الحرب بالوكالة ونظام الدفاع العربي المشترك
الدكتور علي فواز العدوان
28-07-2024 11:21 AM
الغارات الإسرائيلية على سوريا ولبنان وغزة تثير دائماً جدلاً كبيراً وتسلط الضوء على قضايا الدفاع والأمن في المنطقة العربية نظام الدفاع المشترك التابع لجامعة الدول العربية تم إنشاؤه ليكون آلية للدفاع الجماعي في حالة تعرض أي دولة عربية لاعتداء خارجي.
وتم توقيع اتفاقية الدفاع العربي المشترك في عام 1950، وتنص على أن أي اعتداء على أي دولة عربية يعتبر اعتداءً على جميع الدول الأعضاء، وأنه يجب على جميع الدول الأعضاء تقديم المساعدة اللازمة للدفاع عن الدولة المعتدى عليها.
فمنذ تأسيسه، لم يتم تفعيل نظام الدفاع المشترك بشكل فعال ضد إسرائيل. على الرغم من ذلك، كانت هناك بعض المواقف التي حاولت فيها الدول العربية التنسيق فيما بينها للدفاع عن الدول المعتدى عليها، لكن لم تصل هذه المحاولات إلى مستوى تفعيل النظام بالشكل الذي كان مقصودًا به عند تأسيسه.. وتعتبر الأسباب الرئيسية لعدم تفعيل نظام الدفاع المشترك الاختلافات السياسية بين الدول الأعضاء، وعدم الاتفاق على استراتيجيات موحدة، وضعف التنسيق العسكري بين الجيوش العربية.
ومن الأمثلة على الحروب والصراعات العربية:
حرب 1948 بعد إعلان قيام دولة إسرائيل، دخلت عدة دول عربية في حرب ضد إسرائيل ولكن بدون تنسيق شامل.
حرب 1967 المعروفة بالنكسة، حيث تم هجوم إسرائيلي مفاجئ على مصر وسوريا والأردن، وانتهت بفقدان الأراضي العربية مثل سيناء والضفة الغربية وقطاع غزة والجولان.
حرب 1973 حرب أكتوبر حيث قامت مصر وسوريا بهجوم منسق على إسرائيل ولكن بدون تفعيل رسمي لنظام الدفاع المشترك.
الاعتداءات المستمرة: مثل الغارات على لبنان وسوريا وغزة في السنوات الأخيرة، حيث لم يكن هناك تفعيل رسمي لنظام الدفاع المشترك.
بشكل عام، وعلى الرغم من أن نظام الدفاع المشترك موجود نظريًا، فإن تطبيقه الفعلي ظل محدودًا بسبب التعقيدات السياسية والعسكرية بين الدول الأعضاء في الجامعة العربية.
ويعرف نظام الدفاع المشترك بين الدول العربية على انه اتفاقية دولية تم توقيعها بين الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية وهذه الاتفاقية تُعرف بـ "اتفاقية الدفاع العربي المشترك والتعاون الاقتصادي"، وتم توقيعها في 17 حزيران 1950 في القاهرة الاتفاقية تهدف إلى تنظيم التعاون الدفاعي بين الدول الأعضاء في الجامعة وتأسيس آلية للدفاع المشترك في حال تعرض أي دولة عربية لاعتداء خارجي.
ومن أهم البنود المتعلقة بالدفاع المشترك في الاتفاقية:
1. التعهد بالدفاع المشترك: الاتفاقية تنص على أن أي اعتداء على أي دولة عضو يُعتبر اعتداءً على جميع الدول الأعضاء، مما يوجب على الجميع تقديم المساعدة اللازمة للدفاع عن الدولة المعتدى عليها.
2. إنشاء مجلس الدفاع المشترك: الاتفاقية دعت إلى إنشاء مجلس للدفاع المشترك يضم وزراء الدفاع والخارجية من الدول الأعضاء، ليكون مسؤولًا عن تنسيق السياسات الدفاعية وتخطيط العمليات المشتركة.
3. التعاون العسكري: الاتفاقية تشجع على تبادل المعلومات العسكرية، والتدريبات المشتركة، وتعزيز القدرات الدفاعية للدول الأعضاء من خلال التعاون والتنسيق.
4. الالتزام بتقديم المساعدة: الاتفاقية تلزم الدول الأعضاء بتقديم المساعدة اللازمة للدفاع عن أي دولة تتعرض لعدوان، بما في ذلك المساعدة العسكرية.
قانونية الاتفاقية:
1. اتفاقية دولية: الاتفاقية تُعتبر ملزمة للدول التي وقعت عليها وصادقت عليها والالتزام بتنفيذ بنودها يُعتبر واجبًا قانونيًا على الدول الأعضاء.
2. منظومة جامعة الدول العربية: الاتفاقية جزء من النظام الأساسي لجامعة الدول العربية، مما يُضفي عليها طابعًا رسميًا ضمن إطار العمل العربي المشترك.
3. الممارسة الفعلية: رغم أن الاتفاقية ملزمة من الناحية القانونية، إلا أن التنفيذ العملي لها كان محدودًا بسبب العوامل السياسية والعسكرية المتغيرة بين الدول الأعضاء.
