نزاهة الانتخابات ليست مرتبطة بأداء مؤسسات الدولة في مقدمتها الحكومة وأذرعتها كذلك الهيئة المستقلة للإنتخاب فقط ، فعامل الحسم الحقيقي لنزاهة الانتخابات هم الناخبون والمرشحون ورقابة المجتمع والوقوف في وجه كل من يريد أن يمارس سلوكا شاذا ، فالناخبون عليهم مسؤولية وطنية وأخلاقيه كبيرة من حيث اختيارهم الواجب أن يكون قائما على المصلحة الوطنية العامة للخروج من دائرة الإحباط والتلاوم ، بعيدا عن المصالح الشخصية الآنية الصغيرة ، وعدم إفساح المجال لأي مساومة على اختياراتهم ، لأن مصلحتهم الحقيقية ستتحقق واقعا ملموسا عندما يفرزون مجلس نواب يكون ممثلهم الحقيقي في الرقابة والتشريع .
على مقطع المرشحين الذين يرون أنفسهم أهلا لتمثيل الناس ، عليهم الإرتقاء على طريق إقناع الناخبين بأنفسهم وبرامجهم ، بعيدا عن المساومة المرفوضة ومحاولة ابتزاز الناس بحاجاتهم وتسييل المال الأسود "الرشوة " على طريق محاولة الوصول إلى العبدلي .
إن البرامج المقنعة والواقعية والوعود التي من الممكن تحقيقها تمثل صدق المرشح مع الناخبين بينما إطلاق الوعود الكاذبة والبعيدة عن احتمالية التحقيق تمثل نوعا من خدش نزاهة اختيار الناس ، لذا من الواجب على كل من يريد الترشح بمجلس النواب العشرين أن يضع نصب عينيه الإمكانية العامة للدولة وألا يفرط بوعوده الناس أكبر من هذا الواقع .
كل هذه العوامل وغيرها تدخل في صلب نزاهة الانتخابات وتؤثر على النتائج التي نريدها ، إن الإقبال أيضاعلى صناديق الاقتراع بفعالية وكثافة هو الذي سيفرز الأصلح لتمثيلنا تحت القبة ، ومن خلاله نستطيع فرز القمح عن الزيوان !!
إن الذي يرفض ممارسة حقة الدستوري لا يحق له في المستقبل أن ينتقد أو يعترض لأنه أخرج نفسه من دائرة المشاركة ورفض إلا أن يكون جالسا على الرصيف .. التغيير يأتي فقط من خلال التفاعل مع الثورة البيضاء في الإصلاح والتحديث السياسي الذي أطلقها الملك وضمنها بنفسه ، فلم يبق عذرا لأحد أن يشكو أو يتذمر أو ينتقد سلبا .
ربما لدى الكثير من الأردنيين عشرات الملاحظات على الخارطة الحزبية وأداء الكثير من الأحزاب وكيفية تأسيسها ، ولكن التجربة الوطنية على طريق الإصلاح والتطور أكبر من الملاحظات والأحزاب نفسها لأنها أتت بحجم الوطن وهي لازالت ببداياتها ،لذلك من الظلم الحكم عليها وهي في مرحلة فتح البوابة .
والأحزاب التي يتم انتقادها الآن هي أيضا في طور التأسيس ولابد لها عبر مراحل وتجارب كثيرة أن تنضج وتكون على مستوى المطلوب منها .
يجب وطنيا التفريق بين التجربة على مستوى الوطن في السير نحو التحديث السياسي وتطويره وبين العناصر والآليات المشاركة في هذه التجربة التي ستقيم دائما حماية للتجربة من أي خلل .
يجب أن لا نحكم على مسيرة الإصلاح بسبب أخطاء البعض على الطريق ، دعونا ندعم عملية التجديد لنقطف ثمارها ولو ببعض "المرارة" في البداية فالشجرة قبل أن تثمر ثمرا حلوا يكون ثمرها في البداية عجر ، ثم ينضج فنقطف حلاوة الثمر بقليل من الصبر .
لنترك الحديث في التفاصيل والأخطاء الصغيرة ونخلي بين الأردنيين وحرية الاختيار ، والحكم عل ما جرى في السنوات الماضية على كل ما جرى في نهر الإرادة الوطنية في الإصلاح بعيدا عن التنظير والانتقاد الذي لا فائدة منه سوى إرباك الناس والتشويش عليهم.
اجعلوا العاشر من أيلول يوما فارقا قي تاريخ الاردن والأردنيين..