facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




شعب الأنا .. والنَفَس القصير ..


محمود الدباس - ابو الليث
17-07-2024 12:03 PM

في زمنٍ ليس ببعيد.. كانت العشائر والعائلات الأردنية تعيش في تآزر وتلاحم.. حيث لم تكن هناك كلمة "أنا" تتردد كثيراً بين أفرادها.. كانوا يحرثون الأرض معاً.. ويحصدون المحصول يداً بيد.. يبنون البيوت بأيديهم المتشابكة.. النساء يجتمعن لغزل الصوف وحياكته.. ينسجون بيوت الشَعر التي تظلهم وتجمعهم تحت سقف واحد.. في مشهدٍ يعكس الروح الجماعية والقوة في الاتحاد..

لكن وللأسف.. تغيرت الأيام.. وتغيرت معها القيم والمفاهيم.. أصبحت "الأنا" سيدة الموقف.. وصار الفرد يسعى لتحقيق إنجازاته الشخصية بسرعة.. ودون الالتفات إلى الجهد الجماعي.. فتربينا على أن نعمل بشكل منفرد.. واعتدنا أن نكون محاربين في ساحات النجاح الشخصي.. نتسابق لقطف الثمار دون انتظار نضوجها.. وهذا ما جعلنا أصحاب "النفس القصير"..

نرى هذا السلوك جلياً في مختلف مناحي حياتنا.. نتطلع دائماً إلى النتائج السريعة.. والنجاحات اللحظية.. بعيداً عن العمل التراكمي الجمعي.. والذي يتطلب الصبر والمثابرة والإيثار..

هذا الانفصال عن جذورنا الجماعية.. أثر على طموحاتنا وأهدافنا.. حيث أصبحت قصيرة المدى.. ومحدودة الرؤية.. وبدى واضحا ان الهدف الرئيس منها.. تسجيل إنجازاتنا الفردية بأسمائنا الخاصة..

هذا السلوك الفردي لم يقتصر على الحياة اليومية فقط.. بل امتد ليشمل ممثلي الشعب في البرلمان.. فيعمل كل نائب بمفرده.. ليُظهر لقواعده الانتخابية أنه هو من ناضل لأجل قانون ما أو لتحسين خدمة معينة.. لا يكترث الكثير من النواب للعمل الجماعي مع زملائهم لتشكيل مجموعة ضغط أقوى.. مما يفوت الفرصة لتحقيق إنجازات أكبر.. والتعديل على القوانين بشكل أفضل.. هذا التفرد في العمل يعكس بوضوح أثر "الأنا" المتغلغلة في مجتمعنا.. ويجعلنا نفتقد القوة الحقيقية التي تأتي من التعاون والتكامل..

حتى المسؤول.. يسعى إلى إنجاز مشاريع تحتاج لسنوات من الدراسة والتنفيذ على مراحل حقيقية وسليمة.. فيقوم باختصار الكثير من الأمور.. ليكمل المشروع في فترة توليه الإدارة تلك.. ليتم تسجيل الإنجاز باسمه وفي زمنه.. حتى وإن كان على حساب جودة المشروع..
هذا السعي وراء الإنجازات السريعة.. يعكس بوضوح العقلية التي تفضل النتائج الفورية على التخطيط السليم والتنفيذ المتقن..

ولا يفوتني هنا التعريج على المسلسلات الأردنية.. والتي تقدم نفسها كمرآة لواقعنا الاجتماعي.. تغطي هذه المسلسلات مجموعة كبيرة من القضايا.. محاولةً حلها جميعاً في آن واحد.. هذا التوجه ينبع من نفس الفكرة.. وهي الرغبة في تسجيل الإنجازات وحل المشكلات بشكل سريع.. حتى يتسنى للمنتجين والممثلين نيل شرف حل كل القضايا وتسجيلها بأسمائهم.. وكأنهم لن ينتجوا ويمثلوا غير ذلك المسلسل..

إن هذا التحول من المجتمع المتماسك إلى المجتمع الفردي لا يعكس ضعفًا في قدراتنا.. بل هو نتاج تغيير في القيم والتربية..

ختاما.. وحتى نكون متفائلين.. اقولها وكلي ثقة بمعدننا الاصيل.. لا يزال فينا الخير والقدرة على العودة إلى العمل الجماعي المشترك.. فالجذور التي تربطنا بتلك الأيام الخوالي لا تزال قوية.. تنتظر منا فقط أن نَرويها بروح التعاون والتآزر من جديد..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :