facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الملك ينتفض للدفاع عن وسطية الإسلام ورسالته السمحة


د. ضرار غالب العدوان
22-07-2024 12:38 PM

يسعى جلالة الملك عبدالله الثاني جاهداً إلى تنبيه أبناء الأمة العربية والإسلامية بالأخطار والتحديات والمنعطفات الصعبة والتي تتعرض لها أمتهم في هذه المرحلة المفصلية والحاسمة من تاريخها، وبخاصة من هؤلاء الذين يدعون الانتساب إلى دين الإسلام ويقومون بأفعال غير مسؤولة ومشينة پأسمه.

وينصب جل اهتمام جلالته على إظهار الصورة الحقيقية المشرقة للدين الإسلامي الحنيف، ودحض التجني عليه والتصدي لكل الأفتراءات والادعاءات والتعاليم الزائفة للمتطرفين والأرهابيين، والذين يتسترون برداء الدين الإسلامي ويسعون إلى تلويث سمعة رسالته السمحاء، وذلك عن طريق التشكيك بالمبادئ السامية والقيم النبيلة لهذا الدين القويم، ومحاولة ألصاق تهم باطلة لا تمت بصلة إلى روحه الطاهرة النقية والتي تسعى إلى خير البشرية جمعاء.

ويرى جلالة الملك أن الأمة الإسلامية قد تميزت عن غيرها من الأمم والمجتمعات بكونها أمة الوسطية والاعتدال والاتزان، وأن ديننا الحنيف قد تفرد بالسماحة والرحمة واللطف واللين، وقدم أروع صور التسامح والعدل وقبول الآخر، ونبذ كل مظاهر العنف والتطرف، ورفض كافة اشكال الغلو والتشدد، والتي تفضي جميعها إلى الإرهاب والقتل والتدمير والخراب.

ومع هذا التوصيف الدقيق لهذه الأمة العظيمة والدين القويم، فإن جلالته كقائد هاشمي ينحدر من سلالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ومنذ تولي سلطاته الدستورية قد جاب مشارق الأرض ومغاربها، محذراً ممن أسماهم بخوارج العصر والذين هم اقوام قد خالفوا مقاصد الشارع الحكيم، وخرجوا عن المنهج الصحيح، ونزغوا إلى الغلو والتشدد والإرهاب، مما أعطى فرصة لأعداء الإسلام لشن حملات شرسة من الافتراءات الممنهجة والمزاعم الباطلة والتي أرادت أن تلصق بالإسلام تهمة التعصب والإرهاب، وعدم التسامح والغلو والتزمت الأعمى والتشدد، وغير ذلك من صنوف الادعاءات الباطلة والتي ليس لها بدين الإسلام أية صلة، وليس لها أصل في الشريعة الإسلامية، ولا أي سند من واقع الإرث التاريخي المجيد لهذه الأمة الإسلامية العريقة، والذي ينوف عمره عن ألف وأربعمائة وست وأربعين سنة هجرية تقريباً، فهؤلاء سواء أكان ذلك بقصد منهم أم من دون قصد، قد أصبحوا عوناً لأعداء الأمة على تحقيق مرادهم في النيل من سمعة الإسلام والتنكيل بأهله.

ويؤكد جلالة الملك عبدالله الثاني، أن التطرف والتعصب وما يتبعه من عنف وإرهاب كان وما زال وسيبقى سبباً في تلويث سمعة دين الإسلام الزاهية وتشويه صورته المشرقة، وبالتالي الإضرار بمصالح الدعوة الإسلامية في الداخل والخارج، كما كانت سبباً مباشراً في زعزعة استقرار المجتمع المسلم الآمن، وتهديد كيانه وإلحاق أضرار جسيمة بالغة باقتصاديات البلدان الإسلامية وأهدافها التنموية، وانطلاقاً من هذه الرؤية الملكية الاستقرائية القويمة فإن التطرف والغلو هما خطر داهم يتربص بكيان الأمة الإسلامية برمتها، وينبغي علينا سرعة التحرك لأجتثاثه من جذوره وقطع دابره والقضاء عليه.

