الخارطة الحزبية والانتخابات القادمة
د. أميرة يوسف ظاهر
22-07-2024 11:38 AM
تنشط الأحزاب الأردنية (الوطنية) هذه الأيام بالاستعداد لانتخابات البرلمان العشرين، وقد تكون هي الفرصة الأولى في تاريخ الحياة السياسية في الأردن إذ تتقدم فيه أحزاب وطنية في السباق، حيث تقف الأحزاب الدينية على يمين المشهد السياسي ولديها فسيفساء مختلف هذه المرة، فهناك من يقف إلى أقصى اليمين وهناك من يقف على مقربة من الأحزاب الوسطية، فالإسلاميون في البعد السياسي هم أكثر من فصيل، وهذا ينشئ بدائل تقدم للشارع الأردني فرصا كثيرة، وفي الوسط تقف أحزاب أردنية وطنية كثيرة تشكل أيضا بدائل في البعد السياسي لقطاعين؛ قطاع القيادات التي تشكلت حديثا بعد خروج نسبي للحرس القديم بما يهيئ لإعادة ترتيب الدولة العميقة، وكذلك قطاع الشباب والنساء الذين قدموا من مؤسسات مختلفة.
ومع أن العشيرة تم تسييسها لتكون داعما للأحزاب الحديثة إلا أنه ما زال في الوسط السياسي من يقف عقبة في وجه العمل الحزبي، وفي الواقع التقليدي ما زالت أحزاب اليسار تقف بذات الطريقة على يسار المشهد بمثالية سياسية إعتدنا عليها، رغم تواضع النتائج، والمجتمع ما زال ينحو في اتجاهات اليمين المتوسط والوسط المعتدل، ويبتعد عن الأفكار التي يراها مختلفة عن القيم، فمع احترامنا للفكر اليساري إلا أننا نتذكر دور اليسار الدولي في تزعزع أوطاننا، وفي اعتبارات القومية وبعض الأحزاب العربية إلا أنه ما زال لدينا متسع في الذهاب إلى الوسط الذي بدأ ينبئ عن شخصيات وطنية بعضها تكنوقراط والبعض الآخر يقدم استثمارات من خلال رؤوس الأموال التي جناها طيلة السنوات الأخيرة، كحزب تيار الاتحاد الوطني الذي يقدم أنموذجا وطنيا بامتياز، فهناك بحث عن قيادات وطنية شابة، وهناك إحلال للزعامات الحزبية القديرة، وأيضا هناك تقديم الإمكانيات على المال، فالوطن ينتظر أبناءه وبناته، والحزب الذي سيفوز في ساحة التنافس هو الذي يفكر بالأردن وطنا للجميع وليس وطن الذين تمتليء جيوبهم بالمال الذي يصل بصاحبه إلى المقاعد البرلمانية، وكنا نتمنى أن يتم توقف الشباب والسيدات عن الاسهام بمقاعدهم وهو مصطلح جديد بدأ يظهر في الأروقة والأروقة الحزبية، مع أننا في تيار الاتحاد الوطني نقدم نموذج الامكانيات، والمؤهلات إلا أن هناك أحزاب تتجاوز الامكانيات إلى نطاقين هما المال والجاه الذين كتبا علينا في الأردن ليكونا بديلا للإمكانيات التي تشكل رافعة وطنية أشار لها جلالة الملك في أوراقه النقاشية وفي مخرجات التحديث السياسي الذي كان هدفه أن يكون الأردن في أربعة دورات برلمانية يقوم على أن يكون دائرة انتخابية واحدة تتنافس فيه الأحزاب التي جربت نفسها في ثلاث دورات انتخابية وهذا ما سيعود على مجتمعنا بالكثير من المؤهلات التي ستذهب به إلى بر الأمان فيما يتعلق بأن نتخلص من الفساد والمحسوبية والفقر والبطالة التي تستشري بمجتمعنا وتعصف بمقدراته.
لقد أصبح وجوبا علينا أن نعمل على أن نصوت لبرامج الأحزاب الوطنية التي تقدم جهودا خيرة في التنمية والتطوير وأن لا ننظر للوراء فيما يتعلق بالفساد المالي الذي بدأ ينتقل لبعض الأحزاب التي تقدم مقاعدها إلى الذين نحاول في قوانينا الجديدة أن نستثنيهم وأن يظهر هناك جيل جديد واعد.
علينا أن لا نظلم الكثير من الجهود التي تظهر هنا وهناك في العمل الحزبي، وعلينا أيضا أن ندرك أن اليمين والوسط واليسار هي روافع للارتقاء بالعمل الحزبي، وأن يكون هناك معارضة حزبية تأتي بما يمكن أن يكون راقيا وفعالا، واحترام المعارضة هو شأن الدول المتحضرة، وعندما نعلن أسماء الفائزين علينا أن ننظر بتقدير عال لمن لم يسعفه الحظ، فالمحاولة هي جهد وطني لكل الذين سيدخلون حلبة السباق.