عندما تصبح ابادة الشعب الفلسطيني دعاية انتخابية
كمال زكارنة
27-07-2024 12:48 PM
دخلت الانتخابات الرئاسية الامريكية، مرحلة الذروة في المنافسة والتحدي بين المرشحين الجمهوري ترامب والديمقراطي هاريس، الاول لا يستيطع ان يتحمل هزيمتين متتاليتين امام الديمقراطيين، والثانية تسعى لان تكون اول سيدة امريكية تصل الى موقع الرئاسة في الولايات المتحدة الامريكية، كي تسجل سابقة تاريخية في هذه البلد، الذي يبدو ظاهريا ديمقراطيا، لكنه في الواقع مصنع ومصدر الشر والارهاب والحروب والقتل والدمار في جميع انحاء العالم.
حدة التنافس بين المرشحين قوية جدا وشديدة، واحيانا تتجاوز القواعد والاصول الانتخابية لتصل الى حد الشخصنة، ولا تترك اية قضايا داخلية او خارجية الا وتستخدمها في عملية حشد وكسب الاصوات لصالح كل مرشح.
وقد بلغت الامور مبلغ التهديد باستخدام القوة للفوز بالانتخابات، خاصة من قبل المرشح الجمهوري ترامب.
وكون الولايات المتحدة الراعية والحاضنة والحامية للاحتلال الاسرائيلي، خاصة في ظل الظروف الحالية والعدوان الاسرائيلي المتواصل على الشعب الفلسطيني، الذي يأخذ شكل وصفة الابادة الجماعية، يتنافس المرشحان على الاصوات اليهودية والمؤيدة للكيان الغاصب، لكن مع فارق الاسلوب والطريقة في استمالة الناخب اليهودي المناصر لهما.
هاريس تحاول تقليد بايدن في حملته الانتخابية قبل اربع سنوات، تلك الحملة التي مكنته من النجاح نتيجة تصويت الجاليات العربية والاسلامية وغيرها لصالحه، لكن بايدن لم ينفذ اي وعد من وعوده الانتخابية الخاصة بالقضية الفلسطينية، ولم يختلف عن ترامب الا بالاسلوب.
ترامب معروف بأنه مباشر ويختار اقصر الطرق لتنفيذ سياسته وبرامجه وخططه، بواسطة الضغط والتهديد والقوة، دون خجل او حياء، ولا مساحة لديه للمراوغة والمناورة، وهو انجيلي ديني حتى النخاع.
أما بايدن فهو الاخر كترمب ولا ينكر ذلك، بل يفاخر باسرائيليته، لكن لديه جانب من الدبلوماسية والمراوغة، واحيانا يستخدمها كوسيلة ضغط ناعمة على الكيان الغاصب.
وتحاول هاريس ان تظهر تعاطفا مع معاناة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وصدرت عنها تصريحات جريئة اثناء لقائها مع نتنياهو في المؤتمر الصحفي الذي اعقب اللقاء، الامر الذي استفز ترامب واستغل هذه التصريحات ليهاجم هاريس ويكيل لها الشتائم والانتقادات الحادة، تعبيرا عن تضامنه وتحالفه الاستراتيجي مع نتنياهو، وعبر عن ذلك بوضوح خلال اللقاء الذي جمعه مع نتنياهو وزوجته سارة.
ويبدو ترامب بانه رجل شرير جدا، دموي قاتل ومجرم، لا يصلح الا ان يكون قائد وحدة عسكرية للمهام الخاصة والخطيرة، مثل مكافحة الارهاب والمخدرات وتنفيذ عمليات صعبة ومعقدة.
ولا تظهر على ملامح الرجل اية صفات او مواصفات سياسية او دبلوماسية ،مما يثير القلق العالمي من احتمال فوزه بالانتخابات الامريكية، والخشية والخوف على الاسس والمرتكزات التي تقوم عليها منظومة العلاقات الدولية، وانهيار النظام العالمي بشكل كامل.
ترامب يستخدم الابادة الجماعية الشاملة للشعب الفلسطيني، كوسيلة ودعاية انتخابية من خلال تأكيد دعمه ومساندته لنتنياهو وحكومته في هذه الحرب القذرة، فيما تستخدم هاريس هذه الابادة كدعاية انتخابية، من النواحي والجوانب العاطفية، واظهار معارضتها لاستمرار معاناة الشعب الفلسطيني وعذاباته وضرورة وقف الحرب.
نتنياهو من الناحية العملية، لا يواجه اية ضغوطات حقيقية او جدية، من قبل اية جهة في العالم، يمكن ان تجبره على التوصل لاتفاق لوقف الحرب، على العكس من ذلك، هو يخلق العقبات والعراقيل كلما اقترب الاطراف والوسطاء من التوصل لتوافق معين، لافشال فرص النجاح لأي اتفاق محتمل.
تبقى الكرة تتدحرج في الملعب الامريكي، ولا مكان لها في اي ملعب اخر، وهناك القول الفصل والقرار الحاسم، اما وقف الحرب او استمرارها، مع التأكيد مرة اخرى، ان نتنياهو لا يفكر مطلقا بوقف الحرب، ولن يوقفها حتى لو استمرت سنوات قادمة.