ونعتبر اتفاقية الدفاع المشترك بين الدول العربية اتفاقية دولية قانونية تلزم الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية بالتعاون في مجال الدفاع المشترك، إلا أن التطبيق الفعلي لها كان محدودًا بسبب التعقيدات السياسية والعسكرية بين الدول الأعضاء.
الوضع في الشرق الأوسط معقد ومتعدد الأوجه، خاصة فيما يتعلق بالاعتداءات الإسرائيلية على لبنان وغزة و إليك نظرة على دور الفصائل المسلحة في التصدي لهذه الاعتداءات، وموقف الجيوش العربية، وفكرة الحرب بالوكالة.
الفصائل المسلحة في لبنان وغزة
حزب الله في لبنان يقوم بالتصدي للاعتداءات الإسرائيلية و حزب الله هو الفصيل الرئيسي في لبنان الذي يتصدى للاعتداءات الإسرائيلية. منذ تأسيسه في أوائل الثمانينات، نفذ العديد من العمليات العسكرية ضد إسرائيل، وخاصة خلال حرب 2006.
و يحصل حزب الله على دعم عسكري ومالي من إيران مما يعزز قدراته القتالية.
حماس، التي تسيطر على قطاع غزة منذ 2007، تُعد الفصيل الأساسي الذي يواجه إسرائيل بالتشارك مع الجهاد الإسلامي .
و تحصل هذه الفصائل على دعم من عدة جهات خارجية، بما في ذلك إيران وقطر.
معظم الجيوش العربية اتخذت موقفًا حياديًا نسبيًا فيما يتعلق بالاعتداءات الإسرائيلية على لبنان وغزة و يمكن تفسير ذلك بعدة عوامل، منها
التعقيدات السياسية: العلاقات السياسية المعقدة بين الدول العربية وتباين المصالح والأولويات.
الاتفاقيات الدولية فبعض الدول العربية لديها اتفاقيات سلام مع إسرائيل (مثل مصر والأردن)، مما يحد من إمكانية تدخلها العسكري المباشر.
وعلى الرغم من الموقف الحيادي عسكريًا، تقدم بعض الدول العربية دعمًا سياسيًا وإنسانيًا للفلسطينيين وللبنان يشمل هذا الدعم إرسال المساعدات الإنسانية والضغط الدبلوماسي على الساحة الدولية.
و يشير مصطلح الحرب بالوكالة إلى الصراعات التي تنفذها فصائل مسلحة مدعومة من دول خارجية، حيث تعمل هذه الفصائل كوكيل لتلك الدول في تنفيذ أجنداتها السياسية والعسكرية.
مثل دعم إيران لحزب الله وحماس والجهاد الإسلامي يمكن اعتباره مثالًا على الحرب بالوكالة في المنطقة، حيث تسعى إيران إلى تعزيز نفوذها الإقليمي من خلال دعم هذه الفصائل.
و تلعب الفصائل المسلحة في لبنان وغزة دورًا كبيرًا في التصدي للاعتداءات الإسرائيلية، بينما اتخذت معظم الجيوش العربية موقفًا حياديًا، مع تقديم الدعم السياسي والإنساني و الصراعات في المنطقة غالبًا ما تتسم بطابع الحرب بالوكالة، حيث تدعم قوى خارجية الفصائل المحلية لتحقيق مصالحها.
والحرب بالوكالة، خاصة في سياق الصراع مع إسرائيل، تحمل العديد من المخاطر والتحديات بالنسبة للأنظمة العربية والمنطقة ككل واليك تحليل لهذه المخاطر.
زعزعة الاستقرار الداخلي وتفاقم التوترات الداخلية
فوجود فصائل مسلحة قوية داخل الدول يمكن أن يؤدي إلى زعزعة استقرار الأنظمة الحاكمة، خاصة إذا كانت هذه الفصائل تتلقى دعمًا خارجيًا يتجاوز سلطة الدولة.
التنافس على السلطة تتسبب الفصائل المسلحة في منافسة داخلية على السلطة والنفوذ، مما يؤدي إلى نشوء صراعات داخلية وتهديد وحدة الدول.
القوى الإقليمية والدولية التي تدعم الفصائل المسلحة تستخدم هذه الفصائل لتحقيق أجنداتها السياسية، مما يزيد من تعقيد الصراع ويؤدي إلى تدخلات خارجية تؤثر على سيادة الدول.
الدعم الخارجي للفصائل المسلحة يمكن أن يؤدي إلى تصعيد الصراع وزيادة حدة التوترات بين الدول، مما يجعل المنطقة أكثر عرضة للصراعات المسلحة.
الفصائل المسلحة التي تعمل بشكل مستقل عن الحكومة المركزية تضعف سلطة الدولة وقدرتها على فرض القانون والنظام.
الحروب بالوكالة تستهلك الموارد وتعيق التنمية الاقتصادية، مما يؤثر سلبًا على الاقتصاد الوطني ويسبب تدهور الظروف المعيشية للمواطنين.