لم يعرف قانون العقوبات الأردني مصطلح "اغتيال الشخصية"، لا بل هو مصطلح مُستحدث في قانون الجرام الإلكترونية الأردني رقم 17 لسنة 2023، كما أن هذا المصطلح يعد من المصطلحات "غير المنضبطة" أو المطاطة التي لا معنى محددا لها، وهو إنما يستخدم للدلالة على الإساءة لسمعة شخص معين معنوياً، وقد أورده المشرع الأردني في المادة 16 من قانون الجرائم الإلكترونية المشار إليه في أعلاه، والتي نصت على أنه "كل من أشاع أو عزا أو نسب قصدا دون وجه حق إلى أحد الأشخاص أو ساهم في ذلك عن طريق الشبكة المعلوماتية أو تقنية المعلومات أو نظام المعلومات أو الموقع الإلكتروني أو منصات التواصل الاجتماعي أفعالا من شأنها اغتيال شخصيته يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر أو بغرامة لا تقل عن (5000) خمسة آلاف دينار ولا تزيد على (20000) عشرين ألف دينار أو بكلتا هاتين العقوبتين".

ويؤخذ على القانون في هذا السياق أنه لم يحدد بشكل واضح ما هو الفرق بين اغتيال الشخصية (Character Assassination) وجريمة التشهير (Defamation) وكذلك جرائم الذم والقدح (slander and slander crimes) بصورة منضبطة، وذلك من خلال التعريفات الواردة في المادة الثانية من قانون الجرائم الإلكترونية الأردني، وهو ما ندعو معه المشرع الأردني إلى تجاوز هذا الخطأ التشريعي في الصياغة، وتوضيح الفروقات بما لا يدع مجالاً للبس بين الذم والقدح والتشهير واغتيال الشخصية، إيضاحاً للمقصود ومنعاً للتداخل في المصطلحات، فضلا عن الإشارة إلى توضيح مصطلح "تداول الشائعات" (Rumors spread) أو الأخبار الكاذبة أو الأخبار الزائفة والتي ترتبط ببعضها البعض بشكل أو بآخر.

وحري بالذكر أن "مصطلح الاغتيال المعنوي للشخصية لم يكن معروفاً عند الفقهاء القدامى، لأن أصوله كانت قائمة على نشر الأخبار التي فيها مبالغة أو تلك التي تحتوي على أنصاف الحقيقة، بهدف تقديم صورة مشوهة، وغير حقيقية عن الهدف المقصود، سواء كان شخصًا حقيقيًا أو شخصية إعلامية، أو حتى مؤسسة ما".

وقد عرفه البعض بأن "تقتل الشخص معنوياً بينما لا يزال جسده حيّا، ويكون ذلك بخلق صورة ذهنية مغايرة تماماً لما اشتهر به الشخص، فإذا كان هذا الشخص اشتهر بنظافة اليد، ثم تُثار حوله شائعات بأنه متورط في فضائح مالية، فإنه بهذا التعريف يصبح ضحية للاغتيال المعنوي، مما يساهم في زيادة وطأة تأثيره، وقد يجعله يبدو في نظر الناس كشخص فاسد أو يتعاطفون معه لأي سبب".

ولا شك أن ضبط مصطلح "اغتيال الشخصية" يشكل تحدياً في عالم القانون، خاصة مع التوسع الرقمي وسرعة تداول المعلومات؛ ففي هذا السياق، يعتبر قانون الجرائم الإلكترونية الأردني رقم 17 لسنة 2023 خطوة مهمة في محاولة لمواكبة هذه التطورات، لكن، وكما أشرت، فإن استخدام مصطلحات مثل "اغتيال الشخصية" دون تحديد دقيق لها يمكن أن يخلق لبسا بين الجرائم المختلفة ويؤدي إلى مشاكل في التطبيق العملي للقانون.

ومعلوم أنه وفي النظام القانوني، فإن تمييز المصطلحات الدقيقة أمر مهم؛ ذلك أن عدم تحديد المصطلحات بشكل دقيق يمكن أن يؤدي إلى تفسيرات قانونية متباينة، ومن هنا فمن من الضروري أن يعمل المشرع الأردني على توضيح التعريفات القانونية بدقة أكبر، مع تحديد الفرق بين أغلب الأفعال المرتبطة بالإساءة إلى السمعة بما لا يدع مجالاً للبس، وتقديم تعريفات واضحة ومحددة لكل مصطلح، بما يسهم في تسهيل التكييف القانوني من جهة وحماية الأفراد والمجتمع من جهة أخرى، وبيان الحدود المنضبطة في النص القانوني.