المال العراقي والاعلام الاردني
ماهر ابو طير
08-08-2007 03:00 AM
في المعلومات ان مشاريع عراقية اعلامية تخرج في الاردن او يجري الاستعداد لها ، بتراخيص اردنية ، ورأسمال عراقي ، وتوجه سياسي عراقي ، وهجمة المال العراقي على الاردن ، مرحب بها في كل شيء باستثناء العمل السياسي ايا كانت مسمياته. العراقيون في الاردن وعددهم بمئات الالاف من طبقات اقتصادية مختلفة ، يعيشون بشكل طبيعي واعتيادي ، حتى ان غالبيتهم بلا اقامات ، وفي كثير من الاحيان يرى الشرطي الاردني ، عراقيا مخالفا فلا يقترب منه ، احساسا بمشكلته ، وحتى لا يتسبب بتسفيره ، او ايذاء عائلته ، مخالفا بذلك القانون النصي ، ومتفقا مع الضمير الوطني للناس في هذا السلوك البشري الطبيعي الذي ينم عن التعاطف مع العراقيين.
غير ان تحرك المال العراقي مؤخرا وخلال العامين الفائتين لتأسيس مشاريع اعلامية اردنية ، تكون مجرد واجهة ، لمجموعات سياسية عراقية ، او نافذين عراقيين ، هو امر غير مرحب فيه ابدا ، ليس لاننا ضد الاستثمارات ، بل للخوف من نقل حساسيات التجربة العراقية الى الساحة الاردنية ، ولاننا ايضا لسنا بحاجة الى مال مسيس بأي حال من الاحوال ، والا.. كان بامكان الدولة منذ زمن بعيد استقطاب المال اللبناني والفلسطيني والعراقي المسيس ، ولكانت عمان تحولت الى عاصمة اعلامية للمتحاربين العرب في هذا الزمن الصعب.
والقصة ليست قصة انعزالية عربية في الاردن ، اذ ان الساحة الاردنية يكفيها ما فيها ، من حساسيات وتشابكات ، ولا تحتمل مثل هذه الساحة لظروفها ان تنتقل اليها مشاكل الساحات السياسية المجاورة ، وقد قبل الاردن تاريخيا ، ان يتقاسم الكلف الحياتية والاجتماعية مع دول الجوار ، كما في وجود العراقيين لدينا حاليا ، غير ان الجانب السياسي في الموضوع مرفوض ، خصوصا ، ان عدد العراقيين كبير في الاردن ، وليس مرحبا بأن يتم صدور وسائل اعلام اردنية كواجهات لمجموعات عراقية سياسية ، فالمال السياسي هنا بامكانه ان يذهب الى العراق ذاته او قبرص او لندن وحتى دبي اذا قبلت الاخيرة اصلا هكذا نوعية من المشاريع وهي التي اغلقت اصلا قناة الفيحاء العراقية التي كانت تبث من اراضيها لكونها سببت احراجا شديدا لدبي جراء معارك القناة مع دول عربية وحتى فئات عراقية في وقت من الاوقات.
في الاردن حاليا اثرياء من العراق وشيوخ عشائر ومتنفذون يستعدون لاصدار صحف او يحاول عراقيون بالتعاون مع اردنيين اقناعهم بأهمية هذه المشاريع ، في ساحة مغرية مثل الساحة الاردنية ، ولعلها نصيحة الى هؤلاء ان لا يستمعوا الى مثل هذه الوصايا ، فكما اسلفت الاردن علاقته بالعراقيين علاقة خاصة ومميزة ، غير ان حسابات الساحة الاردنية لا تحتمل الكلف السياسية لمثل هذه المشاريع ، ولا علاقة لها بها ايضا ، وليست طرفا في حساسيات المعادلة العراقية ، التي يريد البعض نقلها الى الساحة الاردنية باعتباره يظن انها ساحة سهلة ومفتوحة وهي ليست كذلك على أي حال.
العراق ليس بحاجة اليوم الى مشاريع اعلامية ، اذ يكفيه هذا الذبح اليومي والمجاني ، ومزيد من الصحف العراقية او العربية التي تمثل جهات عراقية ، لن يؤدي الا لمزيد من الفرقة والانقسام ، والساحة الاردنية من جانبها غارقة بسيل الصحف اليومية والاسبوعية والشهرية ، التي تصفر اوراقها دون ان يشتريها احد في هذا الزمن الذي تسرق فيه لقطة تلفزيوينة كل الصحف في لمحة بصر.