ولعل أن من المناسب في هذا المقام الإشارة إلى أن جلالة الملك عبدالله الثاني قد حذر أبناء الأمة مراراً وتكراراً من مخاطر مغبة الغلو في الدين، مقتدياً بالنهج النبوي القويم، والذي وصف هذا الأمر بجملة جامعة مانعة بليغة بقوله صلى الله عليه وسلم في حديث نبوي شريف «إياكم والغُلُوَّ؛ فإنما أهلك من كان قبلكم الغُلُوُّ في الدين»، فهو هلاك حتمي ليس على مستوى الأفراد فحسب وأنما على مستوى الجماعات، فهو هلاك للأنفس والممتلكات والبلاد والعباد.

ومن وحي ذلك التوجيه والهدي النبوي الشريف دعا جلالة الملك في أكثر من مناسبة إلى ضرورة تلمس الوسائل المجدىة لمكافحة الغلو والتطرف، وتحصين عقول الأجيال الصاعدة الشابة من مخاطر الأنزلاق في مهاوي مسالك الفكر الإرهابي الهدام، وأيجاد السبل الكفيلة لمحاربة التطرف بشتى الوسائل والسبل الممكنة، وبناء ثقافة الحوار البناء وأدب الأختلاف، وتطبيع النفوس على قبول الآخر واحترام الرأي المخالف، وتجسيد قيم التعددية والتعايش السلمي والتسامح، ورفض الأنغلاق والانفتاح الواعي المنضبط على مختلف الثقافات.

ليس هذا فحسب، بل أن جلالة الملك عبدالله الثاني يدعو إلى الإقتداء بالنهج النبوي الشريف والذي يحض المسلمين–في كل عصر ومصر–إلى الأعتماد على مبدأ الرفق واللين والموعظة الحسنة في منهج الدعوة إلى الله–عز وجل–وتجنب الغلظة والعنف في التوجيه والتعبير، واللجوء إلى الوسائل الأخلاقية والحضارية لتحقيق خير الناس وسعادتهم في الدنيا والآخرة، وتحريم الأعتداء على أرواح وأموال وممتلكات المدنيين المسالمين والأبرياء العزل.

ويؤمن جلالته أن إحدى أهم الوسائل الناجحة والمؤثرة في الوصول إلى هذه الأهداف هي الحوار البناء والجاد مع المتطرفين، فقد لجأت بعض الحكومات والدول في الآونة الأخيرة إلى استخدام القوة المفرطة ضد جماعات التطرف والعنف، بينما اختارت البعض الأخرى أسلوب الحوار، وقد برهنت التجربة أن الحوار قد كان أكثر تأثيراً وفعالية من استخدام القوة، ذلك أن القوة تأتي أحياناً بنتائج سلبية وتزيد من الفكر المتطرف صلابة ومتانة بدلاً من القضاء عليه، لذا وبتوجيهات ملكية سامية تم إطلاق رسالة عمان لتوضيح الصورة الناصعة النقية الحقيقة للدين الإسلامي الحنيف، وذلك لتغيير النظرة النمطية المغلوطة لدى الغرب تجاه هذا الدين القويم، والذي تصوره ظلماً وبهتاناً بأنه دين يشجع على القتل والإرهاب، ويؤسس للغلو والتطرف.

ولعل أن مما يؤكد صحة ما ذهب إليه جلالة الملك عبدالله الثاني في دعوته إلى الحوار البناء مع المتطرفين، هو أن الصحابي الجليل عبدالله بن عباس–رضي الله عنه–قد حاور «الخوارج» في ذلك العصر وبسبب هذا الحوار العقلاني الراشد قد عدل كثير منهم عن موقفهم المتزمت والمتطرف وأنضموا إلى صفوف جماهير المسلمين وساروا في ركاب الدعوة الإسلامية.

