مع كل مرحلة يغادرها الأردن أو يدخل إليها يظهر لنا جميعاً الثقة والإيمان بعناصر قوة الدولة وقدرتها على تجاوز الأزمات بأقل الأضرار، وسجل الأردن عبر العقود هذا بشكل واضح وموضوعي.
لكننا مع كل مرحلة نرى الحاجة إلى تعزيز قدرات الدولة بأدوات التأثير الناعمة التي نحتاجها في الداخل والخارج،نحتاجها لترميم اي نقطة ضعف في معادلتنا الداخلية كما نحتاجها في التعامل مع التحديات التي تأتينا عبر الحدود من دول وتنظيمات وجهات.
اليوم لا يكفي أنك كشخص أو دولة تقوم بواجبك وتتصرف بشكل سليم وفق مصالحك ومبادئك، بل تحتاج لأدوات التأثير الناعم لتقول هذا لشعبك والعالم ولمواجهة خصومك الذين يقومون بفعل مضاد وعدواني لتشويه صورتك، فحتى الشهيد في أي معركة إذا ارتقى مدافعا عن وطنه يحتاج لمن يخبر الرأي العام بأنه استشهد ولماذا استشهد ووضع تضحيته في سياق يخدم قيم المجتمع والدولة ومصالحها.
تحتاج الدولة الأردنية إلى تعزيز أدواتها الناعمة ذات الحضور والتأثير من اشخاص وإعلام وأحزاب ودراما وأغنيات ومثقفين وسياسيين ورجال اقتصاد وأكاديميين وفي كل المجالات ليكونوا صوت الدولة ولا أقول الحكومات وعنواناً يقرب الدولة إلى مواطنيها دون الحاجة إلى أدوات رسمية ربما لا تؤدي الواجب المطلوب عند الحاجة.
الأمر ليس سهلاً لكن الأردن لن يبدأ من الصفر فلديه إنجاز في هذا المجال لكنه غير مكتمل، ولهذا تجد الدولة نفسها في الأزمات وحيدة لا يحمل موقفها إلا القليل من المؤمنين بالأردن، وتجد نفسها في بعض المراحل تلجأ إلى وسائل مكلفة سياسياً لمواجهة قضية أو ملف مع أن توفر الأدوات الناعمة يمكن أن يوفر للدولة القدرة على تفكيك بعض الأزمات دون أن تخوض معركة مباشرة معها.
هذا الملف إن حظي بالقناعة من أهل القرار يحتاج إلى بناء مؤسسي بعيد عن انفعال اللحظة وقلق الأزمات وإرباك ما حولنا ومن حولنا، ويحتاج إلى أصحاب فكر في كل المجالات، وأن يتم بناؤه بالروح التي بنى بها الأردن مؤسساته المفصلية التي خدمت الدولة ولم تخذلها تحت أي ظرف أو تعدد الأزمات.
يستحق الأردن ويحتاج إلى مؤسسات أقوى في التأثير الناعم الذي لم يعد ترفاً، بل ضرورة يدرك كل أصحاب القرار قيمتها بالتجربة والمعاناة..
الراي