الهروب من الأخبار إلى الأخبار
كامل النصيرات
02-05-2011 03:40 AM
حاولتُ جاهداً أن أستغل عطلة ( جمعة سبت أحد ) وأهرب من التلفزيون و الجرائد و المواقع الألكترونية ..حاولت أن أهرب من كل مشاهد الدم العربي المُراق الآن في الساحات العربية و المُتهم بالتآمر و التسليف ..حاولتُ أن أعود إلى حضن أمّي و سواليف أبوي ..حاولتُ ألاّ أشاهد لا ثائراً و لا مُعتصماً ولا قاتلاً ..حاولتُ كل ذلك وطلبتُ من الجميع مساعدتي ووافقوا بعد أن صفّقوا ..أريد أن أُصفّي ذهني ؛ فالناس الشّرّيبة تسكرها الخمور وأنا تسكرني الأخبار..وأثمل حتى أغيب عن حواسي و لا أفكّر إلا بالذين يموتون الآن ..!!
قلتُ لكم حاولتُ وحاولتُ وحاولت ..و إليكم نتيجة محاولاتي التي شجعني عليها الجميع :
أمّي الأميّة التي لا دخل لها بالسياسة : قالت فجأة بصوت عالٍ : الله يظلمه ..الله ينتقم منه ..!! ركضتُ إليها : شو في مامي ..؟! قالت : شايف الجثث بالشاحنة ..؟؟ ريته يلاقيها بماله و عياله ..
خالي أبو نصير : كتب أمامي ورقة تحليلية للمشهد العربي و يُعلن ( أول مرّة يعلن ) أن الدم لن يذهب هدراً ..أعجبتني كلمة ( هدراً ) وما زلتُ أبحث عن معناها ..
أصدقائي وأترابي : يسلّم أحدهم ويبوسني على خدي الأيمن و يقول : فكرت في اليمن ..ويشمطني البوسة الثانية على الخد الأيسر ..وأحدهم أصرّ عليّ إلا أسهر معه الليلة لأحلل له ما صار و ما سيصير باعتباري أنا إللي حاطط كل هالخطط وأنا إللي موّلع الثورات ..
عاطف الفراية : جاء من الإمارات ..وشرح لي عن جماعة الإخوان المسلمين وكيف اخذت 15 نيسان بحركة 24 آذار ..
أبوي : قال لي : بالله عليك ما تكتب عن بشار ..قلت له : خايف عليّ ؟؟ قال لي : لأ ..بس هاظ الزلمة بحبه من الله ..
أمّا زوجتي أم وطن والتي اقترحت عليّ أن أريح حالي من الأخبار فهي التي كانت تبعث لي بمسجات على طريقة خبر عاجل ؛ تخبرني فيها على تحركات الوطن العربي أولاً بأول ..
وهذا هو العربي ..يموت في الأخبار ؛ وعندما يموت فعلياً لا يجد أخباراً تحكي عنه ..
(الدستور)