مكتب للناتو في الاردن .. كنا نأمل معاهدة
م. وائل سامي السماعين
24-07-2024 12:41 AM
تأسس حلف شمال الأطلسي (الناتو) في 4 أبريل 1949 بتوقيع معاهدة واشنطن، حيث نشأ الحلف بعد الحرب العالمية الثانية في ظل التوترات المتصاعدة بين الكتلة الغربية بقيادة الولايات المتحدة والكتلة الشرقية بقيادة الاتحاد السوفيتي ، وكان الهدف الأساسي من تأسيس الناتو هو توفير الحماية الجماعية لأعضائه ضد أي هجوم محتمل من الاتحاد السوفيتي وضمان السلام والأمن في منطقة شمال الأطلسي.
أسباب النشأة:
1.التصدي للتهديد السوفيتي: في ظل التوسع السوفيتي بعد الحرب العالمية الثانية، شعرت الدول الأوروبية بالحاجة إلى تحالف قوي لحمايتها من أي تهديد عسكري محتمل.
2.تعزيز التعاون العسكري: كانت الدول الأوروبية في حاجة لتعزيز قدراتها العسكرية من خلال التعاون المشترك.
3.حماية الديمقراطيات: كان من أهداف الناتو حماية وتعزيز الديمقراطية وسيادة القانون في الدول الأعضاء.
و يتمتع الناتو بقدرات عسكرية هائلة تضم قوات برية، جوية، وبحرية ، ولدى الحلف أكثر من 3.5 مليون فرد عسكري نشط، مما يجعله أحد أكبر التحالفات العسكرية في العالم. ويمتلك الناتو قوة ردع نووية هائلة من خلال ترسانة الولايات المتحدة النووية التي توفر الحماية النووية للدول الأعضاء. اضافة الى ذلك ، يعتمد الناتو على التكنولوجيا العسكرية المتقدمة وأنظمة الدفاع الحديثة لتعزيز قدراته الدفاعية. ويتكون الناتو من 31 دولة عضواً، العديد منها تمتلك اقتصادات قوية مثل الولايات المتحدة، ألمانيا، المملكة المتحدة، وفرنسا.وتعتبر الدول الاعضاء في حلف الناتو من اكبر المنفقين على الدفاع في العالم ، حيث تلتزم كل دولة عضو بانفاق 2% من ناتجها الاجمالي على الدفاع , ويعزز الناتو التعاون الاقتصادي بين الدول الاعضاء من خلال برامج الشراكة والتبادل التكنولوجي ، مما يسهم في تقوية الاقنصاديات الوطنية لكل دول عضو
في بيان الحلف الختامي الذي صدر في شهر تموز من عام 2023 جاء في المادة 22 ما يلي :
تواجه الدول المجاورة لحلف الناتو في الجنوب، وخاصة مناطق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والساحل، تحديات أمنية وديموغرافية واقتصادية وسياسية مترابطة. وتفاقم هذه التحديات تأثير تغير المناخ، المؤسسات الهشة، حالات الطوارئ الصحية، وانعدام الأمن الغذائي. هذا الوضع يوفر أرضاً خصبة لانتشار الجماعات المسلحة غير الحكومية، بما في ذلك المنظمات الإرهابية، كما يتيح التدخل المزعزع للاستقرار والقسري من قبل المنافسين الاستراتيجيين. تعمل روسيا على تأجيج التوترات وعدم الاستقرار في هذه المناطق.
يؤدي عدم الاستقرار المتفشي إلى أعمال عنف ضد المدنيين، بما في ذلك العنف الجنسي المرتبط بالنزاع، فضلاً عن الهجمات ضد الممتلكات الثقافية والأضرار البيئية. ويساهم في النزوح القسري، وتغذية الاتجار بالبشر والهجرة غير النظامية. تطرح هذه الاتجاهات تحديات خطيرة عابرة للحدود الوطنية وإنسانية ولها تأثير غير متناسب على النساء والأطفال والأقليات.
استجابةً للآثار العميقة لهذه التهديدات والتحديات داخل المنطقة الأوروبية الأطلسية وفي جوارها، كلفنا اليوم مجلس شمال الأطلسي في دورته الدائمة بإطلاق تفكير شامل وعميق بشأن التهديدات والتحديات القائمة والناشئة، وفرص التواصل مع الدول الشريكة والمنظمات الدولية والجهات الفاعلة الأخرى ذات الصلة في المنطقة، والتي سيتم تقديمها في قمتنا القادمة في عام 2024.
ومن مطالعة استراتيجية حلف الناتو نجد انها تتضمن عدة نقاط رئيسية وهي :
oيلتزم الناتو بتعزيز الإنفاق الدفاعي للدول الأعضاء لضمان جاهزية القوات وقدرتها على مواجهة التهديدات المشتركة.
oيشجع الحلفاء على تحقيق هدف إنفاق 2% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع.
oيقدم الناتو الدعم المتواصل لحلفائه من خلال التدريبات المشتركة، تبادل المعلومات الاستخباراتية، وتعزيز القدرات الدفاعية.
oيلتزم الحلف بمبدأ الدفاع الجماعي، حيث يُعد الهجوم على أي عضو هجومًا على الجميع.
oيعترف الناتو بالتحديات الأمنية والديموغرافية والاقتصادية والسياسية المتشابكة في المناطق المجاورة، ويعمل على تطوير استراتيجيات للتعامل معها.
oيتضمن ذلك مواجهة تأثير تغير المناخ، المؤسسات الهشة، وحالات الطوارئ الصحية وانعدام الأمن الغذائي.
oيشدد الناتو على أهمية التعاون مع الدول الشريكة والمنظمات الدولية والجهات الفاعلة الأخرى ذات الصلة في المنطقة.
oيهدف الحلف إلى تعزيز التواصل وتبادل الأفكار والاستراتيجيات لمواجهة التحديات المشتركة.
oيكلف الناتو مجلس شمال الأطلسي بإجراء تفكير شامل وعميق بشأن التهديدات والتحديات القائمة والناشئة.
oيتم تقديم النتائج والاستراتيجيات المقترحة في القمة المقبلة للناتو في عام 2024.
