انظار العالم تتجه نحو البيت الابيض
كمال زكارنة
24-07-2024 11:33 AM
بدأ العالم يراقب عن كثب وباهتمام كبير مسيرة الانتخابات الرئاسية الامريكية، وكلما اقترب موعد الانتخابات المنتظرة في شهر تشرين الثاني المقبل، كلما دخل العالم في مرحلة حبس الانفاس، حتى ظهور نتائج الانتخابات ومعرفة من هو سيد البيت الابيض الجديد.
كل هذا الاهتمام والترقب والمتابعة والمراقبة ، سببها ان البيت الابيض مصنع القرار العالمي ، وباروميتر السياسة العالمية ، ومؤشر بورصة الاقتصاد العالمية ومحركها وموجهها ، وفيه غرف التحكم والسيطرة للنظام الدولي ، لكن بدرجات متفاوتة من حيث السطوة والتأثير على دول العالم.
من المعروف ان الديمقراطيين بقيادة المرشحة كامالا هاريس ،والجمهوريين بقيادة المرشح دونالد ترامب ، الحزبان الرئيسيان اللذان يتنافسان في هذه الانتخابات على منصب الرئيس.
لكن هناك فرق بين الحزبين في التعامل مع النظام العالمي، وفي قيادة السياسة الامريكية الخارجية، اضافة الى الفرق بين مرشحي الحزبين ترامب وهاريس.
رغم معرفتنا لشخصية ترامب ولو نسبيا ، من خلال فترته الرئاسية السابقة ، وتوجهاته وقناعاته السياسية ازاء الشرق الاوسط وخاصة تجاه القضية الفلسطينية، المبنية على الانجيلية الدينية، والتزامه وتعصبه المطلق لصالح الاسرائيلية العالمية ،والكيان الاسرائيلي المحتل، واستعداده الدائم والمفرط للاستجابة لكل ما يطلبه نتنياهو وحكومته، وتلبية جميع طلبات الكيان بأسرع وقت ممكن ، مع ترجيح الاستجابة، بمعنى ان حجم العطاء يكون اكبر من الطلب، في جميع المجالات العسكرية والامنية والاقتصادية والسياسية والقانونية والقضائية، وغيرها الكثير الكثير ، وتشكيل مظلة حماية كاملة للكيان، الا ان الحقائق والوقائع الجديدة التي فرضتها خرب غزة على الارض ، تختلف كثيرا هذه المرة عن الفترة السابقة "16-20" ، فترة حكم ترامب السابقة.
اليوم هناك متغيرات واضحة في الشارع الامريكي ، خاصة في صفوف فئات الشباب، كلنا راقبنا وشاهدنا حراك الجامعات والطلبة في الجامعات الامريكية ، الرافض لحرب الابادة الاسرائيلية على قطاع غزة والمطاللب بوقفها ، وتغير مواقف دافعي الضرائب الامريكيين من اسرائيل سلبا، ومواقف الجاليات العربية والاسلامية والجاليات المؤيدة للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة ، وهذه الفئات مجتمعة تشكل صوت الناخب الامريكي ، وتوجه الشارع الامريكي ،وهي بكل تأكيد مؤثرة في نتائج الانتخابات الرئاسية، رغم النفوذ القوي الذي تتمتع به المنظمات الهيودية في الولايات المتحدة الامريكية.
كل هذا له تأثير كبير على فرص ترامب في النجاح والفوز بالانتخابات، واذا افترضنا فوز ترامب، فان اول المتضررين من هذا الفوز ،هو الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية، ومن ثم الدول العربية ومقدراتها وثرواتها واموالها.
سبق لترامب ان اهدى القدس والجولان لنتنياهو بمنتهى السهولة والسرعة، وحمل صفقة القرن التي وضعها نتنياهو، وحاول فرضها بالقوة على المنطقة، وفرض التطبيع مع اسرائيل على بعض الدول العربية ، ولم يتمكن من استكمال مشروعه التطبيعي ، ولا مشروع صفقة القرن.
لا توجد اي مساحة للسياسة والدبلوماسية في حياة ترامب ، وسلوكه وتعامله وتصرفاته، فهو عبارة عن ثور هائج، لا مجال للحوار والنقاش لرغباته وطلباته، لا يقبل ابداء وجهات النظر ولا الاستماع لرأي الاطراف الاخرى، بل عليها تطبيق وتنفيذ توجيهاته واوامره دون تفكير او اعتراض او ملاحظات، على مبدأ نفذ واصمت.
الديمقراطيون ومرشحتهم هاريس، يتسمون بنوع من المرونة السياسية ، ولديهم مساحة جيدة للحوار والنقاش، ولديهم الوقت ايضا لدراسة المطالب الاسرائيلية ، ومناقشتها وابداء الملاحظات بشأنها ، على عكس ترامب والجمهوريين، رغم ان كلا الطرفين ملتزمان التزاما كاملا بالتحالف الاستراتيجي مع اسرائيل وحمايتها وحماية امنها.
الديمقراطيون وهاريس ليسوا على وئام مع نتنياهو وحكومته، لكن خلال الاشهر الاربعة القادمة ، سوف يستابق ويتنافس الحزبان على كسب ود نتنياهو وحكومته ، لكسب اصوات اليهود الاميركيين، لكن منذ الان وضحت الصورة تقريبا ، فهناك تنافر واضح بين هاريس ونتنياهو.
النظرة العامة الى اجواء الانتخابات الامريكية ترجح احتمال فوز هاريس برئاسة الولايات المتحدة، رغم ان هناك بعض العقبات التي تواجهها، اهمها اللون والاصول، فهي ليست بيضاء واصولها من جمايكا والهند، والمجتمع الامريكي عنيف يميل الى الذكورية، وعلاقاتها مع نتنياهو لا تعجب المنظمات والجمعيات اليهودية الامريكية والاسرائيلية.
الفلسطينيون والعرب والعالم، ينتظرون الدخان الابيض من البيت الابيض في تشرين الثاني المقبل، اما ليتنفسوا الصعداء بفوز هاريس، او ليحبسوا الانفاس اكثر واكثر، اذا فاز ترامب الذي يسبب ترشحه واحتمال فوزه قلقا كبيرا لمعظم دول العالم.