بحسب ما تناقلته الاخبار عن تصريحات وزيرة التنمية الاجتماعية اشارة الى ان العام الحالي شهد انخفاضا عن العام السابق في اعداد المتسولين وان ذلك يعود إلى انخفاض اعداد المكررين لفعل التسول بعد ضبطهم...
كنت احب ان اسمع هذا التصريح من جهة غير وزارة التنمية الاجتماعية ليس لان ذلك غير مهم بل لان الوزارة معنية بالتنمية والتغيير بالدرجة الاولى وليست بالحلول الامنية لمشكلاتنا التي لها من يقوم عليها.
فالوزارة التي يحمل اسمها التنمية وعنوانها التغيير وفلسفتها النهوض والتقدم واستراتيجيتها المفترضة اعداد وتنفيذ برامج مدروسة لرفع مستوى ونوعية حياة الناس واحداث التغيير المرغوب اجتماعيا في نشاطهم وسلوكهم وإيجاد القنوات المشروعة لاشغال اوقاتهم في انشطة منتجة تنفع البلاد والعباد لا يقتصر دورها على ضبط هذا وملاحقة ذاك واعتقال المتسولين وايداعهم في مراكز لأسبوع او اثنين دون تدخلات لتغيير واقعهم ومعالجة الاسباب التي دفعت بهم الى التسول.
سيدتي الوزيرة المحترمة. ..
التسول في زيادة وهو يطبق علينا بشكل من جميع الجهات وبشكل اصبح يخيفنا ... لقد تغيرت انماط التسول عن كل ما عرفناه فالمتسول اليوم ليس شخصا قطع اصابعه او أخفى احدى يديه او لبس نظارة سوداء وعلى بيضاء يقف أمام مسجد او عيادة
لقد دخلت نساء بهيئة ربات بيوت وشابات في اعمار الورود وشباب وارباب أسر وأسر بكامل اعضاءها يجوبون الشوارع والبيوت ويدخلون من غير استئذان يضايقونك حد التعليم.
في بلد يعاني فيه الناس من القلة والجوع وغياب الفرص وفقر سياسات معالجة الفقر وتراجع اعداد المشروعات وملاحقة الاجهزة لاصحاب الأعمال الحرة او ما يحب ان يسميها صديقنا معالي الدكتور جواد العناني بانشطة الاقتصاد الهامشي فقد غالبية الناس مصادر رزقهم...
بعض الناس شبابا وصبايا ياتون بقنينة فارغة يقولون ان سيارتهم قد نفذ بنزينها وتقطعت بهم السبل ويريدون ان يضعوا فيها ما يكفي من الوقود ليعودوا لبيوتهم يحدث ذلك بعد منتصف الليل.
في أحياء عمان الغربية يكفي ان تجلس في احدى مقاهي الصويفية ليلا لتصادف عشرة الى عشرين امرأة شابة منقبة او غير منقبة يتبعها طفل او شابة جميلة لتسألك المساعدة تارة لشراء الدواء وتارة لتسديد فاتورة المستشفى واخرى لتركب سيارة توصلها الى بيتها في الزرقاء واحيانا لأن أولادها لا يجدون ما ياكلون..
اعرف ان معالي الوزيرة تجتهد في كل المجالات وتبحث عن ما يتفق مع القانون ويخالفه واعرف انها ابنة الريف الاردني تعرف معنى ما هو مقبول وما هو مرفوض. لكنني اقول لمعاليك ورفاقك من واضعي السياسات الاجتماعية ان كل ما حولنا يشير الى تزايد اعداد المتسولين لان كل واحد منا بدأ يطور اسلوبا جديدا في التجهم كي لا يستحوذ عليه المتسول ويبتزه عاطفيا بادعية يلين لسماعها القلب المتحجر
لقد أصبحنا يا سيدتي غير قادرين على تمييز المحتاج من المحتال ولا المجرم المتخفي من من تقطعت به السبل...فالمسألة لا تحل بسيارة تتجول على الإشارات الضوئية تحمل مفتشا من الوزارة وشرطيين ودفتر ضبط وعشرة قيود حديدية...
سيقول المتسول للمفتش امرك يا سيدي لا لانه ارتدع وتوقف بل لانه يعلم بأنه قادر على ان يضع القيد الحديدي في يديه ويسوقه الى البيادر ليتبادل الملاحظات مع معتقلي التسول حول انجع الاساليب لجمع اكبر المبالغ في اقصر وقت ممكن ..وليعقدوا شراكات وينضموا الى فرق جديدة اكثر تنظيما وتنسيقا توفر لهم الإرشادات والتقنيات والحماية .
كنت احب ان اسمع من معالي الوزيرة شيئا عن برامج توعية للمواطنين للمشاركة في التصدي للتسول. او برامج تشغيل للمتسولين..او لابعاد الاطفال الذين ما عرفوا في حياتهم نشاطا ولا مجالات غير التسول وفنونه.
التسول ليس الظاهرة الوحيدة التي تجتاح مجتمعنا لكنها ربما الاسهل التي تعير نفسها للملاحظة . النصب بأشكال مختلفه يغزو مجتمعاتنا المحلية والاحتيال والربا بأشكال بشعة حيث تستغل حاجة البعض للمال بالزامه بالتوقيع على شيكات بضعف المبلغ تستحق التسديد خلال اشهر او يزيد .
سيدتي التسول في زيادة خطرة تؤثر على السياحة وعلى القيم وعلى الامن وعلى راحة الناس وعلى منسوب الكرامة التي قد نهدرها في بلد بني على العزة والكرامة ولا أريد أن أقول اكثر من ذلك...اتمنى لوزارة التنمية ووزيرتها النشيطة وكوادرها التوفيق وشكرا لصحافتنا التي تطل علينا من وقت لاخر بتصريحات للمسؤولين .