخابرات العامة الاردنية وفي 1973 عمل مديرا عاما لوكالة الانباء الاردنية وفي عام 1976 عمل مديرا عاما للاذاعة الاردنية ، وفي عام 1985م قام بتوحيد الاذاعة الاردنية مع مؤسسة التلفزيون الاردني في مؤسسة واحدة هي " مؤسسة الاذاعة والتلفزيون" واصبح مديرا عاما لها ، وتولى منصب مدير الاذاعة الاردنية الاستاذ سليمان المشيني ، وفي عام 1989م تولى منصب وزير الثقافة والاعلام..
عندما تخرجت عام 1977م من الجامعة الاردنية التحقت فورا بالاذاعة الاردنية بعد الاختبارات اللازمة وكان مدير عام الاذاعة آنذاك الاستاذ نصوح المجالي ومدير البرامج الاستاذ معاذ شقير ومدير الاخبار محمد المصالحة والمدير الاداري علي مكاحلة ومدير الهندسة يوسف العريني وكبير المذيعين جبر حجات ..
الاستاذ نصوح المجالي رجل له هيبة المسؤول ، لا يجامل ولا يداهن ولا يحابي ولا يسمح بالانفلات الوظيفي، صاحب مدرسة في الادارة، قامة باسقة ، مفكر بمستوى عال ، استاذ في الاعلام ، وله مدرسته الخاصة كان يراقب كل عمل بنفسه حتى الاغنية والكلمة والخبر والبرنامج ، اذ كان يراقب البرامج بنفسه ويجيزها ويعدل على النصوص بخطه الجميل وفكرة النير ، كان يستمع لكل ما يذاع في الاذاعة ليلا نهارا ويوجه وبنقد ويعدل ويعاقب . ولكنه رجل دولة يفهم ويتفهم احوال الموظف والعامل ، فقد كان يتخذ القرار بمعاقبة من يخطيء ثم يزيل الضرر على الموظف إما بإعطائه فرصة والغاء القرار بعد استدعائه وتوجيهه أو دفع الحسم من راتب الموظف من جيبه الخاص في احيان كثيرة عندما يكون الخطأ غير مقصود .
وقد كان اول برنامج قمت باعداده والذي عرف الاستاذ نصوح المجالي بي جيدا من خلاله فهو برنامج " بلدان وأحداث" وقد حدثت بعض الاشكالات حول هذا البرنامج المسموع جيدا في الاردن فحين كتبت حلقة عن الصحراء المغربية احتج سفير المغرب وحضر الى الاذاعة فطلب مني عطوفة نصوح المجالي تحضير نفسي جيدا إن طلب مني مقابلة السفير في مكتبه ، ولكنه استقبل السفير وحل الاشكال دون تدخلي ، وعندما كنت أعد برنامج " صفحة من تاريخ الاردن " اتصل معالي وزير الاعلام عدنان أبو عودة مع الاستاذ نصوح المجالي مدير الاذاعة بعد سماعه احدى حلقات البرنامج وقال له : اوقف هذا البرنامج قائلا " لا يوجد للاردن تاريخ قبل عام 1921م" فاستدعاني عطوفة نصوح المجالي واخبرني أن الوزير أمر بوقف البرنامج فقلت له بدون تفكير لا يستطيع لأن الحلقة القادمة التي ستذاع غدا ستكون عن الثورة العربية الكبرى ونواصل التاريخ الحديث بعدها ودون ان يتصل بالوزير أمامي قال لي " استمر في البرنامج" وقام هو بتسوية الموضوع مع الوزير .. وفي اكثر من اجتماع للجنة البرامج ذكرني ووصفني بأنني " شاب واعد " وأخذ يعتمد علي في اعداد البرامج الخاصة وبرامج المناسبات وكان يراقب البرامج بنفسه فيعدل ويضيف ويحذف وحين قام بضم الاذاعة والتلفزيون في مؤسسة واحدة استعان بي في العديد من البرامج الخاصة والمناسبات للتلفزيون الاردني منها برنامج الاردن وعد وانجاز وبرامج الهاشميين ومناسباتهم والمناسبات الملكية للملك الحسين ، والبرامج الخاصة بمختلف المناسبات الاردنية والعربية والعالمية . وعينني نصوح بك آنذاك رئيسا لقسم الارشيف والدراسات بعد مرور عامين على دخولي الاذاعة ، وارسلني الى جمهورية المانيا الاتحادية في دورة طويلة لمدة عام وشهر في عام 1980م , وحين عدت من المانيا عينني في دائرة الاخبار قسم التحرير ثم عينني رئيسا لاكبر قسم في الاذاعة وهو قسم الرصد الاذاعي الذي كان يضم 43 موظفا جميعهم أكبر مني .. ثم رئيسا لقسم البرامج الخاصة والمناسبات اضافة لقسم الارشيف والدراسات ، وعندما اصبح وزيرا للاعلام والثقافة عام 1989م قام بنقلني لوزارة الاعلام وقرر ان يكون دوامي في دائرة المطبوعات والنشر ، تمهيدا لتحويل مبنى السفارة البريطانية ارشيف لرئاسة الوزراء ووزارة الاعلام الا انه لم يتمكن من إتمام المشروع لانتهاء فترة خدمته وزيرا للاعلام ، ثم نقلت الى وزارة الاعلام كاتبا للتعليق السياسي في زمن معالي الوزير محمد الخطيب وكنت مع كمال أباظة ومحمد نويران .
وللحقيقة والتاريخ فإن معالي نصوح المجالي مفكر ومحلل من طراز رفيع وكاتب ذكي و مهني من طراز رفيع , وهو إداري قوي يحمي موظفيه ويدافع عنهم حتى لو أخطأوا دون قصد منهم , ولا يعرف الجهوية والشللية والاقليمية , ويؤمن بالكفاءه والإنجاز ويدعمها ويتبناها , ولذلك فإن بصماته واضحه في مسيرة الاعلام الوطني الاردني.. ومن طريف اسلوبه في الادارة عندما يلتقي بموظف في الكوريدور يوبخه ويسأله لماذا انت هنا ، ولذلك عندما يدخل الاذاعة يفر المسؤول والموظف من طريق آخر ويلتزمون باعمالهم هيبة واحتراما، وله جوانب انسانية فهو لا يتعسف في استخدام سلطته الادارية ، وكان يزور مقسم الاذاعة للاطمئنان على موظفي المقسم والمراسلين..