لا يختلف ما تتعرض له السياحة من أزمة عما حدث لها في زمن وباء كورونا.
لكن الأثر البالغ أصاب البترا ووادي رم فهي الأكثر اعتمادا على السياحة الأجنبية خصوصا.
تعرضت البترا إلى هزة عنيفة بسبب كورونا ووصلت الإغلاقات والتسريحات مستويات مرعبة إلى أن تدخل الضمان الاجتماعي عبر برامجه المبتكرة لتثبيت العمالة.
لن تكون البترا أو مخيمات وادي رم وحدها تحت الضغط ففنادق البحر الميت والعقبة تعاني ايضا لكن يبدو ان نفسها أطول.
اغلق ٢٨ فندقا ابوابه وسرح نحو ٣٠٠ موظف وطالما ان الازمة ممتدة فسنشهد المزيد.
ألا تكفي هذه الإغلاقات لأن يحتشد كل المسؤولين عن القطاع السياحي وعلى راسهم الوزير لتضميد الجراح وتشكيل لجنة متابعة وطوارئ.
يبدو أن الاستسلام للأمر الواقع وانتظار ان تنتهي الأزمة لوحدها اغلق الباب أمام الخيارات، لكن ماذا بعد انقضاء الأزمة، هل ستحتاج تداعياتها إلى وقفة ايضا.
هذا يعيدنا الى اقتراح كان تم تجاهله وهو انشاء صندوق طوارئ لدعم القطاعات السياحية كلما احتاجت الضرورة بمساهمة القطاعين العام والخاص، وهذا يدعو الى إعادة العمل ببرنامج استدامة للضمان الاجتماعي لتثبيت العمالة التي ستحتاج الى وقت يحدث فيه التعافي كي تعود إلى مواقعها.
ليس مطلوبا من المسؤولين ضخ المال مع أن هذا هو المطلوب، لكن المطلوب منهم أن يتفاعلوا مع الأزمة إلى المشكلة فهي معروفة بحضورهم المعنوي ودعمهم للمستثمرين والموظفين وهم من ابناء المنطقة.
نسبة إلغاء حجوزات المجموعات السياحية الوافدة إلى الأردن خلال الفترة تشرين الأول 2023 إلى كانون الثاني 2024 وصلت إلى 90%.
ويتوقع أن تصل نسبة إلغاء حجوزات السياح الوافدين من شهر شباط ولغاية شهر حزيران من العام الحالي نحو 93%.
الدخل السياحي تراجع خلال الخمسة أشهر الأولى الى 1.9 مليار دينار (2.6 مليار دولار) وبانخفاض نسبته 6.5%، مقارنة مع الفترة المقابلة من عام 2023.
نحن بانتظار قرارات جريئة بتخفيض مؤقت للضرائب وتجميد أو تخفيض رسوم اشتراكات الضمان وتخفيض أو تجميد ضريبة
المبيعات بشكل مؤقت، وتقليص فاتورة الطاقة حتى إلى أن تنتهي الأزمة ويتعافى القطاع.
هذا ما يمكن فعله لوقف نزيف الخسائر وسيكون هناك المزيد، وإلا فلن تنجو فنادق ومنشآت سياحية لا في عمان ولا العقبة ولا البحر الميت ولا عجلون ولا جرش ولا البترا ولا وادي رم.
تقع هذه الفنادق وكثير من المؤسسات السياحية مثل المطاعم بين مطرقة تراجع السياحة الأجنبية في عز موسمها وسندان التكاليف وضغوط الالتزام بسداد الديون.
الوضع يشبه ما حصل في موسم كورونا لكن الفرق كان في تحديد حركة السياح قصرا في الاولى، بينما في الثانية خيارات السياح الخائفين من زيادة التوترات في المنطقة.
كنا حثثنا على تسويق الاردن مثل بيت هادئ في حي مضطرب لكن ذلك كان يحتاج الى جهود مضاعفة وفيما يبدو أن المؤسسات المعنية بالترويج لم تعثر على المفتاح فهل كان التسويق خاطئا ام ان الانفاق عليه كان باهتا؟.
ما حذر ورصده البنك الدولي في تقريره الاخير تحقق لكن الاوضاع تبدو أسوأ وربما سيتطلب الامر إطلاق حزم إنقاذ اسوة بتلك التي اطلقت في ازمة كورونا للحفاظ على العمالة ودعم صمود القطاع كي تبقى الفنادق والمطاعم واقفة.
قطاع السياحة ليس منقطعا فهو مرتبط بعشرات القطاعات الاخرى مثل المواد الغذائية وتجارة الجملة والتجزئة، والنقل، والبناء. كلما تأخرت الاجراءات فهل سننتظر حتى تتساقط.
أحسنت الحكومة إذ قررت إعفاء مالكي المهن السياحية (منشآت فندقية، ومكاتب سياحيَّة، ومطاعم سياحيَّة، وأدلَّاء السياح، والتُّحف الشرقية) من غرامات تجديد الترخيص المستحقة عليهم عن العام الحالي ولغاية 30 حزيران 2024 لكن القطاع بانتظار المزيد.
حجم الدخل السياحي إضافة إلى حوالات الأردنيين المغتربين أكبر من كل المساعدات والمنح التي يتلقاها الأردن!.
qadmaniisam@yahoo.com
الرأي