لا جديد مؤثرا بمحادثات الهدنة بين حماس وإسرائيل بوساطة أميركية قطرية مصرية. المرحلة تتسم بالحذر، عنوانها الصبر الاستراتيجي وانتظار استسلام الآخر.
إسرائيل تعتقد أن قبول حماس بالهدنة معناه أنها في ضيق وأنها بحاجة ماسة لانتهاء الحرب، وأنها تتعرض لضغوط ميدانية متنامية من قبل الشعب الفلسطيني في غزة بسبب الأوضاع الكارثية التي يعيشها.
حماس، بالمقابل، تعتقد أن الضغوط الدولية والداخلية الإسرائيلية تضع الحكومة الإسرائيلية في وضع تحتاج هي الأخرى لكي تنهي هذه الحرب وبسرعة، وأن المعارضة الإسرائيلية والرأي العام يستغل ما يحدث ليسدد سهامه السياسية ضد الحكومة لمحاولة إسقاطها.
الحكومة الإسرائيلية برلمانيا مستقرة لأن اليمين المتشدد يعلم أن انسحابه منها يعني سقوطها وقدوم الوسط ويسار الوسط بسياسات تتعارض جوهريا مع تطلعات اليمين، ما جعل نتنياهو في وضع آمن أمام الكنيست. نتنياهو صاحب مصلحة باستمرار الحرب لأنها تحقق مطلب اليمين المتشدد وتعطي حكومته فرص الاستمرار والبقاء السياسي، لذلك هو مستمر بالحرب، ولكن ميدانيا ليست الحرب التي شهدناها في بداية الأزمة وإنما ضمن عمليات عسكرية أقل لكي يخفف الضغوط الدولية على إسرائيل.
هذا هو واقع الحال السياسي، ما أدخل مفاوضات الهدنة حلقة مفرغة من المراوغة والبطء التي يدفع ثمنها الشعب الفلسطيني الذي يعاني الأمرين.
الحرب ستنتهي لا محالة، ولكن من الذي سيدفع ثمنها السياسي، هذا هو محور التفاعل الاستراتيجي الذي يدور حاليا برغبة كل طرف بتعظيم مكاسبه. "الوقت بصالح من" هو جوهر عملية التفاوض ضمن قناعات متباينة لدى الأطراف، وفي الأثناء، يسعى كل طرف لتقليل الضغوط التي يتعرض لها من رأيه العام وشعبه وأن يقنعهم بضرورة الصبر حتر يكسب المعركة.
كلا الطرفين ينزف بأشكال وطرق مختلفة، وكل طرف يعول على استسلام الآخر قبله، لذلك هي معركة الصبر والتحمل التي لا يستطيع أحد التنبؤ بمآلاتها أو أن يتوقع سلوك الطرف الآخر بدقة حتى يستطيع بعدها أن يحدد خطواته القادمة وعوامل قوة المواجهة لديه.
نحن في الأردن والشقيقة مصر الأقرب لما يحدث، كل يحاول أن يتحرك ويوظف أدواته لكي يحقق مصالحه، التي تتطابق مع مصالح الشعب الفلسطيني، وهي إنهاء الحرب وعودة الناس لبيوتها، وبدء الإعمار وعودة الحياة للشعب الفلسطيني في غزة.
هذه مصالح الأردن ومصر ضمن أي صيغة حكم يتفق عليها الفلسطينيون في غزة، سواء كانت عودة السلطة أو وجود حكومة بيروقراط مستقلة ومحايدة مدعومة من قوة أمنية عسكرية أممية أو عربية.
استراتيجيا، مصالح الأردن ومصر بقيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، لأن هذا هو جوهر المشروع الوطني الفلسطيني، وهو ما يحقق الأمن والاستقرار للجميع بما فيها الفلسطينيون والإسرائيليون، ويعطي الشعب الفلسطيني حقه في الحياة والبناء والتقدم كما باقي شعوب الأرض، ليدافع عن ذاته وحضارته وإنسانيته وعروبته، لا أن يبقى شعبا مستعبدا تحت احتلال غاشم ظالم.
الغد