تحديات التعليم الجامعي في عالم "بلا قيود"
د. أشرف الراعي
18-07-2024 01:17 PM
في عالم اليوم المتسارع والمتغير، أصبحت المعرفة مفتوحة، وبات الوصول إليها يتزايد ويتعاظم بشكل غير مسبوق، كما يزداد الاعتماد على الإنترنت والمصادر المفتوحة للتعلم، وبما يسهم في خلق فرص جديدة لتطوير التعليم الجامعي وتعزيز دوره في المجتمع؛ ففي الماضي، كان الوصول إلى المعرفة محدوداً بسبب عدة عوامل منها التكاليف الباهظة للتعليم العالي، والقيود الجغرافية، والاعتماد على الموارد التقليدية، لكننا اليوم، وبفضل الإنترنت والمنصات التعليمية المفتوحة، أصبحنا في عالم متشابك يمكننا من الوصول إلى المكتبات العالمية والدورات المجانية والمحاضرات العلمية في أرقى الجامعات العالمية والمؤسسات الأكاديمية.
وبالتالي، إن هذا التحول يفتح الباب أمام فرص "غير محدودة" لتطوير التعليم الجامعي وجعله أكثر شمولية، وانفتاحاً، لكن ذلك يعني - في ذات السياق - أن التعليم الجامعي اليوم بحاجة إلى إعادة تصور، ليكون أكثر تكاملاً مع هذا العالم المعرفي المفتوح؛ بحيث يمكن للجامعات أن تستفيد من المصادر المفتوحة لتعزيز مناهجها وتقديم برامج تعليمية متكاملة تعتمد على مزيج من التعليم التقليدي والتعليم عبر الإنترنت، وبما يسهم في تقديم تجربة تعليمية فريدة وشاملة.
اليوم يعد التعليم المدمج واحداً من أهم الاتجاهات الحديثة في التعليم الجامعي من خلال دمج الدروس التقليدية بالحضور الفعلي مع المواد التعليمية المتاحة عبر الإنترنت، بحيث يمكن للطلاب الحصول على أفضل المعلومات، مع تعزيز التفاعل بين الطلاب وأساتذتهم، والاستفادة من الموارد التعليمية المتنوعة، كما يمكن للجامعات أن تتعاون مع منصات التعليم المفتوح لتقديم شهادات معتمدة في مختلف المجالات، وبالتالي هذا يعزز من قدرة الطلبة كذلك على الجمع بين الدراسة والعمل.
فبفضل المصادر التعليمية المفتوحة، يمكن للجامعات اليوم أن تلعب دورا محوريا في تعزيز مفهوم التعلم مدى الحياة، كما يمكنها تقديم دورات وورش عمل مفتوحة للعامة، مما يساعد الأفراد على تطوير مهاراتهم ومعرفتهم بشكل مستمر، مع تعزيز تبادل المعرفة والخبرات؛ فمن خلال الشراكات الأكاديمية، يمكن للجامعات أن تقدم برامج تعليمية متعددة الثقافات، وتوفر لطلابها فرصا للتعلم من أفضل العقول حول العالم.
والأردن بالطبع يعتبر من الدول التي تسعى نحو إدماج التعليم المتقدم ونظم التعليم الحديثة من خلال تبني استراتيجيات تعليمية حديثة ومبادرات مدروسة، حيث تمكنت الجامعات الأردنية من تحقيق تقدم في مجالات عدة، وتبنت الجامعات الأردنية التعليم الإلكتروني كجزء أساسي من مناهجها، مما ساعد في توسيع نطاق الوصول إلى التعليم العالي وتقديم فرص تعليمية مرنة ومتنوعة للطلاب من مختلف الخلفيات من خلال إبرام شراكات مع جامعات ومؤسسات تعليمية عالمية.
كما تمكنت الجامعات الأردنية من الاستفادة من الخبرات والمعرفة العالمية، وتوفير برامج تعليمية مشتركة تعزز من جودة التعليم وتوسع من أفق الطلاب، فضلا عن الاستثمار في البنية التحتية التقنية وتوفير منصات تعليمية متقدمة، وبما يسهم في تحسين جودة التعليم وزيادة كفاءة العملية التعليمية، لكننا اليوم بحاجة ماسة إلى تطوير مهارات الأكاديميين في استخدام التكنولوجيا الحديثة وأساليب التدريس المتقدمة، مما ينعكس إيجاباً على جودة التعليم، وتوسيع التجربة وتجاوز تحدياتها والاطلاع على التجارب والمبادرات العالمية في هذا القطاع الذي يعد رافداً مهماً لبقية القطاعات في الدولة.
كما أن من أبرز هذه التحديات التي يجب الوقوف عليها ضمان جودة المحتوى التعليمي المتاح عبر الإنترنت، وحماية حقوق الملكية الفكرية، في ظل ثورة تعليمية حقيقية، يقف على أعتابها التعليم الجامعي وتتيحها المصادر التعليمية المفتوحة حتى تلعب الجامعات دورا رئيسيا في تشكيل مستقبل التعليم وتحقيق تطور حقيقي في المجتمع عبر تحسين وتطوير الأنظمة التعليمية بشكل حقيقي وملموس.