السنيد يكتب: الدولة الأردنية وضرورات التغير الاجتماعي
علي السنيد
18-07-2024 11:33 AM
يرزح المجتمع الاردني منذ عقود خلت تحت أعباء كبيرة ناجمة عن بعض العادات الاجتماعية المكلفة، وهي عادات مرتبطة بإتمام مراسم الزواج، وما يتخللها من جاهات ، وكذلك الاتراح، ومتعلقاتها من ولائم عامة ، وهي مناسبات تقع في حياة كل اسرة اردنية.
وهذا الحال يدعو الى اعادة النظر في الموروث الاجتماعي لمواجهة حالة التذمر الصامت التي تبديها مختلف الشرائح الاجتماعية، وقد وجد الاردنيون انفسهم اسرى هذا الواقع الصعب، وهم يدورون في دوامة الاعباء الباهظة المتواصلة دون وضع الحلول المناسبة لها .
وهذه العادات والتقاليد المكلفة اقتصاديا يمكن من خلال ايجاد تفاهم مجتمعي من تقليل كلفها على موازنات الاسر الاردنية، ويمكن تبسيط الاجراءات التي تتم بها ، ووقف المظاهر الاجتماعية المرافقة لها.
وحبذا لو ان مؤسسات الدولة الاردنية المعنية تلتقط الاشارات التي يطلقها المجتمع الاردني المثقل بالأعباء الاجتماعية كي يصار لإعادة النظر في كيفية تطوير منظومة العادات والتقاليد الاردنية، وتجديدها بما يتناسب مع تطور الحياة، ومع الظروف الاقتصادية الصعبة التي يواجهها المجتمع.
وتستطيع احداث التوافق الوطني المنشود من خلال الشراكة مع وجهاء المجتمع الاردني لإبرام عقد اجتماعي جديد تستنقذ فيه المجتمع من اعبائه التي يرزح تحتها.
ويمكن تقديم رؤية تقدمية لتطوير المجتمع، وبالاعتماد على دراسات واقعية حول الاثار المالية المترتبة على المناسبات الاجتماعية التي تحدث في كل بيت أردني، وتقديم الحلول المناسبة.
ومن المهم مراجعة حركة الجاهات التي تتم في كل القرى، والمحافظات الاردنية، والتي عادة ما تنتظم مئات المدعوين، وقد تتحرك الجاهات من محافظة الى اخرى محملة بمئات السيارات والحافلات، وهو ما يؤثر على حركة السير، وكذلك يستلزم حجز الصالات، وتقديم الضيافة لأعداد غفيرة، ويمكن اختصار الجاهات بعشرين شخصا من كل طرف خاصة، وان كثيرا من الجاهات تطلب يد العروس ، ويكون عقد القران قد تم اجراؤه مسبقا.
وكذلك يمكن احداث التفاهم المجتمعي حيال الاعراس بوقف عادة ارتباط النقوط بعمل طعام عام، وهو ما يفضي الى استنزاف المجتمع فيما لا طائل منه سواء لأهل الحفل، او للمعزومين، ويمكن حصر حفل الاستقبال في اطار العشيرة الواحدة واقتصار الضيافة على تقديم الحلوى، وهذا من شأنه ان يخفف العبء الاجتماعي على الاف الناس، وسكان القرى البعيدة، والمحافظات الذين يجدون انفسهم في كل نهاية اسبوع، وعلى مدار فترة الصيف يدورون من مناسبة الى اخرى، ويتكلفون فوق طاقتهم، وذلك تلبية للدعوات التي تردهم من كل حدب وصوب في عرض اجتماعي مرهق ولا يتوقف.
وفي المناسبات الحزينة وفقدان الأحبة، ووقوع مصيبة الموت الذي يكتنف حياة كل البشر فيمكن اجراء تعديل على مراسم التعزية، واقتصارها على حضور الجنائز، وانتهاء المراسم عند الدفن، ووقف عادة اقامة طعام عام يضطر اهل المتوفى لتقديمه للحضور، وكذلك فتح الصالات لعدة ايام، مع ما يتخللها من ضيافة لازمة، ويمكن احداث التفاهم المجتمعي على الاقل باقتصار العزاء على اليوم الاول فقط.
ويمكن في الاطار العام توجيه الاغنياء الى سد حاجة الفقراء في مناطقهم واستبدالها بعادة اقامة الولائم العامة التي تستقطب عشرات السياسيين ، والوجهاء ، ومن لا يعوزهم الطعام حيث الاطعام هو للمساكين، وبالتالي توجيه العمل الخيري نحو مستحقيه الحقيقين من أبناء المجتمع.
وعلى السياسيين، واصحاب المناصب مراعاة لظروف المجتمع من ان لا يشجعوا على الجاهات الكبيرة، والتي ادت الى التنافس الحاد في الاستعراض الاجتماعي.
ويهمني ان اشير الى ان الولائم العامة في الاردن التي يستخدم فيها المنسف ما تزال تقدم من خلال اواني كبيرة تفضي الى تلف نحو 80 بالمئة من الطعام ، وهو الذي يحتوي على مادتي الارز ، والخبز، والتي تعد من اهم المواد الغذائية في العالم.
ونحن نحتاج الى تطوير الية مناسبة لتقديم المنسف- الذي يعد بمثابة طبق وطني- وهو محبب لكل الاردنيين، ولوقف الهدر على هذا الصعيد.