استراتيجية الاغتيالات الموازية لحرب غزة
صالح الشرّاب العبادي
23-07-2024 10:37 AM
الاغتيالات تعتبر جزءاً من استراتيجيات الحرب غير التقليدية أو حرب العصابات، والتي تهدف إلى استهداف القادة أو الشخصيات المهمة لدى المقاومة لتعطيل قيادته وإضعاف معنوياته، تختلف هذه العمليات عن العمليات العسكرية التقليدية وتتم عادة بطرق سرية ودقيقة.
تنفذ هذه الاستراتيجية بتحديد القادة أو الشخصيات المهمة لدى المقاومة الذين يمكن لاغتيالهم أن يؤثر بشكل كبير على سير العمليات أو على معنويات المقاومة وبالتالي تحقيق الأهداف المرجوة الكبيرة للقيادة السياسية.
قبل تنفيذ الاغتيال، يتم جمع معلومات دقيقة عن الهدف، مثل موقعه، تحركاته، والإجراءات الأمنية المحيطة به، ويتم هذا عادةً عبر التجسس او العملاء أو مراقبة الاتصالات.
يتطلب اغتيال هدف مهم تخطيطاً دقيقاً وتنسيقاً عالياً بين الفرق المعنية. يشمل ذلك تحديد الوقت والمكان المناسبين لتنفيذ العملية، وكذلك وسائل الهروب والتخفية أو التغطية بعد التنفيذ.
يتم تنفيذ الاغتيالات بطرق مختلفة، مثل القنص، التفجير، أو استخدام فرق كوماندوز خاصة، ويتم التأكيد على السرعة والدقة لتقليل فرص الفشل أو اكتشاف العملية قبل تنفيذها، اما إسرائيل فهي تستخدم القاء اكبر كمية قنابل تفجيرية مدمرة إلى مساحات افقية وعمودية محدثة بذلك تدمير مساحات كبيرة وقتل الاعداد الهائلة من المدنيين الفلسطينيين في تلك النقطة التي ادعت بها معلوماتهم ان قادة المقاومة موجودين بها.
الاغتيالات تُستخدم عادة لتحقيق أهداف محددة وتكون جزءاً من خطة أكبر لتحقيق النصر في الصراعات غير التقليدية، وهذا ما تسعى له اسرائيل، البحث عن نصر واقعي، وتحقيق هدف مترجم حقيقة على الارض.
استراتيجية التمركز والمراقبة والتجسس والإغارة والتدمير والانسحاب
وهي ما تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلي في غزة .. اذ قامت قوات الاحتلال بتركيز قياداتها في حدود غزة الشرقية مع الغلاف وذلك من اجل ان تكون قريبة من عمليات التزويد والإدامة وسرعة الاستجابة وسرعة الوصول إلى الاهداف وسرعة الاخلاء للخسائر البشرية والمادية وسرعة التبديل والتعزيز للقوات التي اصبحت مستهلكة وغير قادرة على الاستمرار بمسك الارض داخل القطاع والعجز عن السيطرة الكاملة عليه.
استراتيجية تسكين جبهات الدعم والإسناد لصالح الجهد العسكري الرئيسي في جبهة القتال الرئيسية
بالزعم من استهلاك الجيش الاسرائيلي ووضع جهده العسكري الرئيسي للقتال في غزة، وما تعانيه هذه الجبهة من خسائر فادحة في الأرواح والعتاد والعدة.. امام الصمود الأسطوري للمقاومة.. فهو لا تغمض عينه عن مواجهة محدودة وذات مستوى واحد بالرد وفعل الرد على الجبهات الأخرى.. فجبهة جنوب لبنان تكاد تكون ذات رتم مستمر من بداية الحرب في تبادل عمليات إطلاق الصواريخ والقذائف وحرب الاستخبارات وحرب المسيرات وهذه الجبهة ذات مستوى واحد من القتال المستمر.. بالرغم من تفوق اسرائيل في عملية الاغتيالات المحققة التي أوجعت حزب الله.. فقد قتلت من القادة المهمين في الحزب ما قتلت وعدم قدرة حرب الله الى الوصول إلى قادة اسرائيل او حتى مستوى اقل من القادة، اما حزب الله فقد ركز هجماته على مراكز القيادة والاتصالات والمستودعات العسكرية والأمنية ومناطق قابلة للحرائق وقد قامت بإرسال طائرات الاستطلاع المسيرة لرصد الاهداف الحيوية والمهمة، وهذا الاستطلاع هو بمثابة عرض قوة وقدرة لا اكثر علماً ان هذا المستوى (مستوى المعلومات والاستخبارات) هو اول مستوى من مستويات الحروب ومن المفترض ان تكون قاعدة البيانات موجودة بالأساس ويتم تغذيتها حسب التطورات في الميدان.
