لا اعرف كيف علقت كلمات هذه الاغنية الخليجية في اذهان مرشحينا واصبحوا يرددونها او يضعوا صورهم على خلفية اللحن ليتركوا الانطباع بانهم سيحدثون فرقا في المستقبل إن نجحوا.. لا يعلم به إلا الله..
بالرغم من اننا لا زلنا في مرحلة المخاض وبانتظار ولادة او توليد اسماء المرشحين لعضوية المجلس النيابي العشرين إلا أن البعض بدأ حملته على وسائل التواصل الاجتماعي مستعينا بمخزون من العبارات والجمل والاشعار والاغاني والالحان والكلمات والأحاديث الشريفة والآيات القرآنية التي استخدمها من سبقهم للترشح للمجالس السابقة..
عبارات مثل صوتك امانة يستخدمها البعض لخلق الانطباع بأن المرشح يستحق الصوت اذا ما أجرى الناخب المفاضلة بينه وبين المنافسين في الدائرة التي يترشح فيها.. حقيقة الأمر أن لا أحد في بعض الدوائر يستحق الثقة الأمر الذي يجعل المعنى الحقيقي للشعار منصب على دعوة الناخب ان لا يمنح صوته لأي من المتنافسين.
العشرات من الطامحين في اختطاف مقاعد لهم في يانصيب المجلس القادم نشروا سيرا ذاتية يقولون فيها انهم تحصلوا على شهادة كذا وعملوا في مواقع هنا وهناك لكن القليلين منهم قالوا انهم يحملون هذه الفكرة التي ينتوون تطويرها الى مشروع او ان لديهم تصورات لبرنامج موجه لحل مشكلات بعينها..
الاغاني التي بنيت على اشعار قيلت في الشيوخ ووصفتهم كجبابرة وعمالقة يحملون وصفة الخلاص لمشكلات يواجهها بعض مواطنو دول الوفرة والرفاه تفقد معناها في بلد فقير محدود الموارد كبلدنا.
كل الذي يتمناه الناخب المكروب في بلد يقف نصف الخريجين فيه في طوابير البطالة لعقود لا يعدو الحصول على فرصة عمل مهما كانت متواضعة ليجدوا مصدرا يكفي لتلبية أساسيات الحياة.
كلمات الأغنية الخليجية "سر بنا بر وبحر ...ارض وسما..." بالتزامن مع ظهور صور بعض المرشحين القلقين ممن يتنافسون على الفوز بمقاعد يفترض ان لا يطالب من يحل فيها بأشياء وواجبات كالتي تطلب من نواب يخضعون لرقابة شعبية واعية يفقد الأغنية قيمة ودلالات معناها ويثير شكوك كثيرة حول مدى فهم المرشح لدوره المنتظر.
المئات ممن تدافعوا للترشح يرون في الانتخابات مناسبة قد تتيح لهم فرصة تحقيق قفزة كبيرة في الدخل والسلطة والشهرة والمكانة والقدرة على التأثير.. الكثير ممن دخلوا المعترك النيابي من تجار ومقاولين ووسطاء عقاريين وحتى الإعلاميين حققوا قفزات كبيرة على سلم الحراك الاقتصادي الاجتماعي دون ان يتركوا أثرا يذكر على علاقة الدولة بالمجتمع ولا مسيرة التنمية.
في الانتخابات التي نستعد لانجازها تفرز العشائر بعض ابنائها للتنافس لا لتحسين نوعية التشريعات ومستوى الرقابة البرلمانية على الاداء الحكومي ولا من اجل تحقيق مبدأ تمثيل النواب للإرادة الشعبية بمقدار ما يتم ذلك على خلفية الاستحقاق والمباهاة وتأكيد مكانة العشيرة بين العشائر الأخرى في محيطها المحلي.
الحديث عن دخول المرأة للقوائم الوطنية والمحلية لا يتم على خلفية ان للمرأة قضايا خاصة بها بمقدار ما يجري على اسس بعضها عشائرية كي تستفيد بعض العشائر التي لا تستطيع المنافسة على اسس الكثرة تحالفها مع عشائر اخرى بما يحسن فرص الفوز للقائمة ومرشحتها النسوية..
البعض الاخر يطرحون المرأة لتكون فيها واجهة لتمثيل مصالح الاسرة او الزوج او الجهة الممولة كما حصل في قوائم حزبية حرص المؤسسون ان يكونوا حاضرين ببناتهم وزوجاتهم وقريباتهم.
الفوج القادم من النواب سيكون مختلفا في الأسماء بعدما جرى ترغيب البعض بالانسحاب او اللاترشح لكنه وبكل تأكيد نسخة مطابقة لكل المجالس التي خبرناها في العقود الماضية..
ستخرج الانتخابات بتشكيلة فيها كل الاطياف قدامى وجدد ولن يخلو من بعض الأصوات المرتفعة وسيبقى الجميع ينتقد علنا ويصوت بالموافقة سرا..
سيلقي الجميع خطاب مناقشة بيان الحكومة ويعدون بمكافحة الفساد ويطالبون بوقف الدين العام وينددون بالعدوان على غزة ويلفتون نظر من انتخبهم انهم انتخبوا القوي الأمين..
سيقول البعض ان الوطن للجميع ويحصر مفهوم الجميع على أولادهم وانسبائهم واقاربهم من الدرجة الأولى. سيبحث الجميع عما لهم من امتيازات وما يمكن ان يعقدون من صفقات ويضع كل منهم ترتيبات مناسبة لكي لا ينعكس الخطاب العلني على مكانتهم ونفوذهم وامتيازاتهم..