وبناءً عليه، حتى يومنا هذا يشدد جلالة الملك عبدالله الثاني على أن هناك ثمة حاجة ماسة إلى تفعيل آليات الحوار الهادف والبناء مع المتطرفين لتصحيح أفكارهم الخاطئة ومفاهيمهم المنحرفة، وبالتالي تحويلهم إلى شريحة صالحة في المجتمع، وهذا الأمر يستدعي بالضرورة أقصى درجات الوعي واليقظة والحس بالمسؤولية، وتعزيز دور أهل الفكر والعلم ومراكز البحث والدراسات والمؤسسات الدينية والثقافية والأكاديمية في بلورة خطاب ديني راشد ومتزن ومعتدل ومستنير، يعمل على تبيان حقيقة الدين الإسلامي الحنيف ورسالته السمحة.

وقد لفت جلالة الملك الانتباه إلى أن التطرف في الدين هو فهم النصوص الشرعية بعيداً عن المقصد الذي أراده الشارع، وهذا التطرف يؤدي إلى إحدى النتيجتين المكروهتين وهما الإفراط والتفريط، وهنا تتمثل مظاهر التطرف والذي يتجلى بتعصب الشخص لرأيه والتمسك به وعدم الاعتراف بالرأي الآخر أو قبوله، وجموده على فهمه جمودأً لا يسمح برؤية واضحة لمصالح الخلق بشكل عام، فالمتطرف كثيراً ما يجعل الأمور الاجتهادية أموراً مقطوعة ويقينية، ليس فيها إلا قول واحد وهو قوله ورأيه فقط.

وبحكم ما أوتي جلالة الملك عبدالله الثاني من وعي وحكمة، وإدراك عميق لمجمل الوقائع والمعطيات، فقد وصف التعصب بأنه انغلاق المرء على عقيدته أو فكره، واعتبار أن الآخرين جميعاً هم خصومه وأعداءه، وتوجس الشر منهم وإضمار سوء النية لديهم، وإشاعة جو من العنف والكراهية لهم، مما يفقد الناس سبل العيش في أمان وأطمئنان وسلام، وبناءً عليه يعتبر جلالة الملك أن التعصب ظاهرة دخيلة على مجتمعنا ويتعارض–كلياً–مع ثوابت الشريعة الإسلامية الغراء، ويخالف أحكامها وتعاليمها السمحاء، والتي ما تركت لا شاردة ولا واردة إلا وتصدت لها بما يقتضي ويستوجب.

ولم يغب عن بال الملك لفت الإنتباه هنا إلى أن التطرف هو الانحياز إلى طرفي الأمر، فيشمل ذلك الغلو الذي هو أخص منه في الزيادة والمجاوزة، ليس بمجرد البعد عن الوسط إلى الأطراف، أو بمعنى آخر يعتقد جلالة الملك أن كل غلو هو تطرف، وليس كل تطرف بمثابة غلو، ومرد ذلك كله عائد إلى أن الغلو أخص من التطرف الذي هو في حقيقة الأمر عبارة عن مجاوزة الحد والبعد–كل البعد–عن التوسط والأعتدال افراطاً أو تفريطا، قال الله–تبارك وتعالى–في محكم تنزيل كتابه العزيز في سورة النساء (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ)، أي بمعنى أن لا تتجاوزوا المقدار أو الحد.

وأخيراً وليس آخراً يخلص جلالة الملك عبدالله الثاني إلى أن الإرهاب هو العدوان الذي يمارسه أفراد أو جماعات أو دول بغياً على الإنسان في دينه ودمه وماله وعرضه، ويشمل صنوف التخويف والأذى والتهديد والقتل بغير حق، وكل فعل من أفعال العنف أو التهديد يقع تنفيذاً لمشروع إجرامي سواءً أكان فردي أو جماعي، ويهدف إلى إلقاء الرعب وبث الذعر بين الناس، أو ترويعهم بإيذائهم، أو تعريض حياتهم أو حرياتهم أو أمنهم للخطر، لكن الأمر الذي يؤكد عليه جلالة الملك أن الدفاع الشرعي عن النفس ورد المعتدي ليس ارهاباً ولا تطرفاً، بل هو حق من حقوق المسلمين المقدسة في الجهاد في سبيل الله لنصرة دين الحق، ودحض التجني والمزاعم التي تلصق به، لا سيما إذا كان خاضعا للضوابط الشرعية التي قررها فقهاء الأمة وعلمائها.

"الرأي"





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :