اللائكية الفرنسية بين الجنس والدين
فيصل سلايطة
27-07-2024 02:48 PM
تعتبر فرنسا واحدة من أبرز الدول التي سعت للفصل بين الاديان والمعتقدات والمجتمع، أي بشكل أدق الفصل بين المؤسسة الدينية والدولة ككل، بحيث باتت العلمانية هي المعلم الابرز في باريس والتي قد تطغى على برج ايفل شهرة وأهمية لدى المشرّعين!
حفل اولمبياد باريس والذي انطلق هذا الاسبوع، جسّد من وجهة نظر باريس عنوانا عريضا للانفتاح بشكل واسع، انفتاح جنسي ودينيّ وحتى اخلاقي ، أيّ أنّ لا حدود أو نهايات لتطبيق مبدأ العلمانية ، فالكل تحت مظلتها سواء.
فرنسا بهذا الافتتاح عمدت إلى دمج الرموز الدينية لتسطيح التابوهات الجنسية وجعلها مثار تطبيع وترويج ، فرأينا مجموعة من المتحولين جنسيا يمثّلون صورة العشاء الاخير للمسيح يسوع وتلاميذه كما صوّره ليوناردو دافينشي في لوحته الشهيرة، فقامت الدنيا ولم تقعد في الغرب، خصوصا في المجتمعات التي تحافظ على مبدأ التديّن المسيحي أو لا زالت تهتم به.
فرنسا التي تريد عالمًا علمانيًّا أو لائكيّا كما تسميه، وتصنع اديانًا مُعادٌ تشكيلها فرنسيا، هي أول من تسيء للعلمانية كنهج سوي معتدل يقف في المنتصف، فالعلمانية البسيطة البعيدة عن ما تقوم به باريس هي فصل للدين عن الدولة، فصل لا يجب أن يسيء للدين بحجة المدنية، ولا يصبغ الدولة بحجة التديّن، هذا ما تتخبّط باريس في تطبيقه وتذهب لنهاية الطريق بانحرافٍ عن الخط المنطقي.
كثيرا ما اصطدمت فرنسا مع الاسلام، بيد أنّها قامت بتعديل قوانينها احيانا لتحتوي الزيادة الكبيرة في حجم المجتمع المسلم فيها، فهي تريده أن يتقبّل الاساءة لرموزه العظمى وفي ذات الوقت لا تريد منه ردة فعل تجاه اللائكية أو تقوقع على نفسه بعيدا عن المدنية.
المعضلة في بعض الدول التي نراها تصنع قوانين منسوجة بخيوط المدنية والحرية أو على النقيض، التي تشرع القوانين من الدين فتريد تطبيق قوانين من مئات السنوات على مجتمعات في القرن الحالي، أنّنا نرى نماذج متضادة، فلا رمادي تقريبا لديها، فإما الابيض الذي يأذي النظر أو الاسود الذي يعتم البصيرة.
فنجد النساء تقمع وتضرب أو نراهن أمام رفاهية جنسية في العبور من الذكر أو الانثى أو الوقوف على المنتصف، هذا لا يعني هجوما على التحوّل ككل، فبعض و أكرّر "بعض" البشر، يحتاجون في الواقع لعمليات "تصحيح جنسي" للوصول إلى شاطئ الشعور المتصل بالجسد، لكن ما يحدث تقريبا بشكل أكبر هو العبور الجنسي لأجل المال أو الجنس أو السياسة و السلطة، لذلك نقف أمام جهتي فوهة بركان أحلاهم مرّ!
إذن، نستخلص بأنّ حرص باريس على الحريّة اللامسؤولة أصبحت رصاصة تطلقها على نفسها، فهي من صنعت اللائكية الفرنسية وهي من ستشرعن نبذها عالميا بأيديها!.