منذ ظهور الاديان وتطور العِلم باتساق، بات التصادم بين هذين القطبين ركيزة اساسية تقسم المجتمعات والشعوب، فنجد من يناصر الدين بشدة وعلى النقيض من يناصر العلم بشدة، فما الحل؟
المنطق والوسطية في التعاطي هو الحل، فمثلا وبكل واقعية، هل نستطيع الاعتماد على الدعاء لحل تلك المسائل التي يحلّها العِلم؟
وعلى الضفة المقابلة، هل يعطي العِلم أيّة روحانيات للناس، قد تضفي على حياتهم شيئا من السكينة والراحة؟
تتلخّص أهمية الاجابات وموقعها بأولوية كلّ منها، فالعلاج قد يكون أهم من الاحساس، والترياق أهم من الشعور، لذلك الاستثمار في العلم والمختبرات قد يكون أهم من بناء المعابد المُذهّبة الفخمة، بيد أنّنا في العالم العربي نميل نحو الدين أكثر، فنجد أن بلدان عديدة تحوي الآف المعابد وعدة مستشفيات أو مدارس، والمخرجات لهذه المعادلة "السلبية النتائج" واضحة على أرض الواقع..
الكنيسة و غاليليو
قبل ثلاثة عقود، و في عهد البابا يوحنا بولس الثاني، تقدّم الفاتيكان رسميا باعتذار شديد للعالم غاليليو غاليلي عن الظلم والقهر الذي وقع عليه عام ١٦٢٣، اعتذار الكنيسة المتأخر نوعا ما، أتى ليضع حدّا فاصلا بين العلم الذي يقوم على مبدأ التجربة والقياس، وما بين الدين الذي يقوم على الحقيقة غير القابلة للنقاش والقياس، وترجم قرون من الفصل الشديد الذي تطوّر معها الغرب، واحيانا انفصل عن المنطق والفطرة في زوايا محدّدة.
ما نحتاجه في عالمنا العربي، هو فصل حقيقي بين المُعتقد والمختبر، فصل لا ينتقص من قدر الدين ولا يقلل من مكانة العلم، بيد أنّ الفصل هذا ينقّي الاديان من المتاجرين بها، ويعطي حرية حركة للعلم لاستمرار التطوير، فعالمنا العربي يعج بالعقول التي تُرجم و تُقهر بسبب قوانين ضحلة، وعندما تهاجر تُبدع وتتألق وتساهم في التطوير في أوطان أخرى، هذه الثورات التي يحتاجها عالمنا العربي، ثورات العقول لا ثورات السياسة التي لا تجلب إلا الفوضى والدمار.
فنجد أن مسميات هذا الفصل تتعدّد، بين المدنية والعلمانية وغيرها من المصطلحات التي خلقت لتترجم هذا الفصل، بينما على أرض الواقع القضية لا تحتاج سوى معادلة بسيطة، تضع أولوية للنتائج الملموسة وفي ذات الوقت تحترم الروحانيات وحرية المُعتقد.