اذا ما اخذنا بعين الاعتبار العلاقات التاريخية بين الاردن ودول الحلف , واستراتيجية حلف الناتو التي اندرجت في المادة 22 في عام 2023 ، فان الاردن يعتبر بمثابة حليف استراتيجي لحلف الناتو ، ناهيك عن تشابه قوي بين معايير الأردن وحلف الناتو ، التي يمكن تلخيصها في عدة جوانب إنسانية وأخرى تتعلق بالأمن والاستقرار والتنمية ومنها :
الالتزام بالاستقرار والأمن:
الأردن: يعتبر الأردن منارة للاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، حيث يلعب دورًا هامًا في الحفاظ على الأمن الإقليمي والتصدي للتهديدات الإرهابية.
لناتو: يركز حلف الناتو على حماية أعضائه من التهديدات الخارجية وتعزيز الأمن والاستقرار في منطقة شمال الأطلسي والمناطق المجاورة.
. التعاون الدولي:
الأردن: يشارك الأردن في العديد من المبادرات الدولية والإقليمية للتعاون الأمني والسياسي والاقتصادي، ويعتبر شريكًا مهمًا في التحالفات الدولية.
الناتو: يعتمد الناتو على التعاون الوثيق مع الدول الأعضاء والشركاء الدوليين لتعزيز الأمن الجماعي والاستجابة للتهديدات المشتركة.
التركيز على الإنسانية وحقوق الإنسان:
الأردن: يولي الأردن اهتمامًا كبيرًا لحقوق الإنسان والقضايا الإنسانية، بما في ذلك استقبال اللاجئين وتقديم الدعم الإنساني لهم.
الناتو: يلتزم الناتو بحماية حقوق الإنسان والامتثال للقانون الدولي الإنساني في جميع عملياته وأنشطته.
. مواجهة التهديدات المشتركة:
الأردن: يشارك الأردن بفعالية في مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، ويعمل على تعزيز الأمن الداخلي والخارجي.
الناتو: يواجه الناتو التهديدات المشتركة مثل الإرهاب، والتحديات الأمنية الإقليمية، ويعتمد على استراتيجيات متعددة الأطراف لمكافحتها.
الاستجابة للأزمات:
الأردن: يمتلك الأردن قدرات قوية في إدارة الأزمات والطوارئ، سواء كانت صحية أو طبيعية، ويعمل على تعزيز جاهزيته واستجابته السريعة.
الناتو: يركز الناتو على تعزيز قدراته في الاستجابة للأزمات والكوارث من خلال التدريبات المشتركة وتحسين التنسيق بين الدول الأعضاء.
. التنمية الاقتصادية والاجتماعية:
الأردن: يهدف الأردن إلى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال الإصلاحات الاقتصادية وتعزيز التعليم والصحة والبنية التحتية.
الناتو: بينما يركز الناتو بشكل رئيسي على الأمن والدفاع، فإنه يدعم أيضًا الاستقرار والتنمية الاقتصادية في المناطق المتأثرة بالنزاعات من خلال التعاون المدني-العسكري.
. الاهتمام بالتغيرات المناخية:
الأردن: يتعامل الأردن مع التحديات البيئية وتغير المناخ من خلال السياسات البيئية المستدامة والمشاريع الخضراء.
الناتو: يعترف الناتو بأهمية تغير المناخ كعامل مضاعف للتهديدات الأمنية ويعمل على دمج الاستدامة البيئية في عملياته الدفاعية.
الدور الحيوي للأردن في استضافة اللاجئين والتحديات الاقتصادية والأمنية
على مدى ما يزيد على مائة عام، كان الشعب الأردني وما زال يستقبل آلاف اللاجئين الفارين من الحروب منذ بدايات القرن العشرين، بما في ذلك الأرمن والشركس، مروراً باللاجئين الفلسطينيين، وصولاً إلى اللاجئين السوريين والعراقيين. يستضيف الأردن أيضًا ملايين العرب من المصريين وغيرهم، الذين يعملون ضمن القوانين الأردنية التي تحمي حقوقهم العمالية ويمارسون عاداتهم بكل حرية وراحة.
في ظل هذه الظروف، تُظهر أهمية الأردن كركيزة للاستقرار في المنطقة، خاصة مع وجود الإرهاب والفلتان الأمني في الدول المجاورة مثل العراق وسوريا ولبنان وإيران وغزة واليمن. لهذا، يصبح من الضروري أن يقوم حلف الناتو بتقديم المساعدات الاقتصادية للأردن. هذه المساعدات ستمكن الأردن من مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية المتزايدة، وبالتالي المساهمة في استقرار المنطقة بأسرها.
مكتب في الاردن خطوة جيدة ولكنها لا تكفي ، لقد كنا نأمل إبرام معاهدة خاصة بين الناتو والأردن التي يمكن أن تكون خطوة استراتيجية لتعزيز التعاون الأمني والاقتصادي بين الطرفين. مثل هذه المعاهدة يمكن أن تغطي مجموعة واسعة من المجالات ومنها الامن والدفاع ، والتعاون الاقتصادي ، والصحة والتعليم والتنمية الاجتماعية وغيرها من المجالات التي تخدم المصالح المشتركة وتدعم الاستقرار في المنطقة.