اما جبهة اليمن والتي دخلت الحرب في تاثير غير مباشر على اسرائيل سواءاً في غلق باب التجارة العالمي او ارسال المسيرات ذات التأثير الكبير في تغير مجرى الحرب وعدم فعالية وتأثير تلك المسيرات بشكل مباشر.. ومع ذلك فقد قامت اسرائيل برد فعل قوي ومؤثر جداً بل مدمر لأكبر ميناء استراتيجي بحري ومحطات كهرباء ونفط على مسافة ٢٣٠٠ كلم، في عملية اقليمية ذات بعد وعمق استراتيجي ردعي عابر للدول والبحور العربية، مما ينذر باتساع رقعة الصراع وامتداده على هذه الاستراتيجية، فهذه الضربة القوية الكبيرة هي بمثابة انذار قوي إلى كل من حرب الله لبنان، سوريا المسلحين، المسلحين والميليشيات في العراق، وبالتالي هو انذار إلى ايران نفسها وجميع اذرعها.. مع توقع تتالي هذه الضربات مستقبلاً فيما إذا اخترقت صواريخ ومسيرات هذه المليشيات والأذرع عمّق اسرائيل.
استراتيجية الخدعة
تمارس اسرائيل وجيشها أساليب الخداع والخديعة بشكل كبير ومتنوع ومتعدد.. والخدعة هي استراتيجية عسكرية يتم التخطيط لها على اعلى مستوى.. وقد قامت قوات الاحتلال في غزة بابشع أنواع الخدع والتضليل وهي محرمة دولياً حيث تم استخدام سيارات الاسعاف وشاحنات ناقلات المساعدات وتنكات المياه وكذلك استخدمت سيارات هيئات الامم المتحدة والمنظمات الدولية والمنظمات الإنسانية.. وكذلك انتحالهم بانهم اطباء .. وممرضين وقد فشلت معظم محاولات الخدعة امام استخبارات المقاومة الفلسطينية في غزة وكذاك دقة ملاحظة المقاومين .. وما دخول مستشفى الشفاء وانتحالهم بصفة اطباء وممرضين والذي تم اكتشافهم بنباهة ودقة ملاحظة حتى الاطباء الفلسطينيين في المستشفى والذي كان له ردة فعل كبيرة أدت إلى قتل المقتحمين من الجيش الاسرائيلي.
اخيراً .. اقول ان قادة الجيش الاسرائيلي على المستوى المتوسط والمتدني تعلم وتعي انها اصبحت تقاتل بدون معنى وبدون اهداف وانها تقاتل من اجل إخفاقات استخباراتية ومخابراتية لا علاقة لهم بها، وان وجودهم وقتالهم في غزة اصبح مستمر مع استمرار المماكحات والخلافات بين القيادات السياسية والعسكرية والأمنية وبالتالي هم يقاتلوا من اجل مصالح هذه القيادات ومصالح بقائهم في مناصبهم.. مما أدى الى الشعور بالاحباط، وسبب في الإخفاقات الكبيرة والعديدة.. مقتنعين انهم يقاتلوا بدون عقيدة.
بعكس المقاومة التي تقاتل بعقيدة قتالية سامية حقيقية هدفها تحرير القطاع وتحرير الوطن، وتحرير الشعب، وتحرير الانسان، ورفع وازالة الظلم.. ونفض الخنوع والاستكانة .. وعدم القبول بالاستسلام بالواقع الذي كاد أن يكون قبول ابدي يعطي طابع القبول الضمني على ما يحدث.. ولكن هاهو السابع من اكتوبر يقلب الوضع الذي كان قائماً راساً على عقب .. حيث صفحة جديدة من صفحات الصراع العربي الإسرائيلي.