ثمة عادة عند الاردنيين في آلية استخدام المصاعد مفادها ان الاردني يضغط على سهمي المصعد الطالع والنازل , ويباغتك لحظة فتح باب المصعد طالع , فسرعان ما تبتسم وتقول له نازل او العكس .
سلوك المصعد على ما يبدو احترفته الذهنية السياسية بامتياز يفوق حد الوصف فهي تكبس سياسيا على كبستي المصعد الرسمي ولا يضيرها ان تركبه ان كان سهمه الى اعلى او الى اسفل ودون اشارة حتى , فالمهم ان تكون في رحم المصعد ولو الى طابق واحد .
المصعد السياسي اغفل او اسقط عنوة اوسهوا مفهوم الادراج والدرجات فالكل يبحث عن قفزة سهلة ولا تتطلب جهدا ولذا سقطت نظرية الخطوة خطوة , وباتت الوجبة السريعة اكلتنا المفضلة فلا حاجة لخبرة مريس اللبن وفلفلة الارز على نار هادئة وانتظار استواء اللحم , فكل ذلك بات لا يتناغم ونظرية المصعد الذي بامكانك الكبس على سهميه واستقلاله للصعود وللهبوط , وهناك من يكون نازلا فيصعد مع الراكبين وينزل مع النازلين المهم انه بقي على سطحه اطول فترة ممكنة تماما مثل اطفال احد مخيمات لبنان الذين مارسوا كل طقوس شقاواتهم على المصعد الوحيد الذي جرى تركيبه في احدى المؤسسات الدولية في المخيم ولكن الاطفال استعملوه بشقاوة وطيبة وبراءة اما محترفو السياسة فلهم في ذلك شأن اخر .
المصاعد واسهمها حاضرة الان في حمّى اللجان التي تتوالد بطريقة عجائبية وغير مفهومة , وكأن الحكومة ما عادت صاحبة الولاية العامة فتستحضر اللجان كي تمؤسس عملها وبرامجها على ايقاع مخرجاتها , فاللجان تتشكل دون ارضية معرفية فلجنة الحوار الوطني تمارس نشاطها دون اي ارضية او ورقة عمل مطروحة من الحكومة لرؤيتها للاصلاح وشكل القوانين او رؤوس اقلام عنها وكأن الحكومة لا تملك اي رؤية للاصلاح .
ثم تصدر لجنة حكومية للحوار الاقتصادي ودون وجود حكومي رسمي ودون ارضية على الاقل تشخّص الواقع الاقتصادي وتبحث عن تطوير او نسف لهذا الواقع , فنحن امام لجنة للحوار الاقتصادي مشكلة دون اطار معرفي او سقف زماني وبعض الاسماء حاضرة في اللجنتين تماما مثل كبستي المصعد .
لا يوجد للان ما يمكن ان تبدأ به اللجنة وكأن الحالة القائمة فارغة من اي مضمون ولا يوجد لدينا اطر اقتصادية قادرة على تطوير ايقاعها الذاتي دون لجان ترسم خرائط للوصول الى الهدف والغاية , كما ان اللجنة تصدر دون كتاب تغطية لمهامها ولمساحات حركتها او جغرافيا الحركة وهل تطال القوانين والاجراءات والتعليمات مما يعني انها مكلفة ببناء نهج اقتصادي جديد ام ان مهمتها غير ذلك .
لجنة الحوار الوطني كان لها مهمتان الاولى قانون الانتخاب والثانية قانون الاحزاب اما لجنة الحوار الاقتصادي فهي مفتوحة الاجندة ولا نعرف للان حدود حركتها وبوصلة اتجاهاتها , وكأن الحكومة بلا برامج حتى اللحظة وتنتظر ما تجود به اللجان عليها حتى تضع برامجها للعمل .
الحكومة هي صاحبة الولاية وصرف الوقت على اللجان وانتظار مخرجاتها لا يحقق الاصلاح المنشود لان هذا يعني ببساطة اننا ما زلنا في انتظار وصول المصعد ولا نعرف ان كان بالاتجاه المطلوب ام عكسه .
omarkallab@yahoo.com
(الدستور)