هل المشكلة في التقنية ام العيب بتطبيقها؟
أ. د. عادل عواد الزيادات
21-07-2024 02:28 PM
دأبت الحكومات الأردنية المتعاقبة على الإعلان في مناسبات عدة عن تحول تقديم الخدمات للمواطنين من حالة الكتابة على الأوراق من قبل موظف مختص الى الرقمنة ودخول عالم الحكومات الالكترونية بهدف تسهيل مختلف أنواع المعاملات التجارية من بيع وشراء او دفع مختلف أنواع الضرائب المستحقة على المواطنين.. وبهذا يرتاح المواطن من عناء السفر والوقوف في طوابير لطالما عانى منها لانهاء معاملاته
لذا استبشر المواطن خيرا بهذا التحول لكن الفرحة للأسف لم تكتمل حيث بدأت تتكشف عدم استعدادنا وتخبطنا في تطبيق الرقمنة
ولي الخبرة الشخصية التالية في مدى المعاناة التي واجهتها انا وغيري من المواطنين حيث بدأت المعاناة عندما قررت شراء قطعة ارض من صديق لي يقطن في دولة قطر.
وبما ان النظام بتحويل بيع الملكية العقارية من النظام اليدوي الى تطبيقات التكنولوجيا الحديثة كما ذكرنا خاصة برامج الحكومة الالكترونية التي تدعي تسهيل المهمة على المواطن لكن للأسف معاملة شراء قطعة الأرض دامت حوالي أسبوع كامل ونحن نتردد ونستجدي بسبب قرب سفر بائع الأرض.
فوجئنا بأن اما السستم معطل او عدم اكتمال المعلومات او نقص في البيانات مما اضطرني لمراجعة دائرة الأراضي المعنية عدة مرات دون جدوى ترجى. وهذا ما اضطرنا الى البحث عن مساعدة او وسيط بهذا الخصوص فتمكنا بكل سهولة من إيجاد شخص متخصص في فن معاملة الموظفين المسؤولين مقابل أجور معينة يدفعها المراجع ضريبة مستحقة بفضل نظام الرقمنة الجديد
ومع ذلك لم تنتهي معاناتنا بل استمرت كما هو موضح في ملحق هذه الرسالة من قبول ورفض لمعاملة البيع بفضل تعطل السستم او أسباب اخرى ويجب الانتظار خمسة أيام من يوم الخميس الموافق 11/7/2024 حتى يوم الأربعاء 17/7 من العام نفسه لنتمكن من التوصل الى دفع مستحقات الضريبة على قطعة الأرض وتوقيع اتفاقية البيع مع استثناء يومي الجمعة والسبت
وهنا يبرز السؤال التالي:
هل وعود الحكومة الالكترونية للمواطن تحققت في سرعة انجاز المعاملات وتوفير وقت المواطن؟ للأسف اصبح المواطن يتسول عطف الموظف والواسطة لتسريع اتفاقية البيع ودفع الضريبة على الأرض التي طالما طالبت بها الحكومة والغريب بقينا ننتظر رقم الدفع الالكتروني والتوقيع على معاملة البيع مدة خمسة أيام كما ذكرنا للتو.
وهذه ربما وسيلة الدولة في تشييع الاستثمار في الأردن ان لم تكن طاردة للاستثمار وعودة كوابيس تقبيل الايادي للموظف
وهنا يجب التعرض لمسألة مهمة جدا وهي عملية نقل هذه التقنية الحديثة وتأثيرها على ثقافتنا والتي تم إنجازها بشكلها الجاهز من الدول المصدرة لها مع عدم توفر القاعدة العلمية المطلوبة للتعامل معها في بلادنا.
وبهذا الخصوص يجب التأكيد بأن التكاليف المادية لانتاج هذه التكنولوجيا وتطبيقاتها المختلفة لم تساهم بها حكوماتنا ولو بجزء بسيط من كامل نفقاتها الباهضة المقدرة بالمليارات بل قام بتمويلها كاملة دافع الضرائب في البلد المنتج لها لخدمة أغراض التنمية في بلدها ولم تصنع او تكتشف في الأساس لخدمة أغراض التنمية في البلد المستورد لها. لذا فمن الضروري لمن يستورد هذه التقنية الرقمية الحديثة عليه تهيئة موظفيه او العاملين لديه نفسيا وتقنيا وثقافيا واجتماعيا لكيفية التعامل مع هذا المفهوم الجديد من المعرفة.
كذلك يجب توطين او تسخير هذه التقنية لتتلائم مع ثقافتنا الأردنية
فهل قامت الحكومات الأردنية المتعاقبة بتوطين المستورد من التقنيات الغربية خاصة فيما يتعلق بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات؟
للاسف لم نشاهد سوا التخبط والارتجال في التطبيق وهذا ما أدى الى ما نحن عليه مثل السستم عطلان ونقص في المعلومات وهذا هو السائد في معظم معاملاتنا في الدوائر الحكومية ولا اريد هنا ان اذكر مدى الرعونة والعشوائية وعدم التقدير او الاهتمام بوقت المواطن الذي اصبح تحت رحمة الموظف الذي لا يعي ولا يدري معنى تسخير التقنية لخدمة المواطن.
* جامعة اليرموك