فلسطين وسط هذا المتغير العربي ؟!
ممدوح ابودلهوم
30-04-2011 04:34 PM
أين فلسطين قضية العرب المركزية الأولى بامتياز والأهم بإطلاق وسط هذا المعمعان العربي ؟!
سؤال الراهن الفلسطيني هذا والذي لم يختلف عن قديمه ولا عن قادمه أيضاً باعتبار ما يجري ، لن يبقى طويلاً برسم الهواء الطلق في فضاءات الشرق الأوسط / الوطن العربي تخصيصاً والعالم تعميماً ، فمحسومٌ لا يقبل التأويل ولا عبثية التأجيل ، أنه بدون حل قضية فلسطين نهائياً - فحل الدولتين طوع بنان ، لن يرى العالم العربي أو إقليم الشرق الأوسط بل والعالم بالمجمل السلام المطلوب بتعاريفه وتصانيفه كافة ، وبهذا الحكم المقطوع اليقين هو أيضاً تبقى أشواق الحرية واستشراف المستقبل والحياة الكريمة للأجيال القادمة ، وأضف ما شئت من رومانس الحراك الديموقراطي وما طاب من استراتيجيات تفضي إلى مناخات الحياة المدنية أو ما يسمى بدولة القانون والمؤسسات ، كل أولئك منفرداً ومجتمعاً يبقى أمام المتحكمين بالمصير الفلسطيني على موائد المفاوضات في الأروقة الدولية ، بين غيب التنظير الدبلوماسي وبين غياهب النوايا الحسنة المفضية بدروس التاريخ إلى تهلكة الفراغ أو جحيم التسويف.
الكثرة الكاثرة من المتخاذلين ومن الواقعيين من الفريقين الذين اتخذوا موقفاً وسطاً بين سؤال المقاومة وحل الدولتين ، وأولئك الذين اعتنقوا مذهب البراغماتية وقطعوا شوطاً محسوباً نحو حسم الأمر وقبول هذا الواقع المفخخ ، ما زالوا يصمون آذانهم عن سماع الحقيقة الضيعى في الشارع العربي بخاصة والعالم بعامة ، وهي أن المسألة الفلسطينية لم تعد القضية المركزية الأولى والأهم ، لدى أصحاب القرار في العواصم العربية بدءاً بالمخلوعين منهم ، لا بل والمنتظرين على قائمة الخلع إذ سيتركون المشجب ذاته على حاله أمام القادمين ، وتبعاً لهذا الزلزال / المتحول وتوابعه لن تصبح فلسطين أيضاً البند الهام أو الحيوي على أجندات المجتمع الدولي ..
غير أن أي مراقب منصف أو حصيف لن يعدم ، وهو يبني احتشاداته المؤجلة نحو قفزة مطلوبة ومرتجاة في آن معاً من يأس التشاؤم أو ضباب التشاؤل إلى آفاق التفاؤل ، القبض على لحظة فرح هنا أو رؤية مشهد مستبشر هناك في ميادين الإنتفاض العربية ، حيث أعلام دولة فلسطين تلوح بها أيدي الشباب الثائرين العرب في مصر وتونس وليبيا واليمن وغيرها ، بينما الكوفيات الفلسطينية تطوق الأعناق فمقطوع اليقين أن العلم والكوفية الفلسطينيين هما رمز التثوير ومشعل التحرير لدى معظم شعوب هذا الكوكب.
لسنا نذهب مذهب أصحاب الرؤيتين البائستين آنفا ، ففلسطين التاريخ والجغرافيا والديموغرافيا أولا ليست برسم النسيان ، فالخرتيت النافق دافيد بن غوريون كان يقول الآباء سيموتون والأبناء سينسون فنفق ومقولته في مزبلة التاريخ ، ذلك أن فلسطين وشعبها العظيمين باقيان راسخان ومحفوظان كما الشهادتين لنا نحن المسلمين ، ثم وبقولة فصل خطاب نحتكم فيها إلى قوله سبحانه في محكم تنزيله : (فالله خيرَ حافظاً وهو أرحم الراحمين – سورة يوسف آية 64) .
ملحة ما سقناه هنا تتمثل في نظرة التفاؤل (الأخيرة) إلى الكأس الفلسطينية بإزاء كؤوس الأخرين ، فلا نقول رب ضارة نافعة لكن نقول رب نافعة (ثورية) عربية نافعة (تصالحية) فلسطينية ، وليس مهماً ترف الإختلاف بين الفريقين الأول القائل بأن التوقيع بالأحرف الأولى على الإتفاق الأخير بين فتح وحماس، هو نتيجة الإنتفاضات العربية حيث البون الشفيف والعميق أيضا ، بين النداء الشعبي في هذه الأمصار العربية (الشعب يريد أسقط النظام) وبين النداء الشعبي الفلسطيني في الضفة والقطاع بخاصة (الشعب يريد إنهاء الإنقسام) ..
أما الفريق الثاني ، إختصارا ، فلا من تثريب عليه هو أيضا أن يرى المصالحة إفرازا مفرحا للمظاهرات الفلسطينية التي نادت بالمطلوب منذ سنين عصيات ، على أن الفضل يجب أن ينسب لأهله فشرارة المصالحة بين رام الله وغزة ، قد نهض بمشعلها الوطني الباسل السيدان نبيل شعث وحكمت المصري بزيارتهما التاريخية إلى القطاع ، ولطالما كان الرئيس عباس ومنذ تفاقم الأزمة بين الطرفين يقدم المبادرة تلو المبدارة ، ما توَّجهُ قبل شهور قراره الوطني الحكيم والمسؤول بالذهاب فورا إلى غزة دون دعوة من قادة حماس ، ومهما يكن فإن الفلسطينيين قد بدأوا يقرأون عنوان مكتوب وحدتهم بأنفسهم ، بمعنى أنهم بدأوا فعلا وعبر التوقيع ولو بالأحرف الأولى على مرسوم المصالحة الوطنية ، بخلع شوك الإنقسام بأيديهم وتعشيب أرض الوفاق الفلسطيني من أي ضار سام أو مهلك للزرع والضرع على الأديم الوحدوي المقدس ..
Abudalhoum_m@yahoo.com