الاصلاح واستشراف المستقبل
د. هايل ودعان الدعجة
30-04-2011 04:18 AM
إن التعاطي الأردني الحكيم والناضج والمدروس مع مطالب الإصلاح السياسية والاقتصادية ، بما هي مطالب المرحلة بروح التفاعل والتكيف و الانسجام ، ما كان له ان يتحقق وياتي بهذة الصورة الحضارية والناضجة ، لولا وجود بنى تحتية سياسية واقتصادية جاهزة لبناء المشروع الاصلاحي الوطني ، بفعل التوجيهات الملكية السامية التي ارست مثل هذة البنى والقواعد ، وهي تحث الحكومات المتعاقبة في اكثر من مناسبة بضرورة انجاز هذا البناء بسرعة لافتة ، ادراكا من قيادتنا الهاشمية الملهمة بمتطلبات المرحلة ، وهي التي جعلت من الاصلاح و التعددية السياسية والحزبية وتفعيل القوانين و التشريعات الناظمة لحقوق الانسان وحرياتة من اولويات الاجندة الوطنية. ولان هذا هو الجو السياسي العام السائد في الاردن في ظل الحس القيادي الاستشرافي والتشخيص الهاشمي المستقبلي ، فان من الطبيعي ان تنصهر المطالب والشعارات التي ترفعها المسيرات الشعبية في بوتقة العمل الاصلاحي الاردني ، كونها اخذت باعتبار قيادتنا منذ فترة زمنية ليست قصيرة ، بدليل تضمينها التصريحات والخطب وكتب التكليف السامية للحكومات المتعاقبة بصورة دائمة ومستمرة.
ليس مستغربا ان تكون من مكونات ورشة العمل الوطنية الرامية الى اعلاء البناء الديمقراطي . فخلال لقائه وفد مساعدي اعضاء الكونجرس الاميركي ، اكد جلالة الملك عبد الله الثاني ان الاردن يعمل على تحقيق الاصلاح الشامل في جميع المجالات ، وفق رؤية اصلاحية تستند الى الحوار بين مختلف مكونات المجتمع تستشرف المستقبل وتسعى الى تعزيز المشاركة الشعبية في عملية صنع القرار ومسيرة التطوير والتحديث ، مشيرا جلالته الى تطلعه الى ان تخرج لجنة الحوار الوطني بتصور واضح حول قانوني الانتخاب والاحزاب ، باعتبارهما من اهم القوانين الناظمة للحياة السياسية .
من هنا يصبح من المنطق طرح التساؤلات و الاستفسارات التي تستفسر عن جدوى الاستمرار في طرح هذة المطالب في المسيرات الشعبية ، طالما انها على جدول أعمال المشهد الوطني وتمر بالمراحل التشريعية والقانونية الكفيلة بتحويلها الى خطوات واجراءات واقعية وملموسة. لا بل تصبح عبارة .. ماذا يريدون؟ الاستفهامية و الاستنكارية مبررة ومشروعة ، لانه ما الفائدة المرجوة من طرح اشياء و مطالب باتت من مكونات المنظومة الوطنية الاصلاحية وفي طريقها الى ان ترى النور . والا فان هناك غايات واجندات خاصة اخرى في ذهنية اصحابها ومطلقيها .
ان مصلحة البلد تقتضي التوقف عندها ، والتعاطي معها بحكمة وحذر ، وذلك حتى لا تذهب او تخرج الامور عن سياقها بحيث تتجة الى ابعد من كونها مجرد شعارات ومطالب ترفعها جهات او تنظيمات او شخصيات مختلفة في المسيرات خاصة ونحن نشاهد قيام الحكومة باتخاذ اجراءات اصلاحية على ارض الواقع ، مثل قانون الاجتماعات العامة ودعم انشاء نقابة المعلمين وتشكيل لجنة الحوار الوطني بهدف انجاز قانوني الانتخابات والاحزاب بوصفهما يحددان معالم طريق الاصلاح ، وبما يتماشى مع المصلحة الوطنية . لذلك فان المطلوب منح الحكومة مساحة من الوقت حتى تاخذ فرصتها في ترجمة المطالب الى خطوات ملموسة ، لتعزيز البناء الديمقراطي عبر وضع الاطر والآليات الكفيلة بقيادة عملية الاصلاح، وتمكين القوى السياسية الفاعلة كافة من المشاركة بالعملية السياسية وصناعة القرار.
(الرأي)