facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ما ينفع القيس عُقب الغرق ..


بسمة العواملة
21-07-2024 08:45 AM

ظلت أمي رحمها الله كلما رأتني اندفع بشغف و حماس تجاه فكرة ما او هدف تخاطبني بهدوء أن يا ابنتي من لا يقوس قبل لا يغوص ما ينفع القوس عُقب الغرق، وهذه الحكمة او المثل البدويّ المُغرق في القِدم، يقال للشخص لحثه على التخطيط الجيد قبل القيام بالتنفيذ، أي بمعنى من لا يقيس و يدرس قراره و خطوته جيداً، لا ينفعه بعد ذلك الندم بعد فوات الأوان، فالقرارات المتسرعة عادةً ما يتبعها و تجلوها استفاقة الغافل بعد الغرق في خطأ القياس او التقدير.

وهذا تماماً ما استشفه جيداً من القرارات الحكومية الأخيرة، فلقد تفاجأت كما غيري من المواطنين، بأن الحكومة كانت قد اعلنت عن تلك القرارات دون أن تُقدم لنا دراسة مسبقة بما يسمى بالأثر التشريعي للقرار او القانون، فلقد تعلمنا منذ بواكير دراستنا من أن تحليل الأثر التشريعي أو تقييم الأثر يتم إنشاؤه قبل طرح تشريع حكومي جديد سواء اكان قانون او قرار بحيث يتم تقدم تحليلات الأثر التشريعي لاجل تقييم مفصل ومنهجي للآثار المحتملة للتشريع الجديد من أجل تقييم ما إذا كان هذا التشريع سيحقق الأهداف المرجوة منه أم لا، وما مدى الفائدة التي سيحققها هذا التشريع الجديد لأنه كما نعلم فإن التشريع عادة ما يترتب عليه العديد من الآثار وغالبًا ما يصعب التنبؤ بها دون دراسة تفصيلية وإجراء مشاورات مع الأطراف المعنية.

كما يُظهر كذلك النهج الاقتصادي لقضية التشريع إذا ما كان ينطوي على مخاطر عالية بحيث تتجاوز تكاليف التشريع فوائده المرجوة.

ومن هذا المنظور، يكون الغرض الأساسي من تحليل الأثر التشريعي ضمان أن يكون التشريع معززًا للرفاهية من وجهة نظر المجتمع، بمعنى أن تتجاوز الفوائد التكاليف المترتبة على انشاء التشريع او القرارات ويجري تحليل الأثر التشريعي عامة في سياق المقارنة والمفاضلة مع وسائل أخرى مختلفة لتحقيق الهدف المنشود الذي يجري من خلاله
تحليل المنافع والتكاليف ليصبح الأسلوب المنهجي المعتمد.

فهناك مثلاً 12 دولة واكثر تنتمي لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية والتي تنضوي تحت مظلة المنظمة كانت قد نفذت متطلبات تحليل الأثر التشريعي بشكل او بآخر.

كما بدأ البنك الدولي يوصي عملاءه من الدول بتنفيذ متطلبات تحليل الأثر التشريعي، ونتيجة لذلك، اعتمد عدد متزايد من الدول النامية الآن متطلبات تحليل الأثر التشريعي نتيجة لانعكاساته الايجابية على اقرار القوانين و القرارات الجديدة الصادرة عنها.

فلماذا نحن اذن نغرد وحيدين خارج السرب ؟!

فما يستقيم مع المنطق محاولة خلق فرص عمل جديدة من خلال تطبيق قرارات لم يتم دراسة الأثر التشريعي لها.

كنت اتمنى من اصحاب القرار لو كانوا قد التقطوا الرسائل التي اشار اليها ولي العهد الامير الحسين في مقابلته الاخيرة عندما تحدث في الجزء المتعلق بالاقتصاد حين قال بأن قوتنا بإقتصادنا ومن إننا نملك موارد بشرية تحتاج الى شغل مؤسسي، ومن وجوب ان نشتغل على المستوى التعليمي ونطوّر البيئة الإستثمارية ونشتغل كذلك على القطاع العام بحيث يخدم المواطن والمستثمر، وعندما نوه سموه الى أن بعض المؤسسات في الدولة اذا ما غاب ما نسبته 50% من الموظفين او ما داوموا، فانه لا يكون لغيابهم اي تأثير، ولكن سموه لم يقل بأنه يجب الاستغناء عنهم او حصارهم بقرارات استعجالية وغير مدروسة، وانما اشار الى وجوب تأهيل كوادرنا البشرية لزيادة الإنتاجية.

وهنا يأتي دور معهد الإدارة العامة في تدريب هذه الكوادر و بالتالي غربلتها، فالموظف الكفوء يكافىء، والمتقاعس يتم الاستغناء عن خدماته دون اللجوء الى قرارات تمنع الموظف من العمل خارج اوقات الدوام، فما دام هذا الموظف يؤدي عمله على خير ما يرام فلماذا تمنعه من أن يحسّن دخله و يستغل وقته بعمل مفيد، بحجة افساح المجال لغيره من الباحثين عن فرصة عمل.

يجب أن يُعاد التفكير بهذه القرارات بعد دراسة الأثر التشريعي المترتب عليها، كذلك من باب إن كنت لا تعلم فاعط القوس باريها (بمعنى استعن باهل المعرفة و الخبرة) في هذا الملف، فيتوجب على الحكومة ان تمنح معهد الإدارة العامة الصلاحيات الكافية لتقييم الموظفين بعد تدريبهم وتاهيلهم وبالتالي اختبار الموظفين الذين اثبتوا كفاءتهم والاستغناء عن المتقاعسين منهم، وبذلك يتحقق لنا محاربة الترهل الإداري وبذات الوقت المحافظة على بقاء اصحاب الكفاءة والخبرة في مجال العمل وعدم خسارتهم وهروبهم الى دول اخرى.

وللمرة المليون نقول لاصحاب القرار، ارجوكم قياس الأثر التشريعي يسبق اصدار القانون والقرارات وليس العكس، هذا ما تعلمناه في الف باء الإدارة.

واخيراً قيسوا قبل لا تغوصوا وما خاب من استشار وسلامتكو.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :